المحادثات الإماراتية الروسية الأخيرة بين سيرجي لافروف وعبدالله بن زايد يجب ألا تمر مرور الكرام أو على أنها مجرد لقاءات بروتوكولية
المحادثات الإماراتية الروسية الأخيرة بين سيرجي لافروف وعبدالله بن زايد يجب ألا تمر مرور الكرام أو على أنها مجرد لقاءات بروتوكولية أو زيارة تقليدية.
المستقبل من الآن حتى 2030 يتجه بقوة نحو الشرق، لذلك يجب أن نفهم حقيقة هذا المتغير الرئيسي، ولذلك يجب تحليل تحركات أبوظبي والرياض والقاهرة في هذا الاتجاه على «وعي كامل» بالقواعد الجديدة للقوى، وليس مجرد زيارات تقليدية أو صدفة سياسية
تأتي المحادثات في وقت دقيق للغاية لروسيا والخليج والمنطقة ككل، يمكن رسم ملامحه على النحو التالي:
أولاً: توتر إيراني - أمريكي، إما أن يؤدي إلى صفقة إقليمية أو انفلات عسكري على عدة جهات، يدعمه تصعيد ترامب وتحريض رئيس الوزراء الإسرائيلي الدائم بالمواجهة العسكرية مع إيران.
ثانياً: رغبة روسية في تحصيل شروط المنتصر وحدها دون غيرها، وتنقية المجال السياسي والأمني في سوريا من الوجود الإيراني والتدخل الحدودي التركي.
ثالثاً: الاستفادة من الانتصار الروسي في سوريا بالتمدد في الدور الإقليمي للعب أدوار إيجابية في ليبيا واليمن والقضية الفلسطينية وموضوع النازحين.
رابعاً: استخدام روسيا مفاتيح الوضع الإقليمي في المنطقة لمقايضة الولايات المتحدة في ملف الصواريخ الاستراتيجية.
وحتى نفهم تنامي الاهتمام الروسي بمنطقة الشرق الأوسط لا بد من مراجعة نتائج الاجتماع الهام الذي ترأسه بوتين أمس الأول في قيادة الأمن الروسية الفيدرالية، والذي أكد فيه أن مخاطر الوضع المتفجر في الشرق الأوسط لها تداعياتها المباشرة على الأمن القومي الروسي.
في الوقت ذاته تتابع الإمارات بعمق الصورة الشاملة والكلية للوضع الاستراتيجي في المنطقة من اليمن إلى ليبيا، ومن تركيا إلى قطر، ومن مصر إلى إسرائيل، ومن لبنان إلى إيران، لتصل إلى 3 قناعات رئيسية:
1- أن محور الاعتدال العربي يجب أن يتحرك بوعي وفهم وفاعلية كي يكون له دوره في ظل هذا الوضع الإقليمي الخطر، وفي ظل اضطراب وسيولة في العلاقات الدولية بين الأقطاب.
2- أنه مع الإيمان الكبير بأهمية العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة، فإن القراءة العميقة للأوضاع في الداخل الأمريكي تستدعي الاتجاه شرقاً للتنسيق مع روسيا والصين والهند وباكستان.
ومن هنا أيضاً يمكن فهم مغزى زيارة ولي العهد السعودي الأخيرة إلى الهند وباكستان والصين.
ويتوقف المراقب لعبارات جاءت في نهاية اللقاء بين لافروف والشيخ عبدالله حول إشادة وزير الخارجية الأمريكي بالدور الإماراتي في الأزمة الليبية.
وتأكد من الزيارة أن هناك تعاوناً عسكرياً واقتصادياً نشطاً بين البلدين، ما يعزز لغة الدبلوماسية بشبكة مصالح مؤثرة.
لقد ثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الرهان الكامل والأحادي على قطب دولي واحد في مجالات التعاون الاستراتيجي أو فض المنازعات أو السعي إلى تسوية هو «وصفة فشل» محققة، وأن تركيبة العالم المعقد الذي نحياه تستدعي، كما تفعل الإمارات والسعودية ومصر الآن، الحوار والتفاعل الإيجابي مع جميع القوى المؤثرة، دون فقدان العلاقات التقليدية مع الغرب.
ومجرد مطالعة كتاب «غنيمة العشرة تريليونات» لمايكل سيلفرستين يكفي لمعرفة أن كلاً من الهند والصين ستشكلان الكعكة الكبرى في أكبر سوق استهلاكي في العالم قريباً يمكن أن يتجاوز حجمه عشرة تريليونات من الدولارات!
المستقبل من الآن حتى 2030 يتجه بقوة نحو الشرق، لذلك يجب أن نفهم حقيقة هذا المتغير الرئيسي، ولذلك يجب تحليل تحركات أبوظبي والرياض والقاهرة في هذا الاتجاه على «وعي كامل» بالقواعد الجديدة للقوى، وليس مجرد زيارات تقليدية أو صدفة سياسية.
نقلاً عن "الوطن" المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة