محمد بن زايد: حريصون على تعزيز التعاون مع أمريكا من أجل سلام الشرق الأوسط والعالم
بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والرئيس الأمريكي جو بايدن، العلاقات الاستراتيجية التي تجمع دولة الإمارات والولايات المتحدة، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
جاء ذلك خلال استقبال جو بايدن في البيت الأبيض، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والوفد المرافق في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى الولايات المتحدة.
ورحب الرئيس الأمريكي بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مؤكداً أهمية الزيارة في تعزيز علاقات التعاون الاستراتيجي بين البلدين على جميع المستويات.
واستعرض الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس الأمريكي آفاق التعاون وأهمية توسيع مجالاته خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء، إضافة إلى الطاقة المتجددة ومواجهة التغير المناخي والأمن الغذائي وحلول الاستدامة وغيرها من الجوانب التي تخدم رؤية البلدين تجاه تحقيق مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً للجميع، في إطار العلاقات التاريخية التي تمتد إلى أكثر من خمسين عاماً والشراكة المتنوعة والممتدة التي تجمع البلدين.
كما بحث الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك تركزت حول التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الأزمة الإنسانية في قطاع غزة والجهود المبذولة تجاه وقف إطلاق النار في القطاع بما يسمح بتدفق المساعدات الإنسانية الكافية دون عوائق واحتواء التصعيد في المنطقة الذي يهدد أمنها واستقرارها..
وثمن في هذا السياق مبادرة الرئيس جو بايدن وجهود الوساطة المشتركة التي تقوم بها الولايات المتحدة ومصر ودولة قطر للتوصل إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بجهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة، إلى جانب مصر وقطر، للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم ومستدام وإطلاق سراح الأسرى للمساعدة في إنهاء الحرب في غزة.
كما شدد على أهمية خلق أفق سياسي جاد للمفاوضات.
وتحقيقا لهذه الغاية، ناقش الجانبان مسار الاستقرار والتعافي الذي يستجيب للأزمة الإنسانية، ويرسي القانون والنظام.
وأعرب الجانبان عن التزامهما بحل الدولتين، حيث تعيش دولة فلسطينية ذات سيادة ومتصلة جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل، باعتباره السبيل الوحيد لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقًا للمعايير المعترف بها دوليًا ومبادرة السلام العربية.
شراكة دفاعية
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن دولة الإمارات شريكا دفاعيا رئيسيا للولايات المتحدة، اعترافًا بالشراكة المتعمقة بين البلدين.
وقال البيت الأبيض، في بيان، أعقب لقاء جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس بايدن، إن "الرئيس بايدن اعترف اليوم بدولة الإمارات كشريك دفاعي رئيسي للولايات المتحدة، بعد الهند فقط".
وأضاف أن ذلك :"جاء اعترافًا بالشراكة الأمنية المتعمقة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات والتعاون في التكنولوجيا المتقدمة والمصلحة المشتركة في منع الصراعات وخفض التصعيد".
وأوضح أن هذا يأتي في إطار "تعزيز التعاون الدفاعي والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا والمحيط الهندي".
ماذا يعني ذلك؟
وسيسمح هذا الإعلان الفريد عن دولة الإمارات كشريك دفاعي رئيسي بتعاون غير مسبوق من خلال التدريبات المشتركة والمناورات والتعاون العسكري بين القوات المسلحة للولايات المتحدة ودولة الإمارات والهند، فضلاً عن الشركاء العسكريين المشتركين الآخرين، لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وقد عبر الجانبان عن التزامهما بالتعاون الوثيق والمستدام بين القوات المسلحة لكلا البلدين.
شركاء في الأمن والدفاع
وأشاد الشيخ محمد بن زايد والرئيس بايدن بالشراكة الأمنية والدفاعية القوية بين البلدين.
وأكد بايدن بقوة على التزام الولايات المتحدة بأمن دولة الإمارات، وتسهيل حصولها على القدرات اللازمة للدفاع عن شعبها وإقليمها ضد التهديدات الخارجية.
وشدد الجانبان على التزامهما بعلاقة أمنية ودفاعية ثنائية قوية وتوسيع التعاون الدفاعي والأمني لتعزيز قدرات الدفاع المشتركة ضد التهديدات الخارجية، بما في ذلك من خلال برنامج الشراكة بين الدول التابع لوزارة الدفاع.
وأشارا إلى الرؤية المشتركة لمنطقة مترابطة وسلمية ومتسامحة ومزدهرة، كما حددها الرئيس بايدن خلال اجتماع قمة دول مجلس التعاون الخليجي+ 3 في جدة بالمملكة العربية السعودية في 16 يوليو/تموز 2022.
واستعرضا التعاون في مجال السلام، بما في ذلك الدعم الذي تقدمه دولة الإمارات لمهام مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة لردع التهديدات وتهدئة الصراعات وتقليل التوترات على مستوى العالم.
وعلى وجه التحديد، استذكر قائدا البلدين وقوف دولة الإمارات والولايات المتحدة جنبًا إلى جنب في التحالف العالمي ضد داعش.
واستعرض الجانبان المبادرات والاستثمارات الجارية في الأنظمة المتقدمة التي جعلت دولة الإمارات واحدة من أكثر الشركاء العسكريين للولايات المتحدة كفاءة في المنطقة، بالإضافة إلى التدريبات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وأكد الزعيمان على أهمية تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة التهديدات الإقليمية، وتعزيز مبادرات مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن البحري وجهود مكافحة القرصنة، وزيادة التعاون الأمني.
وناقش الزعيمان تعميق الاستثمار في أنظمة الدفاع الأمريكية، وأقرا بأن التعاون العسكري مع القوات المسلحة الإماراتية يساعد في ضمان التوافق مع الولايات المتحدة من خلال توفير المواد والخدمات الدفاعية المتقدمة.
وقررا كذلك استكشاف الاستثمارات المحتملة في أنظمتنا الدفاعية الأكثر تقدماً والحفاظ على التبادلات المنتظمة لتعميق الشراكة في البحث والتطوير.
وأكد الزعيمان على اتفاقية التعاون الدفاعي لعام 2017، وهي خطوة مهمة لكلا البلدين تؤكد على تعاونهما الحيوي وطويل الأمد في هزيمة الجماعات الإرهابية، مثل داعش والقاعدة، وتأمين الاستقرار الإقليمي، ومكافحة التهديدات ضد مصالحهما المشتركة بما في ذلك تمويل الإرهاب.
وأكدا على أهمية الحوار العسكري المشترك السنوي باعتباره المنتدى الدفاعي الثنائي الأبرز لتعزيز الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات، بما في ذلك مراجعة المصالح الأمنية المشتركة، فضلاً عن مناقشة الأهداف الاستراتيجية للعلاقة والتحديات في المنطقة، مثل الأمن البحري، ومكافحة القرصنة، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وغيرها.
وأشارا كذلك إلى اعتراف مجلس الأمن في القرار 2686 بأن خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وأشكال التعصب ذات الصلة والتمييز بين الجنسين وأعمال التطرف يمكن أن تساهم في دفع اندلاع الصراع وتصعيده وتكراره.
شركاء في شرق أوسط مستقر ومزدهر
وناقش الجانبان التهديدات المستمرة للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط والمنطقة.
وجددا التزامهما بدعم القانون الدولي، وخاصة القانون الإنساني الدولي، والعمل مع الأطراف لحل النزاعات وحماية المدنيين، وتقديم المساعدات العاجلة اللازمة لتخفيف المعاناة الإنسانية.
وأكدا أهمية الحلول المستدامة والدائمة للتهديدات الأمنية في المنطقة، بما في ذلك تلك التي تشكلها الجهات الإرهابية غير التابعة للدول.
وناقشا الأهمية الدائمة للاستمرار على طريق السلام والتكامل والازدهار في المنطقة.
وأكد الجانبان على أهمية التوصل إلى حل سلمي للنزاع حول الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية، وفقًا لقواعد القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
وشددا على ضرورة الامتناع عن كل التدابير الأحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، والحفاظ على الوضع الراهن التاريخي للأماكن المقدسة في القدس، مع الاعتراف بالدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في هذا الصدد.
الأوضاع في السودان
وفيما يتعلق بالصراع في السودان، أعرب الجانبان عن قلقهما العميق إزاء التأثير المأساوي الذي خلفته أعمال العنف على الشعب السوداني وعلى الدول المجاورة.
وأعرب عن انزعاجهما إزاء ملايين الأفراد الذين نزحوا بسبب الحرب، ومئات الآلاف الذين يعانون من المجاعة، والفظائع التي ارتكبها طرفي القتال ضد السكان المدنيين.
وشددا على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع في السودان.
وأكدا على موقفهما الثابت والثابت بشأن ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة وفورية لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية، والعودة إلى العملية السياسية، والانتقال إلى الحكم المدني.
وجددا التأكيد على التزامهما المشترك بتهدئة الصراع، وتخفيف معاناة شعب السودان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوداني، ومنع السودان من جذب شبكات إرهابية عابرة للحدود مرة أخرى.
وأشارا إلى قلقهما المشترك إزاء خطر وقوع فظائع وشيكة، وخاصة مع استمرار القتال في دارفور، وأكدوا على ضرورة امتثال جميع أطراف الصراع لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، ومحاسبة جميع الأفراد والجماعات التي ترتكب جرائم حرب.
وشددا على أن الأولوية الآن يجب أن تكون لحماية المدنيين، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن، وتأمين فترات توقف إنسانية من أجل زيادة وتسهيل حركة المساعدات الإنسانية إلى البلاد وعبر خطوط الصراع، وضمان تسليم المساعدات إلى المحتاجين، وخاصة الأكثر ضعفاً.
وأكد أهمية مواصلة هذه الجهود بوصفها خطوة أولى في الطريق نحو استئناف المسار السياسي لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم الذي يقوم على أساس "حل الدولتين" ما يضمن الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كافة.
كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات أن دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية تجمعهما علاقات صداقة وتحالف استراتيجي متين يقوم على أسس راسخة من الثقة والاحترام المتبادلين والمصالح المشتركة، إضافة إلى ارتكازها على تاريخ طويل من التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها.
وشدد على حرص دولة الإمارات على مواصلة تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل رؤاهما المشتركة بشأن العمل من أجل السلام والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط والعالم وبناء موقف دولي فاعل تجاه التحديات العالمية المشتركة، انطلاقا من نهج دولة الإمارات الثابت تجاه دعم الاستقرار والسلام والتنمية على المستويين الإقليمي والعالمي من خلال العمل الدولي الجماعي متعدد الأطراف.
وأكد الجانبان خلال اللقاء حرصهما على مواصلة تعزيز علاقات التعاون الاستراتيجي بين البلدين في ظل الاهتمام الذي توليه قيادتاهما لتطوير هذه العلاقات بما يحقق مصالحهما المشتركة.
كما أكدا في ختام لقائهما حرص البلدين على بذل مزيد من الجهود لاحتواء الأزمات التي تشهدها المنطقة، والحد من تفاقم الأوضاع الإنسانية فيها ودعم أسس أمنها واستقرارها.