العلاقات الإماراتية العمانية.. نموذج تعاون خليجي وعربي
العلاقات الإماراتية العمانية مثال متميز للعلاقات بين بلدين جارين تجمع بينهما وشائج التاريخ والجغرافيا والاحترام المتبادل.
تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان علاقات ثنائية تاريخية وممتدة تمثل نموذجا يحتذى به عربيا وخليجيا، تُسهم القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين في تطويره بإرادة قوية ودعم متواصل لدفع العلاقات العميقة والراسخة بينهما.
العلاقات الإماراتية العمانية مثال متميز للعلاقات بين بلدين جارين تجمع بينهما وشائج التاريخ والجغرافيا والاحترام المتبادل والتوجه المستمر إلى تطوير العلاقات في المجالات كافة، والارتقاء بها إلى ما يطمح إليه شعبا البلدين الشقيقين.
لا تقتصر علاقات البلدين على مراعاة المصالح والتعاون البنّاء في المجالات ذات الاهتمام المشترك فحسب، بل تمتد لآفاق أرحب كونها علاقات ذات طبيعة خاصة يميزها أخوة صادقة وتقارب وتداخل جغرافي قائم على حسن الجوار والصلات الاجتماعية والعائلية الوثيقة التي تحظى بمكانة كبيرة لدى شعبين البلدين وتدعمها روابط التاريخ والانتماء الإسلامي والعربي والخليجي المشترك.
أسس تاريخية
أرسى القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أسس علاقات متينة تجمع دولة الإمارات وسلطنة عمان، وقال عقب الانتهاء من توقيع اتفاقية الحدود بين دولة الإمارات وسلطنة عمان، في مطلع مايو 1999، مقولته المأثورة: "إن دولة الإمارات ستواصل العمل على تعزيز التعاون وتنمية المصلحة المشتركة مع السلطنة في الحاضر والمستقبل، وإن هذه الاتفاقية ستضيف لبنة جديدة في الصرح الشامخ للعلاقات الأخوية الوثيقة".
ومنذ ذلك التاريخ يتجسد دفء العلاقات بين الجانبين في العديد من المواقف السياسية والشعبية، كما يتجلى أيضا في التعاون الاقتصادي الكبير والوثيق بين البلدين.
وتغلف العلاقات الإماراتية العمانية طابعا أسريا؛ حيث تربط البلدين علاقات تاريخية عميقة، أبرز ركائزها وحدة الدين واللغة والنسب والجذور الواحدة للقبائل والعائلات والجوار بالحدود الطويلة المشتركة والتاريخ المشترك، وبطبيعة الحال وحدة المصالح.
وتزداد العلاقات الإماراتية العمانية نموا منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي وضع بذرة العلاقات الثنائية، ورعاها من بعده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، على أسس الأخوة والمستقبل الواحد.
وتمثل علاقات البلدين إضافة مثمرة إلى مسار العمل الخليجي المشترك داخل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إضافة إلى ما تتميز به علاقات البلدين من عمق تاريخي وحضاري فإن العلاقات بين الإمارات وسلطنة عمان تقوم على أساس قوي من المصالح الاقتصادية التي تعززها وتدفعها دائما إلى الأمام.
شراكة عملاقة
وفقا لتقارير عام 2018 فإن الإمارات تعد شريكا تجاريا أصيلا لسلطنة عمان؛ حيث بلغت الاستثمارات الإماراتية في السلطنة 2.6 مليار دولار، وتتمثل في الصناعات التحويلية بنسبة 43%، والوساطة المالية 24%، والإنشاءات 9.4%، والعقار والإيجارات 8.8%، والتجارة 3.3%، فيما بلغت الاستثمارات العمانية في دولة الإمارات 1.2 مليار دولار، تمثل 20% من إجمالي استثمارات السلطنة في الخارج.
وقد بلغ عدد الشركات العمانية العاملة في الإمارات 230 شركة تستثمر نحو 3.8 مليار درهم في الأنشطة المالية والعقارية وتجارة الإلكترونيات وقطع غيار السيارات والمنتجات الزراعية والحيوانية، فيما بلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في عُمان بما فيها الصغيرة والمتوسطة 3300 شركة يبلغ إجمالي استثماراتها نحو 1.7 مليار درهم.
لجنة مشتركة
انطلاقـا من رغبة كلا البلدين في تطوير وتعزيز التعاون الفعّال بينهما على مبدأ المصلحة المتبادلة والمشتركة في مختلف المجالات، وتنفيذا لتوجيهات قيادتي البلدين، تم إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين الإمارات وسلطنة عُمان منذ ما يزيد على 27 عاما، والتي تم الإعلان عنها في مايو 1991.
وبدأت أول اجتماعاتها في نوفمبر من العام نفسه، وشملت التعاون في مجالات الربط الآلي في المنافذ البرية والنقل البري للركاب والبضائع وأسواق المال وحماية المستهلك والبيئة البحرية والربط الكهربائي والطيران المدني والخدمة المدنية والمجال التربوي والصحة والدفاع المدني، إلى جانب دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.
ومما يظهر حجم علاقات الأخوة والنسب بين الإمارات وعمان فإن عدد العقارات التي يمتلكها العمانيون في الإمارات بلغ 3470 عقارا، وبلغ عدد العقارات التي يمتلكها الإماراتيون في السلطنة 113 عقارا و398 مزرعة.
كما يبلغ عدد الرحلات الجوية الأسبوعية للناقل الوطني بين البلدين 94 رحلة بواقع 14 رحلة لكل من طيران الإمارات وطيران الاتحاد والعربية للطيران و28 رحلة لفلاي دبي و24 رحلة للطيران العماني.
تعاون عسكري
تتنوع الشراكة العميقة بين الإمارات وسلطنة عمان بين السياسية والاقتصاد، حيث تتماثل مرتكزات السياسة الخارجية للبلدين القائمة على نشر ثقافة السلام والتسامح والتعاون البناء واحترام الجوار.
ولأجل تعزيز ودعم تلك الشراكة يمتد التعاون بين البلدين ليشمل أيضا الجانب العسكري؛ حيث نفذت الإمارات وسلطنة عمان في فبراير/شباط الماضي تدريبا عسكريا مشتركا أطلق عليه "تعاون 2" الذي استمر لمدة أسبوعين بين القوات البرية الإماراتية والجيش العماني، بهدف التعاون ونقل الخبرات والمعلومات بين البلدين.
وخلال التدريب المشترك، أكد اللواء الركن صالح محمد صالح مجرن العامري، قائد القوات البرية الإماراتية، أن تمرين "تعاون 2" من التدريبات العسكرية المهمة في المنطقة التي تعزز التعاون مع الجيش العماني.
وأكد أن الهدف من التدريب تبادل الخبرات في مجال العمليات العسكرية التي ستعود على المشاركين بصقل مهاراتهم القتالية ورفع جاهزيتهم.
وأضاف أنه تم التركيز على توحيد المفاهيم بين الجانبين، مشيدا بما قدمه المشاركون في التمرين من جاهزية قتالية عالية، وإتقان لكل ما أسند إليهم من عمليات.
وقال إن تمرين "تعاون 2" يأتي من حرص واهتمام قادة الإمارات بالقوات المسلحة، سواء على مستوى التدريب والتأهيل أو على مستوى التجهيز والتسليح.
وأشار إلى أن مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في التدريب تأتي وفق نهج علمي مدروس لرفع الجاهزية القتالية، سواء للضباط أو ضباط الصف وسط بيئة قتال حقيقية.
تمرين "تعاون 2" يمثل نموذجا للتعاون العسكري بين البلدين الهادف إلى الاستفادة من خبرات البلدين في مجال النظريات والتكتيكات العسكرية الحديثة المكتسبة من خلال التمارين والتدريبات التي أجراها كل جانب خلال السنوات الماضية.
وتحقق هذه التدريبات نجاحا لافتا من خلال الدروس النظرية والتطبيقية التي تشهدها، خاصة أنها تأتي بدعم من القيادات العسكرية في البلدين لتعزيز القدرات الفنية للأفراد المشاركين فيها، إضافة إلى تعزيز المهارات الفردية والجماعية وفقا للمستجدات الحديثة في التدريب العسكري.
aXA6IDMuMTQ5LjI1MC4xOSA= جزيرة ام اند امز