معاجم اللغة العربية.. 3 أسباب لغياب "فريضة التجديد"
تعاني معاجم اللغة العربية من غياب التجديد منذ عقود، في الوقت الذي يتم تحديث قواميس اللغة الإنجليزية بشكل سنوي.
"بينما يتم تحديث قواميس اللغة الإنجليزية سنوياً، لم يتم تحديث قواميس اللغة العربية منذ عقود".. بهذه العبارة لخصت وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية نورة بنت محمد الكعبي، ورئيسة اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة بالإمارات العربية المتحدة، واحدة من أهم أزمات اللغة العربية خلال مشاركتها العام الماضي في الدورة الـ40 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
الكعبي تعجبت خلال كلمتها من أن يكون هذا هو حال اللغة العربية، بالرغم من وجود 420 مليون شخص يتحدثون بها حول العالم، وهو ما يجعلها عاجزة عن مسايرة التطورات الحديثة في عالم متسارع، لا يمر فيه يوم بدون تطور جديد، يفرض أن تكون اللغة مسايرة له، لأنها كائن حي شديد الحركة، من المفترض ألا يركن أبدا إلى الثبات والجمود.
ويعزو الدكتور محمد عباس، أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة الزقازيق "شمال شرق القاهرة"، هذا الأمر إلى غياب العمل المؤسسي، الذي يتبنى مهمة التجديد واعتماد الكلمات الجديدة، متسائلا في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "إن لم تقم الجامعة العربية بهذه المهمة فمن يقوم إذن؟".
وأبدى عباس دهشته بعد مطالعة بعض التقارير الصحفية حول جائحة (كوفيد – 19) الأخيرة، من أن بعض الصحفيين اختاروا أن يضعوا بعض المصطلحات باللغة الإنجليزية، فلا هم ترجموها حرفيا، ولا هم اختاروا كلمة من اللغة العربية، مؤكدا أن مثل هذه الأشياء سببها غياب نشاط المؤسسات التي تعمل على اعتماد الكلمات الجديدة.
ويقول: "لا تحدث مثل هذه المشاكل في كثير من لغات العالم، حيث تكون هناك اجتماعات سنوية لاعتماد كلمات جديدة، ويكون هناك متخصصون يرصدون الكلمات المستحدثة التي تم تداولها بصورة كثيفة خلال السنة، وذلك باستخدام مصادر متعددة، مثل الأفلام والصحف والأغاني والإعلانات، ثم يتم في نهاية العام التصويت لاعتماد بعض منها وإدخاله إلى القواميس، ويكون المعيار في ذلك أن تكون الكلمة واسعة الانتشار وأن تظل متداولة مع الوقت ولن تختفي، مثل أسماء الأمراض".
ويعود عباس إلى المثال الذي اقترحه في البداية وهو مرض (كوفيد – 19)، ويؤكد: "إذا كان هناك عمل مؤسسي يهتم بالرصد، فمن المفترض أن نجد هذه الكلمة في القاموس بعد أن انتشرت بشكل كبير".
وإضافة لغياب العمل المؤسسي، يرى الدكتور خالد أبو العيش، أستاذ اللغة العربية بجامعة المنيا (جنوب مصر) أن جزءا من أزمة التجديد "فكرية"، ويقول لـ"العين الإخبارية": "هناك بعض العقليات المتجمدة التي لا تعي معنى اللغة، وترى أن تعريب بعض المصطلحات انتقاص من قدر لغة القرآن الكريم".
وتابع أبو العيش: "لا يدرك هؤلاء معنى اللغة التي يجب أن تتطور مع تطور العصر، وكما نقلت بعض اللغات عن اللغة العربية عندما كانت لغة العلم في العصور الماضية، يجب أن نساير أيضا الواقع وننقل عن اللغات الأخرى".
ويضيف: "لا ينكر أحد التطور الذي شهده الغرب، والذي أنتج مصطلحات صارت متداولة بيننا، ويجب أن نتخذ قرارا بشأنها، إما عن طريق إيجاد ترجمة لها في اللغة أو اعتمادها كما هي، وكلا الخيارين سينتج مصطلحات جديدة".
وإضافة لهذين السببين، هناك سبب ثالث يطرحه أبو العيش أيضا، هو عدم وجود ثقة لدى المؤسسات التعليمية في قدرة اللغة العربية على استيعاب العلوم الحديثة، ومن ثم فإن أصحاب هذا الاتجاه يرون أن اللغة الإنجليزية هي لغة العلم والمعرفة ولا يجوز نقل مصطلحاتها إلى العربية، مؤكدا أن هناك دولا مثل سوريا، لها تجربة ناجحة جدا في تعليم الطب باللغة العربية.