الإمارات تطلق أول تقرير يرصد حالة اللغة العربية ومستقبلها
أطلقت وزارة الثقافة والشباب الإماراتية تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، كأول تقرير بحثي يرصد حالة اللغة العربية في عدة محاور.
وقد جاء إعداد التقرير بناء على توجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وأكدت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية أن التقرير يشكل قاعدة أساس ونقطة مرجعية لمساعدة صناع القرار في الحكومات والمؤسسات الخاصة على مستوى المنطقة والعالم، في كل ما يخص اللغة العربية.
وهذا التقرير سيكون اللبنة الأولى في إطار مشروع دائم لدراسة حالة اللغة العربية والعمل على تعزيز حضورها واستخدامها بأشكالها المتنوعة.
وأشارت نورة الكعبي إلى أن المحاور الـ10 للتقرير ركزت على أهم القضايا الأساسية التي تهم صناع القرار العاملين في قطاع اللغة العربية.
وأضافت: "اخترنا أن يتضمن التقرير إضافة إلى العمل البحثي، مقالات رأي من مختلف الفاعلين في القطاع من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى دراسات حالة مختارة ضمن مختلف المحاور".
وأوضحت الكعبي أن هذا العمل هو جزء من التزام الإمارات بهويتها الثقافية وبدورها كمساهم فاعل في الهوية الثقافية لمنطقتنا.
وحول أهم المخرجات والتوصيات قالت: "رصد التقرير إيماناً راسخاً لدى شرائح واسعة من الشباب الجامعيين في العالم العربي بأن العربية هي أساس هويتهم الوطنية والعربيّة والدينية، وبأنّها ضروريّة في حياتهم، ممّا ينمّ عن عمق العلاقة بين هؤلاء الشباب ولغتهم".
وتابعت: "كما أظهر ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد متعلّمي العربية من غير الناطقين بها في بلدان متعدّدة استطاعوا بلوغ مستويات عالية من الكفاءة في اللغة العربية أتاحت لبعضهم فرص الانخراط في ميدان تدريس العربية كلغة أجنبية، مما يثبت أنّ تعلّم العربية ممكن وفي متناول كل من يمتلك الحافز للتعلّم".
من جانبها، قالت أودري أزولاي المديرة العامّة لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في كلمتها بالتقرير: "اللغة العربيّة واحدة من أكثر لغات العالم انتشاراً، وهي لسان ما يربو على 422 مليون نسمة، كما أنّها لغة دين الإسلام الذي يعتنقه ما يربو على المليار ونصف المليار إنسان، وبها يمارسون عباداتهم".
وأضافت: "العربيّة ركيزة من ركائز الحضارة الإنسانيّة. وهي لغة الابتكار والاستكشاف في مجالات العلوم والطبّ والفلك والرياضيّات والفلسفة والتأريخ، على مرّ العصور".
وأشارت أودري أزولاي إلى أن تقرير "حالة اللغة العربيّة ومستقبلها" ينبّهنا لحاجتنا إلى جمع مزيد من البيانات حول الموضوعات المتعلّقة باللغات، بما يكفل الحفاظ عليها وصونها واستمراريّتها ويعزّز حضورها الهامّ.
وشكرت المديرة العامة لليونسكو دولة الإمارات على نشر هذا التقرير، الذي يجسّد تعاونها الكبير مع منظّمة اليونسكو في هذا المجال والتزامها نحو الارتقاء بدور ومكانة اللغة العربيّة؛ الأمر الذي انعكس على قرار اليونسكو بتسمية مدينة الشارقة عاصمة عالميّة للكتاب في العام 2019، تقديرًا لجهودها في نشر وتشجيع ثقافة القراءة.
وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة في المملكة العربيّة السعوديّة في كلمته بمقدمة التقرير: "حظيت اللغة العربيّة باهتمام كبير من خادم الحرمين الشريفين في جميع خطبه وخطاباته وكلماته وتوجيهاته، حيث يؤكّد أنَّ خدمة اللغة تشريف وتكليف لإنسان هذا المكان، ويوجِّه دائمًا بالاهتمام بها".
من جهتها، قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في كلمتها بتقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها: "اللغة هويّة، هويّة الوطن الذي إليه ننتمي، الثقافات التي نصنع، والمعنى الذي هو مقصد تشكّل اللغة لصناعة الطريق إليه، لذا، فاللغة حافظة الهويّة، وحضنها الأوّل".
وقد أظهر التقرير نمو منصات النشر الرقمية باللغة العربية حيث وصلت عدد الروايات المنشورة في إحدى المنصات إلى 2600 رواية، فيما وصل عدد المشاهدات لبعض الروايات إلى 10 ملايين مشاهدة.
وتعد اللغة العربية من بين اللغات الأكثر استخداماً على شبكة الإنترنت حيث وصل العدد التقريبي لمستخدمي العربية على الإنترنت إلى 237 مليون مستخدم، و17 مليون تغريدة باللغة العربية يومياً، و72% من التغريدات في الوطن العربي باللغة العربية.
وأشار التقرير إلى إقبال كبير من المتعلمين غير الناطقين بالعربية على تعلم اللغة العربية في العوالم الجديدة، إذ تشير الأرقام أن 31500 طالباً جامعياً في الولايات المتحدة درسوا اللغة العربية، واحتلت اللغة العربية المركز الثالث بين أكثر لغات انتشاراً في مراحل التعليم العالي.
كما أن هناك 60 جامعة درّست اللغة العربية في المملكة المتحدة، و46 جامعة درّست اللغة العربية في الصين.
وعن التوصيات والخطط المستقبلية للغة العربية، أشار التقرير إلى ضرورة، رفع مستوى جودة المنتج العلمي العربي، وإنشاء مرصد للكتاب هدفة متابعة حركة النشر العربي، وإنشاء مركز أبحاث لتعليم اللغة العربية وتعلمها، وزيادة مستوى الاستثمار في المشاريع الخاصة باللغة العربية والتكنولوجيا.
وكذلك إقرار ميثاق إعلامي عربي مشترك يعنى باللغة العربية في الإعلام، وإيجاد مؤسسة عربية علمية موحدة مرجعية توحد جهود الترجمة وتنسقها وتضبط المصطلحات المعرفية، وإقامة مرجعية دولية للغة العربية تعزز حضور اللغة والثقافة العربية في العوالم الجديدة، وتغير المقاربات المتبعة في تدريس اللغة العربية في المدارس.