4 رسائل إماراتية لقطر تحبط مؤامرة جديدة
الرسائل الأربع تضمنتها تغريدة لقرقاش جاءت في ظل محاولات الدوحة لحل الأزمة -التي بدأت بمقاطعة عربية لها 5 يونيو 2017- لدعمها للإرهاب
4 رسائل إماراتية واضحة وجهها الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، إلى قطر، جاءت في خضم محاولات مستميتة لحل أزمتها.
الرسائل قطعت الطريق أمام محاولة قطرية جديدة لإثارة الفتنة بين دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، وخصوصا الإمارات والسعودية.
الرسائل الأربع تضمنتها تغريدة لقرقاش جاءت في ظل محاولات من الدوحة لحل الأزمة - التي بدأت بمقاطعة عربية لها 5 يونيو/حزيران 2017 ، لدعمها للإرهاب- عبر محاولات عبثية لتفكيك تحالف الرباعي العربي، ومحاولة "شيطنة الإمارات" والإساءة لرموزها وتحميلها مسؤولية عدم حل أزمة قطر، عبر حملات أكاذيب وافتراءات مواصلة.
وغرد قرقاش، الجمعة، قائلا: "موقفنا تجاه أزمة قطر شفاف وواضح وضوح الشمس، فنحن طرف ضمن موقف رباعي موحد اضطر إلى اتخاذ إجراءات رادعة تمنع الضرر عن الدول الأربع وتحمي أمنها. وفي هذا السياق نثق ثقة مطلقة في حكمة المملكة العربية السعودية الشقيقة وحزمها في إدارة هذه الأزمة بما يحقق المصلحة المشتركة".
وبقراءة متأنية للتغريدة، يمكن التوصل أنها تتضمن 4 رسائل واضحة، لكل منها دلالاتها، تستعرضها "العين الإخبارية" في التقرير التالي:
موقف الإمارات شفاف وواضح
الدكتور أنور قرقاش أكد أن موقف الإمارات تجاه أزمة قطر شفاف وواضح وضوح الشمس، وهنا رسالة واضحة لقطر وللإعلام الممول منها ومن يدور في فلكها، ليقطع الطريق أمام التأويلات المزعومة والتسريبات المفبركة والاستنتاجات الخاطئة بشأن موقف الإمارات من الأزمة.
موقف الإمارات واضح، وليس لديها ما تخفيه، وما تقوله داخل الغرف المغلقة هو ما تجاهر به أمام مواطنيها والرأي العام العربي والدولي.
وفي هذا الصدد لطالما أكدت الإمارات أن الأساس في حل أزمة قطر يكمن في "معالجة جذور الأزمة بين قطر والدول الأربع"، وتلبيتها لمطالب الدول الأربع، وهو موقف ثابت وراسخ وواضح لم يتبدل ولم يتغير.
موقف دول الرباعي العربي موحد
هذا الموقف الإماراتي الذي يتلخص في أن حل أزمة قطر يكمن في "معالجة جذور الأزمة" وتلبيتها لمطالب دول الرباعي العربي، هو نفسه موقف التحالف الرباعي الداعم لمكافحة الإرهاب، فموقف الدول الأربع واحد موحد، وجميعهم على قلب رجل واحد، ولا تستأثر الإمارات برأي ولا تنفرد بقرار، كما تحاول حملات الافتراء القطرية أن توحي.
وعبرت دول الرباعي العربي في مناسبات مختلفة وعلى مدار أعوام المقاطعة على نفس الموقف.
وأكدت الدول الأربع مرارا أن رهان قطر على معيار الوقت أو تفكيك التحالف لحل أزمتها دون حل مسببات الأزمة، هو رهان خاسر ولا حل للأزمة دون تلبية مطالب الرباعي العربي، وأن كل محاولات الدوحة العبثية لحل تلك الأزمة دون معالجة أسبابها لن تجدي.
وفي تصريحات له قبل أيام، أكد سامح شكرى، وزير الخارجية المصري ، إن موقف الرباعي العربي "ثابت ولم يتغير" فيما يتعلق بأزمة قطر.
أيضا قوبلت محاولات قطر لاستجداء الحوار دول حل مسببات الأزمة برد قوي من السعودية، حيث رد السفير عبد الله بن يحيى المعلمي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة على محاولات استجداء الحوار، واستغلال عامل الوقت، في تصريحات له الشهر الماضي، مؤكدا أن " القضية ليس قضية حوار، بل قضية مبادئ يجب الالتزام بها".
وشدد على أن "نظام قطر يقوم بالمماطلة واللعب بالوقت وهذا أمر كلنا في غنى عنه، لا يوجد لدينا وقت لمثل هذه المحاولات".
وحذر من أنه "يمكن إضافة شروط جديدة على قطر من قبل دول الرباعي العربي لو طرأ حدث طارئ جديد على الأرض في قطر يبرر وضع شرط جديد"، في إشارة إلى محاولات الدوحة المستمرة لانتهاج سياسات وعقد تحالفات تضر بأمن واستقرار المنطقة.
إجراءات دول الرباعي ضد قطر تهدف حماية أمنها
د. قرقاش أكد في رسالته الثالثة أن الدول الأربع اضطرت إلى اتخاذ إجراءات رادعة ضد قطر لحماية أمنها ومنع الأضرار عنها.
وهي رسالة لطالما أكدت عليها الدول الأربع في مناسبات عدة وفي المحافل الدولية، ومفادها أن الإجراءات التي اتخذتها تأتي انطلاقاً من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف التي تدعمه الدوحة، إلا أنها في الوقت نفسه تفرق تماما بين قطر كشعب وكحكومة، وقد اتخذت كل الإجراءات والجهود الإنسانية اللازمة لضمان عدم تأثر القطريين بإجراءات المقاطعة.
وشددت الدول الأربع في أكثر من مناسبة أن التدابير القانونية التي اتخذتها جاءت نتيجة مباشرة لدعم وتمويل قطر المتواصل للإرهاب والجماعات المتطرفة، وعدم وفاء قطر بالتزاماتها القانونية التي وقعت عليها المتمثلة في اتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي عام 2014.
وبرهت تلك الدول على ذلك عمليا ، عندما قبلت الدول الخليجية المقاطِعة لقطر "السعودية والإمارات والبحرين" المشارَكة في كأس الخليج العربي لكرة القدم "خليجي 24" التي استضافتها قطر خلال الفترة ما بين 26 نوفمبر و 9 ديسمبر 2019، كبادرة حسن نية لإظهار أن الأنشطة الخليجية المشتركة تظل بمنأى عن الخلاف السياسي، وأن هناك فصلا بين التظاهرات الرياضية والتوظيف السياسي.
ثقة الإمارات مطلقة في حكمة وحزم السعودية في إدارة الأزمة.
الرسالة الرابعة تتعلق بثقة الإمارات المطلقة في حكمة السعودية لإدارة أزمة قطر، وهو أمر أكدت عليه الإمارات منذ الأيام الأولى للأزمة وعلى مدار سنوات المقاطعة، وحتى اليوم.
ففي 12 يونيو/حزيران 2017، بعد أسبوع من إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قطع علاقتها مع قطر لدعمها الإرهاب، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، إن قطر ستكتشف بعد جهودها الكبيرة لتدويل الأزمة وتطبيل إعلامها أن الحل في العاصمة السعودية الرياض.
وعندما حاولت قطر استغلال الفرصة التي منحتها لها السعودية في حل أزمتها في الشهور الأخيرة من العام الماضي، بإثارة الفتنة بين دول الرباعي العربي، جاء رد قرقاش واضحا ، مؤكدا الثقة في حكمة السعودية.
وغرد قرقاش في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي قائلا :"التسريبات القطرية الاخيرة بشأن حلّ أزمة الدوحة مع السعودية الشقيقة دون الدول الثلاث تكرار لسعي الدوحة إلى شق الصف والتهرب من الإلتزامات".
وأردف :"الرياض تقود جبهة عريضة من أشقائها في هذا الملف والملفات الإقليمية الأخرى، والتزامها بالمطالب والحلفاء أساسي وصلب."
وعندما غاب أمير قطر تميم بن حمد عن القمة الخليجية الأخيرة التي استضافتها الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتضييعه فرصة كانت تحمل حظوظا كبرى في حل أزمة قطر، الأمر الذي دفع الرياض لإنهاء المحادثات التي بدأتها مع قطر.
واعتبر قرقاش غياب أمير قطر عن قمة الرياض "مرده سوء تقدير للموقف يسأل عنه مستشاروه".
وشدد على حل جذور الأزمة، قائلا:" ويبقى الأساس في الحل ضرورة معالجة جذور الأزمة بين قطر والدول الأربع"
مواقف عديدة وكثيرة تؤكد وتثبت الثقة الإماراتية المطلقة في حكمة السعودية ليس في إدارة أزمة قطر فحسب، بل تجاه مختلف ملفات المنطقة ، وهي ثقة تجسدها الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
تلك الشراكة تجلت بصورة واضحة في تصريحات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، خلال افتتاحه "حديقة شهداء حرس الرئاسة" في 4 سبتمبر/أيلول الماضي، التي جاءت أصدق وأقوى تعبير عن تلك الشراكة، واصفاً إياها بأنها "شراكة الخندق الواحد في مواجهة التحديات المحيطة".
وأردف "والهدف الذي يجمعنا أمن السعودية والإمارات واستقرار المنطقة، يجمعنا مصيرنا ومستقبلنا".
تلك التصريحات جاءت لتؤكد أن ما يجمع الإمارات والسعودية ليس أمراً عادياً، ولا مصالح آنية، وطبيعة العلاقة بينهما استثنائية بكل المقاييس.
وتمضي العلاقات بين الإمارات والسعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي، بتوجيهات قادة البلدين، محوره التعاون والتكاتف على الأصعدة كافة، مستنداً إلى الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، خصوصا أن التعاون بينهما يصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرفاهية لشعبيهما.
*** جذور الأزمة و آفاق الحل
تلك الرسائل يمكن فهمها أكثر مع إعادة التكذير بجذور مسببات الأزمة وآفاق حلها.
ولفهم أزمة قطر الثانية (5 يونيو/حزيران 2017)، لابد من العودة إلى أزمتها الأولى (5 مارس/آذار 2014)، لارتباطهما ببعضهما بعضا.
وفي 5 مارس/آذار 2014 أعلنت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، لعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالعاصمة السعودية الرياض، ووقّعه أميرها تميم بن حمد آل ثاني، بحضور العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأيده بقية قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
وانتهت الأزمة يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بتوقيع قطر اتفاقا جديدا في اليوم نفسه، وتعهدها بالالتزام بكلا الاتفاقين (اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014).
وأبرز بنود الاتفاقين اللذين تعهد تميم آل ثاني بالالتزام بهما: (وقف دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وطرد العناصر التابعة له من غير المواطنين من قطر، وعدم إيواء عناصر من دول مجلس التعاون تعكر صفو العلاقات الخليجية، وعدم تقديم الدعم لأي تنظيم أو فئة في اليمن يخرب العلاقات الداخلية أو مع الدول المحيطة).
كما تعهد تميم أيضا بالالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر.
ووافت المنية العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم 23 يناير/كانون الثاني 2015 وانقلبت قطر كليا على تعهداتها وأطلقت الحبل على الغارب لدعم الإخوان، وإيواء الإرهابيين وتوفير ملاذات آمنة لهم، وتنفيذ أجندات مشبوهة تضر بالأمن القومي الخليجي والعربي بالتعاون مع حلفاء الشر (تركيا وإيران).
وبعد أن استنفدت دول الرباعي العربي كل الوسائل لإقناع قطر بالرجوع إلى طريق الحق والالتزام بما تعهدت به ووقف دعمها للإرهاب، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يوم 5 يونيو/حزيران 2017 قطع علاقتها مع قطر، بسبب إصرار الأخيرة على دعم التنظيمات الإرهابية في عدد من الساحات العربية.
وفي 22 يونيو/حزيران 2017، قدمت الدول الأربع إلى قطر، عبر الكويت، قائمة تضم 13 مطلبا لإعادة العلاقات مع الدوحة، كلها تدور في فلك ما سبق أن تعهد به أمير قطر في إطار اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014.
ودخلت الأزمة القطرية عامها الرابع، ولا تزال مسبباتها قائمة في ظل تعنت النظام القطري الحاكم وإصراره على دعم الإرهاب وتوظيف قناة "الجزيرة" وإعلامه لإثارة الفتنة وتزييف الحقائق ، والتدخل في الشؤون الداخلية العربية.
وثمة إجماع من دول الرباعي العربي أنه لن يكون هناك حل لأزمة قطر، مهما طال الوقت إلا بعلاج أسبابها، وذلك عبر استجابتها لمطالب الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وتوقّفها عن دعم الجماعات المتطرفة.
والكفّ عن التدخل في شؤون تلك الدول، وإعادة تصويب خطابها الإعلامي المروج للكراهية التي تتبناه وسائل إعلامها، وعلى رأسها "الجزيرة"، وبالتالي فإن نجاح فرص حل الأزمة ونجاح جهود أي وساطة مرهون بمدى تجاوب قطر على الالتزام بتنفيذ ما سبق أن تعهدت به.