الجامع النوري في الموصل.. الإمارات تصون التراث الإنساني بترميم التاريخ
وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية، نورة بنت محمد الكعبي، تؤكد أن إعادة إعمار الجامع النوري تحمل بين طياتها رسالة السلام والتعايش
يمثل مشروع إعادة بناء وترميم الجامع النوري ومنارته الحدباء في مدينة الموصل العراقية إحدى الدلالات التاريخية على جهود دولة الإمارات ومسيرتها الملهمة في الحفاظ على التراث الإنساني والثقافي على مستوى العالم، ودورها الرائد في نشر مبادئ الأخوة الإنسانية والوسطية والانفتاح ونبذ التعصب والتطرف الفكري والديني والثقافي.
وتحل في 21 يونيو الذكرى الثالثة لتدمير الجامع النوري ومنارته الحدباء، الذي اغتالته أيادي التطرف والإرهاب، إذ يعد أحد أهم المعالم الدينية والتاريخية وموروثا حضاريا وإنسانيا عالميا.
ويبعث هذا المشروع الحضاري، الذي يمتد لخمس سنوات وبتكلفة 50.4 مليون دولار، رسالة للشباب العراقيين عنوانها مستقبل أكثر اشراقا كونهم مشاركين فاعلين في مسيرة الإعمار حيث يدعم المشروع بعد اكتماله السياحة الثقافية والتنمية في المجتمع الموصلي، ويساهم في بناء مدينة حيوية مزدهرة تنشر قيم التسامح والمصالحة والانفتاح وتعود لسابق عهدها منبرا للعلم والثقافة.
وقالت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية، نورة بنت محمد الكعبي، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام)، إن إعادة إعمار الجامع النوري ومنارته الحدباء يحمل بين طياته السلام والتعايش في مجتمع متعدد الأديان والمذاهب والثقافات.
وأوضحت أن هذا المشروع يعد نموذجا يبرز دور الإمارات في صون التراث العالمي والحفاظ على الموارد الثقافية من خلال تبني مبادرات مستدامة تضمن حق الأجيال المقبلة في المواقع الأثرية والتراثية.
وأضافت أن دولة الإمارات لها تاريخ في صون التراث العالمي، وهذه الخطوة الاستراتيجية تجسد الشراكة بين دولة الإمارات واليونسكو لإعادة بناء هذا المعلم التاريخي الهام.
وأشارت إلى أن دولة الإمارات ملتزمة بإنجاز المشروع حسب الجدول الزمني المتفق عليه مع جميع الأطراف.
وذكرت نورة الكعبي أن مشاهد جامع النوري بعد استهدافه من تنظيم "داعش" الإرهابي تسببت في ألم للجميع، لا سيما أهالي الموصل في العراق، الذين فقدوا معلما يمثل روح مدينتهم العريقة، فجاءت مبادرة دولة الإمارات بالعمل على إعادة بناء هذا المعلم التاريخي والثقافي العريق.
وأكدت أن المشروع يستثمر بشكل أساسي في مهارات وقدرات الشباب الموصلي، حيث أطلقت الإمارات بالتعاون مع منظمة الإيكروم (وهي منظمة حكومية دولية تعمل في خدمة الدول الأعضاء على تعزيز عملية صون وإعادة التأهيل لكافة أنواع التراث الثقافي في كل منطقة من العالم) برنامجا تدريبيا لبناء قدرات 100 شاب عراقي في مجالات الآثار والعمارة والحرف اليدوية.
وشكل تبني الإمارات إعادة إعمار المسجد النوري ومنارته الحدباء نقطة تحول مفصلية في حياة الموصليين والشعب العراقي نظرا لقيمته الثقافية والتاريخية كونه يجسد قيم وفكر وانتماء وأمانة ينبغي المحافظة عليها وتوريثها للأجيال القادمة.
وتم إنجاز أعمال المرحلة الأولى من المشروع، الذي بدأ في مطلع عام 2019 واستمر سنة كاملة، حيث تضمنت المرحلة الأولى رفع الأنقاض وإزالة الألغام من الموقع وتوثيقه وتقييمه وتثبيت الأجزاء، التي يمكن إنقاذها، ووضع خطة عامة.
فيما تشمل المرحلة الثانية من مشروع إحياء روح الموصل تدعيم الأساس المتبقي وإعادة بناء المنارة والجامع.
ويعد مشروع إعادة بناء جامع النوري والمنارة الحدباء وكنيستي الساعة والطاهرة جزءا أساسيا من عملية إحياء روح الموصل ونشر الأمل بغية تعزيز التلاحم الاجتماعي في المجتمع الموصلي.
ووقعت دولة الإمارات ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" في أكتوبر الماضي اتفاقية تخص المشاركة الإماراتية في جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية في مدينة الموصل عبر إعادة ترميم كنيستي الساعة والطاهرة لتصبح الإمارات من خلال هذا المشروع أول دولة في العالم تعيد إعمار كنائس العراق.
ويشكل إعادة بناء وترميم كنيستي الطاهرة والساعة ومن قبلها الجامع النوري ومنارته الحدباء رسالة ثقافية وحضارية قوية في مواجهة الممارسات والأفكار المتطرفة، التي ساهمت في تدمير هذه المعالم الأثرية مما يعكس قيم دولة الإمارات الراسخة القائمة على مبادئ الأخوة الإنسانية والتسامح والتنوع الثقافي بين الديانات المختلفة.
وتتضمن هذه الجهود أيضا بناء متحف ونصب تذكاري يعرض ويحفظ آثار وتاريخ المسجد النوري التي تم إعادة إعمارها بالشراكة مع الحكومة العراقية وأهالي الموصل والمؤسسات التعليمية.
وسيكون للمتحف والنصب التذكاري تأثير طويل الأمد على مجتمع الموصل حيث ستوفر هذه المشاريع فرص تدريب وعمل لأكثر من 1000 شاب من أهالي الموصل فضلا عن تطوير مهارات العاملين في تلك المشروعات من خلال فرص التعليم والتدريب وكذلك المساهمة الكبيرة لهذه المشروعات في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال السياحة الثقافية في الموصل والعراق.
وكانت الإمارات قد شاركت مؤخرا في اجتماع الدورة الثالثة للجنة التوجيهية لإعادة إعمار الجامع النوري ومنارته الحدباء حيث تبنت اللجنة الخطوات المستقبلية لإعادة بناء المعلمين المعماريين البارزين لمدينة الموصل القديمة في العراق.
وستطلق اليونسكو بالنيابة عن اللجنة مسابقة معمارية دولية لإعادة إعمار جامع النوري وستراعي المسابقة مساهمات سكان الموصل الذين سيدعون إلى المشاركة في مشاورة واسعة النطاق تتناول الخيارات الرئيسية المتعلقة بإعادة بناء المنارة والجامع .. ويتوقف الجدول الزمني لهذه الأنشطة على مجريات التدابير الخاصة بالتصدي لجائحة كوفيد - 19 في الموصل.
ويرمي هذا المشروع الذي تدعمه وتموله دولة الإمارات إلى ترميم المعالم التاريخية لمدينة الموصل وإعادة بنائها ولا سيما جامع النوري ومئذنته الشهيرة المائلة المعروفة باسم المنارة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها 45 مترا ويزيد عمرها عن 840 عاما.
ويوفر المشروع فرص عمل وأخرى للتدريب وهو جزء لا يتجزأ من المبادرة الرائدة لليونسكو "إحياء روح الموصل" التي أُطلقت في فبراير 2018 وهي تمثل عمل اليونسكو على إنعاش إحدى أعرق مدن العراق من خلال إحياء التربية والتعليم والتراث والحياة الثقافية فيها.
وتقدم دولة الإمارات دعمها لإعادة إعمار كنيسة الطاهرة التي يبلغ عمرها نحو 800 عام والتي تقع في منطقة ميدان بمدينة الموصل القديمة وتعد واحدة من أقدم الكنائس في المنطقة حيث يعود تاريخها إلى الألفية الأولى وكنيسة الساعة المعروفة أيضا باسم كنيسة سيدة الساعة والتي تعد مثالا حيا للأخوة بين أهل الموصل الذين تخرجوا من مؤسستها التعليمية بغض النظر عن خلفيتهم الدينية.