مسبار الأمل الإماراتي.. اكتشافات جديدة حول غلاف المريخ
تزخر النتائج العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" بالعديد من الاكتشافات الجديدة حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
وأسهمت البيانات العلمية التي نشرها مشروع "مسبار الأمل"، أول مهمة علمية لاستكشاف كوكب آخر تقوم بها دولة عربية، في إطلاق حراك علمي حول الغلاف الجوي الفريد لكوكب المريخ وتكوينه والتفاعلات الجارية بين مكوناته، إذ تم عرض هذه البيانات العلمية غير المسبوقة والتحليلات الأولية في اجتماع الخريف السنوي للاتحاد الأميركي للجيوفيزياء 2021 في نيو أورلينز بالولايات المتحدة.
ويسهم الكمّ الكبير من البيانات العلمية المُرسلة من "مسبار الأمل" خلال مهمته العلمية لاستكشاف مناخ الكوكب الأحمر وغلافه الجوي في فتح آفاقاً جديدة أمام الاستكشافات العلمية الخاصة بالمريخ، وخصوصًا مع الاكتشافات الرئيسيّة التي تم الإعلان عنها سابقًا حول ملاحظات مذهلة وجديدة للشفق القطبي المنفصل للمريخ، والرصد غير المسبوق لهياكل ناتجة عن تفاعل الأكسجين وأول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكوكب، علماً بأن المسبار يقوم حالياً بالمساهمة في تكوين تصور يومي كامل هو الأول من نوعه للغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
وقالت المهندسة حصة المطروشي، نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" للشؤون العلمية، "إنّ نجاح مسبار الأمل هو أمر مؤكّد استنادًا إلى نتائجنا وملاحظاتنا المبكرة، ويمكننا فعلًا أن نلمس عددًا كبيرًا من السبل المحتملة الجديدة لتعزيز الاستكشافات العلمية حول الكوكب الأحمر نتيجة لبياناتنا الأولية".
وتابعت: "إنّنا نرى كوكب المريخ بتفاصيل رائعة، ويمكننا وصف السِمات اليومية للغلاف الجوي للمريخ وذلك للمرة الأولى على الإطلاق. وممّا لا شك فيه أنّ الإمكانات التي نكتشّفها الآن من المهمة العلمية لمسبار الأمل تتجاوز توقعاتنا".
وتعكس الأوراق العلمية التي شارك بها الفريق العلمي لمسبار الأمل وقدمها في اجتماع الخريف السنوي للاتحاد الأمريكي للجيوفيزياء 2021 في نيو أورلينز، الصورة الفريدة للغلاف الجوي للمريخ، التي يتمّ بناؤها بواسطة مسبار الأمل ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من خلال مجموعة من الأجهزة المتطوّرة الموجودة على متنه، وعبر المدار المميز الذي يدور فيه المسبار والذي يوفّر إطلالات جديدة على الغلاف الجوي للمريخ، على مدار الساعة وليلاً ونهاراً خلال الفصول الأربعة للكوكب الأحمر.
وقال كريستوفر إدواردز عضو الفريق العلمي للمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء: "إنّ قدرة مسبار الأمل على مراقبة المريخ في جميع الأوقات وعلى فترات زمنية قصيرة، تسمح بدراسة التغيرات اليومية للسحب المحيطة بالكوكب. وتظهر ملاحظات جهاز المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء أنّ السحب تكون أكثر سماكةً وتغطي معظم المساحة في الصباح الباكر وفي وقت متأخر من المساء، مع عدد أقل من السحب خلال النهار. ويمكن أن توفّر عملية مقارنة ملاحظات هذا الجهاز بتلك التي تمّ رصدها بواسطة كاميرا الاستكشاف الرقمية بأطوال موجية مرئية، المزيد من المعلومات حول السحب، مثل حجم رذاذ الجليد المائي الذي يتكون من الغيوم."
من جهته، قال مايكل وولف، عضو فريق العلمي للكاميرا الاستكشاف الرقمية: "كما هو الحال على الأرض، تُعتبَر السحب على المريخ جزءًا مهمًا من دورة الماء، ويعتبر تحديد كيفية تغيّرها من ساعة إلى ساعة ومن يوم إلى يوم جزءًا مهمًا في فهم طبيعة كل من المناخَين الحالي والسابق".
وفي حين يسعى مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" إلى سد فجوة مهمّة في فهم العلماء للمريخ، وإلى تحقيق هدف مهمته المتمثل في معالجة عدد من الأهداف العلمية، جرى إتاحة البيانات العلمية غير المسبوقة، التي تمكن مسبار الأمل من جمعها منذ بداية مهمته العلمية الرائدة، للعلماء والباحثين والهواة على مستوى العالم، إذ يمكن تحميلها عبر مركز البيانات العلمية على الموقع الرسمي للمشروع https://sdc.emiratesmarsmission.ae/.
وبدأ مسبار الأمل في قياس الاستجابة العامة اليومية والموسمية لغلاف المريخ للإشعاع الشمسي، والظروف الجوية المتعلقة بمعدل انفلات الغلاف الجوي - خصوصًا الهيدروجين والأكسجين والسلوك الزماني والمكاني للغلاف الخارجي للمريخ.
وعلى أثر النتائج الأولية التي أظهرت ملاحظات مدهشة حول الشفق القطبي المنفصل للمريخ، وعرض النطاق الترددي الإضافي، وتأمين الموارد اللازمة لتشمل ملاحظات إضافية، تمّت إضافة المزيد من القياسات للظواهر الشفقية إلى أهداف المهمة، ممّا وسّع قدراتها لتتخطى الأهداف العلمية للمشروع المُخطط لها.
ويحمل مسبار الأمل على متنه ثلاثة أجهزة علمية حديثة هي:
- كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI- وهي كاميرا إشعاعية متعددة الطول الموجي تلتقط صورًا للمريخ بدقة تتراوح ما بين 2 إلى 4 كيلومترات، ولديها القدرة أيضًا على كشف توزيع الجليد المائي والأوزون في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للمريخ باستخدام حزم الأشعة فوق البنفسجية.
- المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS- وهو جهاز يقيس الطاقة المنبعثة من سطح المريخ وغلافه الجوي، ويبحث في التوزيع الجغرافي للغبار وبخار الماء والجليد المائي في الغلاف الجوي السفلي للمريخ.
- المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS- وهو لديه القدرة على إجراء القياسات المطلوبة لغازات الهيدروجين والأكسجين وأول أكسيد الكربون في الغلاف الحراري وتنوع الهيدروجين والأكسجين في الغلاف الخارجي.
وقال جاستن ديغان، عضو الفريق العلمي للمقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية: "من خلال مقارنة صور الهيدروجين التي حصلنا عليها من جهاز المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية، بخرائط الجليد المائي وبخار الماء والغبار التي توفرها كاميرا الاستكشاف الرقمية والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، سيتمكن العلماء من إعادة بناء تفاصيل كيفية نقل الهيدروجين عبر الغلاف الجوي للمريخ، وفهم أسباب فقدان المياه على الكوكب على مدار تاريخ النظام الشمسي."
وأضاف: "بفضل المدار الكبير والفريد لمسبار الأمل حول المريخ، فإن الأجهزة العلمية الموجودة على متنه قادرة على تصوير الكوكب من نقاطٍ وزوايا مختلفة على مدار اليوم، ممّا يوفر رؤى جديدة وعميقة لفهمنا لتفاعلات الغلاف الجوي للمريخ."
ويدور مسبار الأمل في مداره العلمي الإهليلجي المُخطط له والذي يتراوح ما بين 20000 و43000 كيلومتر، مع ميل باتجاه المريخ بمقدار 25 درجة، مما يمنحه قدرة فريدة على إكمال دورة واحدة حول الكوكب كل 55 ساعة، وبالتالي التقاط عينة كاملة من بياناته كل تسعة أيام، وذلك على مدار العام المريخي (يعادل عامين أرضيين) بهدف رسم خرائط لتفاعلات الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
ويُعتبر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" تتويجًا لجهود نقل المعرفة والتطوير في قطاع الفضاء الوطني التي بدأت في العام 2006، وشهدت عمل المهندسين الإماراتيين مع شركاء من جميع أنحاء العالم لتطوير تصميم المركبات الفضائية الإماراتية وقدراتها الهندسية والتصنيعية. ويحمل مسبار الأمل ثلاثة أجهزة لقياس الغلاف الجوي للمريخ.
ويبلغ وزنه حوالي 1350 كيلوجرامًا، أي ما يعادل سيارة دفع رباعي صغيرة، وقد تم تصميمه وتطويره من قبل مهندسي مركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون مع شركاء أكاديميين من مؤسّسات عالمية رائدة، ومنها: مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو- بولدر، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة كاليفورنيا، وبيركلي، ومعهد علوم الفضاء في بولدر وجامعة شمال أريزونا.