حلَّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ضيفاً كبيراً على مملكة النرويج قبل أيام، في إطار زيارة مهمة، اختصرها الإعلام النرويجي المواكب لأخبار الزيارة الرسمية بعناوين مختلفة.
ومن أهم تلك العناوين أن الدول الناجحة تبحث تعزيز الشراكات و العلاقات على جميع المستويات.
فالنرويج تلك المملكة الإسكندنافية الواقعة في شمال الكرة الأرضية تعتبر من أهم البلدان الملهمة في تجربتها ونجاحها ورفاهية شعبها، ودولة الإمارات العربية المتحدة باتت كذلك من أفضل دول العالم سياسةً واقتصاداً وأمناً ومجتمعاً، ومصدر جذب كبير لكافة القطاعات الحيوية، لأنها تمتلك مقومات النمو والتطور المتسارع بحكمة قيادتها وتقدير شعبها.
ولأجل فهم أبعاد هذه الزيارة التاريخية للشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، لا بد من التوقف عند النقاط التالية، التي تبين للقارئ الكريم توجهات أبوظبي في توسعة الشراكات الاستراتيجية الفاعلة، على صعيد تطوير منظومة متكاملة من العمل والأمل بمستقبل واعد للمنطقة والعالم.
أولاً: سيتوقف المرء ملياً عند عبارات الترحيب والحفاوة التي قالها الأمير هاكون ماغنوس ولي عهد مملكة النرويج، وهو يستقبل الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان في القصر الملكي بالعاصمة النرويجية أوسلو، وتذكيره للشعب النرويجي والعالم بمحورية الدور الإماراتي الإيجابي، مستذكراً نجاح الإمارات في حماية المناخ حين نظمت مؤتمر الأطراف "COP28" قبل عام تقريباً، والمقررات المنبثقة عن ذلك الاجتماع الدولي العالمي آنذاك.
ثانياً: تأكيد القصر الملكي النرويجي على لسان ولي العهد على الدور المهم الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة والعالم وتم ربطه بكون الإمارات منتجاً رئيسياً للطاقة، والأهمية الكبيرة التي توليها للتحول الأخضر والتكنولوجيا الحديثة، إضافةً لكون الإمارات مركزاً مهماً للصناعات البحرية النرويجية.
ثالثاً: غداء العمل الذي أقامه يوناس غار ستوره رئيس مجلس الوزراء النرويجي على شرف الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان في مقر الحكومة بأوسلو، عكس تطلع النرويج إلى مزيد من التعاون المشترك بصيغة عصرية ومبتكرة مع الإمارات، واهتماماً منقطع النظير بضرورة تطوير كل أشكال التواصل بين البلدين الصديقين، ضمن جهود تبذل بين حكومتي الدولتين لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة خلال السنوات المقبلة.
رابعاً: الرؤساء التنفيذيون لكبريات الشركات النرويجية الرائدة، كان لهم نصيب كبير من زيارة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وهو يؤكد على أن تعزيز التعاون مع الشركات النرويجية في مختلف المجالات الحيوية سيسهم في فتح آفاق جديدة من النمو الاقتصادي المشترك بين البلدين وهو أمرٌ يؤسس لمرحلة متقدمة من المنتديات القائمة والقادمة بين البلدين على قاعدة متينة من تبادل الخبرات وتحقيق أفضل الاستثمارات المحلية والدولية.
خامساً: أن يختار الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان مملكة النرويج كوجهة رسمية وأولى له ضمن التكتل الإسكندنافي، أمرٌ بحد ذاته تلقفته الصحافة النرويجية كما السويدية والدنماركية بكثير من التفاؤل والتفاعل مع الخبر، في إطار حرص شديد تبديه دولة الإمارات العربية المتحدة الآن، من خلال الانفتاح المرحب به على شمال القارة الأوروبية.
سادساً: لا يمكن كذلك إغفال دور النرويج في احتضان القضايا العربية والإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فوزير خارجيتها الحالي اسبن مارث ايدي جنباً إلى جنب مع دولة الإمارات والسعودية في الأمم المتحدة وغيرها من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وموقف أوسلو وأبوظبي حيال قضايا سياسية معقدة، يرتقي إلى درجة التماهي أحياناً، في ظل بحبوحة الحراك المتاح للنرويج كونها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، لكنها في الوقت نفسه عضو مؤسس في حلف شمال الأطلسي، وشريك مهم في منطقة شينغن الاقتصادية الأوروبية.
أخيراً.. النجاح قوة جاذبة منذ قديم الزمن، والناجحون يبحثون عن بعضهم البعض، والمشترك الذي تبنى عليه العلاقات الثنائية بين النرويج والإمارات هو النجاح الكامن وراء اقتصادين قويين وصناديق استثمارية ضخمة، لتأتي زيارة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان لتعطي دفعة قوية نحو الأمام، بل نحو مزيد من الاتفاقيات الجادة وغير المسبوقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة