الإمارات «شريك دفاعي رئيسي» لأمريكا.. رسائل ودلالات
دلالات عديدة ورسائل مهمة حملها إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن دولة الإمارات العربية المتحدة "شريكاً دفاعياً رئيسياً" للولايات المتحدة.
الإعلان جاء عقب قمة جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ونظيره الأمريكي في البيت الأبيض مساء الإثنين، تم خلالها بحث العلاقات الاستراتيجية التي تجمع دولة الإمارات والولايات المتحدة والعمل المشترك على تعزيز هذه العلاقات في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المشتركة، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
- محمد بن زايد: حريصون على تعزيز التعاون مع أمريكا من أجل سلام الشرق الأوسط والعالم
- محمد بن زايد وهاريس.. مباحثات لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين (فيديو)
وقال البيت الأبيض في بيان، عقب القمة، إن الرئيس بايدن أعلن دولة الإمارات العربية المتحدة "شريكاً دفاعياً رئيسياً" للولايات المتحدة.
أهمية خاصة
خطوة تحمل أهمية خاصة لعدة أسباب من أبرزها:
1- تعد دولة الإمارات العربية المتحدة هي أول دول عربية وشرق أوسطية تحصل على مثل تلك الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
2- تعد دولة الإمارات العربية المتحدة أول دولة تحصل على تلك الشراكة في عهد الرئيس بايدن.
3- تعد دولة الإمارات العربية المتحدة أول دولة تحصل على تلك الشراكة منذ 8 سنوات، فيما كانت أول دولة هي الهند عام 2016، وأصبحت الإمارات هي ثاني دولة في العالم بعد الهند التي تعد شريكاً دفاعياً رئيسياً" للولايات المتحدة.
4- ستسهم تلك الشراكة في تعزيز التعاون الدفاعي بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، سواء من خلال التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة بين البلدين أو مع شركائهما المشتركين.
5- ستسهم تلك الشراكة في زيادة التعاون الإماراتي - الأمريكي لمواجهة الإرهاب ومكافحة التطرف ومجابهة مختلف التحديات.
6- سيسهم التعاون بين الدولتين في دعم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
7- توطيد التعاون الوثيق في المسائل الدفاعية والأمنية، ودعم الجهود التي تبذلها الدولتان للحفاظ على الأمن في المنطقة بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص.
ثقة وتقدير
أيضا تحمل تلك الخطوة رسائل ودلالات هامة من أبرزها:
1- التقدير الأمريكي الكبير للقيادة الشخصية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وهو ما سبق أن عبر عنه الرئيس الأمريكي أكثر من مرة، عبر إشادات متتالية بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان وقيادته.
2- تعكس تلك الخطوة الرغبة الأمريكية في دفع الشراكة الاستراتيجية التي تربطها بالإمارات إلى آفاق أرحب.
وعبر عن ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن في تغريدة له عبر حسابه في موقع "إكس" عقب القمة، قال فيها :"تحدثت اليوم مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حول دفع علاقات بلدينا إلى الأمام - بما في ذلك أن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة شريكا دفاعيا رئيسيا للولايات المتحدة".
وستصبح الشراكة الجديدة علامة فارقة ومحطة هامة في تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات.
3- تجسد الثقة الأمريكية في الدور الإماراتي المتنامي في دعم الأمن والاستقرار والمنطقة والعالم وحل مختلف الأزمات، والسعي لدعم هذا الدور.
ولعبت الدبلوماسية الإماراتية خلال الفترة الماضية دورا محوريا في العمل على احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات على صعيد المنطقة أو خارجها وسعت بشكل دؤوب ومستمر لتعزيز برامج مساعداتها الإنسانية والإغاثية.
فعلى مدار الفترة القليلة الماضية، تلقت دولة الإمارات أكثر من إشادة أمريكية بدورها في غزة ودعمها الإنساني اللامحدود الذي تترجمه الأرقام والإحصاءات لإغاثة ودعم أبناء القطاع منذ بدء الحرب على غزة أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأكدت دولة الإمارات مرارا دعمها للمساعي الأمريكية المبذولة بالتعاون مع الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار بما يسهم في حماية أرواح كافة المدنيين.
على صعيد الأزمة السودانية، تلعب الإمارات وأمريكا دورا بارزا لحل الأزمة، عبر (منصة متحالفين لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان) التي تم إنشاؤها حديثًا وتضم دولة الإمارات والسعودية والولايات المتحدة ومصر وسويسرا والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وقبل نحو 10 أيام نجحت وساطة إماراتية جديدة لتبادل الأسرى بين كييف وموسكو شملت 206 أسرى، مناصفة من الجانبين، تكون بها نجحت الإمارات في إتمام تبادل 1994 أسيرا عبر 8 وساطات خلال العام الجاري..
وتبقي دولة الإمارات عبر نجاح الوساطة نافذة أمل لحل سياسي ودبلوماسي لتلك الأزمة التي تجاوزت العامين.
وتعليقا على إعلان بايدن دولة الإمارات شريكا دفاعيا رئيسيا للولايات المتحدة غرد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن معربا عن "التطلع إلى تعميق الشراكة الأمنية والدفاعية الديناميكية مع دولة الإمارات العربية المتحدة لبناء منطقة شرق أوسط أكثر استقرارًا وأمانًا وسلامًا وازدهارًا."
أمر يؤكد التقدير الأمريكي الكبير للدور المسئول الذي تمارسه دولة الإمارات في محيطها العربي والإقليمي وانخراطها الفاعل في حل أزمات المنطقة.. فضلا عن مواقفها المتوازنة إزاء القضايا ذات الصلة بالأمن والسلم الدوليين.
4- تبرز تلك الخطوة وجود توافق إلى حد كبير بين الدولتين في وجهات نظيريهما ورؤاهما لمعالجة مختلف الأزمات، وهو ما ظهر جليا خلال القمة التي جمعت الزعيمين الإماراتي والأمريكي في البيت الأبيض مساء الإثنين.
وبحث الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك تركزت حول التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الأزمة الإنسانية في قطاع غزة والجهود المبذولة تجاه وقف إطلاق النار في القطاع بما يسمح بتدفق المساعدات الإنسانية الكافية دون عوائق واحتواء التصعيد في المنطقة الذي يهدد أمنها واستقرارها .
وثمن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا السياق مبادرة الرئيس جو بايدن وجهود الوساطة المشتركة التي تقوم بها الولايات المتحدة وجمهورية مصر العربية ودولة قطر للتوصل إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.. مؤكداً أهمية مواصلة هذه الجهود بوصفها خطوة أولى في الطريق نحو استئناف المسار السياسي لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم الذي يقوم على أساس "حل الدولتين" ما يضمن الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كافة.
وشدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على حرص الإمارات على مواصلة تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل رؤاهما المشتركة بشأن العمل من أجل السلام والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط والعالم وبناء موقف دولي فاعل تجاه التحديات العالمية المشتركة.. وذلك انطلاقا من نهج دولة الإمارات الثابت تجاه دعم الاستقرار والسلام والتنمية على المستويين الإقليمي والعالمي من خلال العمل الدولي الجماعي متعدد الأطراف.
وأكد الجانبان خلال اللقاء حرصهما على مواصلة تعزيز علاقات التعاون الاستراتيجي بين البلدين في ظل الاهتمام الذي توليه قيادتاهما لتطوير هذه العلاقات بما يحقق مصالحهما المشتركة.
كما أكد الجانبان في ختام لقائهما حرص البلدين على بذل مزيد من الجهود لاحتواء الأزمات التي تشهدها المنطقة والحد من تفاقم الأوضاع الإنسانية فيها ودعم أسس أمنها واستقرارها.
5- خطوة تعكس أيضا التقدير الأمريكي للقوات المسلحة الإماراتية على جهودها المتواصلة في التعاون العسكري معها ورغبة في التأسيس لتعاون مستدام.
وسبق أن أشار الرئيس بايدن خلال قمة جمعته بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان في جدة يوليو/ تموز 2022 إلى أن دولة الإمارات هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي نشرت قواتها العسكرية إلى جانب الجيش الأمريكي في كل تحالف أمني دولي شاركت فيه الولايات المتحدة منذ درع الصحراء / عاصفة الصحراء في 1990-1991، كما نوّه الجانبان بالتعاون الوثيق المستمر منذ عقود في مهمة بلديهما المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
محطة تاريخية
وبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الإثنين، زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية تعد الأولى من نوعها له منذ توليه رئاسة الإمارات في 14 مايو/أيار 2022.
وتعد القمة التي جمعت الرئيس الإمارات وبايدن خلال الزيارة التاسعة ضمن سلسلة قمم ولقاءات جمعت الزعيمين خلال نحو عامين، فيما يعتبر رقمًا قياسيًا من القمم واللقاءات، يُعد الأكبر الذي يجمع زعيما عربيا بالرئيس الأمريكي خلال تلك الفترة القصيرة، مما يبرز العلاقات المتنامية بين البلدين، والشراكة الاستراتيجية التي تربطهما.
كما تعد هي ثالث قمة ثنائية تجمع الزعيمين، حيث كانت أول قمة ثنائية تجمع الزعيمين، على هامش قمة "جدة للأمن والتنمية" في 16 يوليو/تموز 2022، وقدم خلالها بايدن دعوة إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية.
وصدر في ختام اللقاء بيان مشترك أكد فيه الجانبان التزامهما بتعميق التعاون الأمني المكثف، والذي جعل كلا البلدين أكثر أماناً وإسهاماً في السلام والاستقرار الإقليميين.
القمة الثنائية الثانية التي جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والرئيس بايدن عقدت في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 عن بعد، غداة توقيع البلدين شراكة استراتيجية لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 غيغاواط في كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم، بحلول عام 2035، بهدف تعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا النظيفة ودعم العمل المناخي.
وإلى جانب المباحثات الثنائية، شارك الزعيمان في 6 قمم دولية، تركزت على سبل مواجهة التحديات العالمية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والبيئية والإنسانية، وعلى رأسها أمن الطاقة وأزمة تغير المناخ والأزمة الأوكرانية وبحث جهود تعزيز التنمية المستدامة.
وتأتي الزيارة في إطار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، التي حافظت على عمقها وثباتها منذ البدايات، إذ تعد الإمارات من أبرز الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والعالم.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية مع تأسيس دولة الإمارات عام 1971.
وكانت الولايات المتحدة الدولة الثالثة التي تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع دولة الإمارات ولها سفارة فيها منذ عام 1974.
وتجسد الزيارة نهج دولة الإمارات في تقوية جسور الشراكة، وتعزيز الحوار، وبناء علاقات فاعلة ومتوازنة، تقوم على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم، لتعزيز الاستقرار والسلام الدوليين، وتحقيق التنمية والازدهار لجميع الشعوب.
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA= جزيرة ام اند امز