قطار التنسيق "السعودي-الإماراتي" يسارع الخطى نحو تحقيق التكامل
بخطوات راسخة وعبر رؤية واضحة تمضي مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات.
نقلة نوعية شهدتها العلاقات السعودية الإماراتية منذ توقيع الاتفاق على إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي في مايو/أيار 2016، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
المجلس جاء ليوثق العلاقات التاريخية بين البلدين التي رسخ قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قبل نحو نصف قرن، وتوثقت بعد ذلك بدعم من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتعمقت وتجذرت بإشراف ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
وبخطوات راسخة وعبر رؤية واضحة، تمضي مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
مسيرة التعاون التي تم مأسستها عبر مجلس التنسيق وتم رسم ملامح تطورها ومستقبلها في "استراتيجة العزم" التي أعلن خلالها الاجتماع الأول لمجلس التنسيق، مرت بمحطات بارزة منذ التوقيع على اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق في مايو/أيار 2016، وحتى الاجتماع المرتقب للجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي خلال الساعات المقبلة، تلك المحطات ترصدها "العين الإخبارية" في السطور التالية:
١٦ مايو/أيار ٢٠١٦: توقيع اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق السعودي-الإماراتي
وقعت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في قصر السلام بجدة اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
21 فبراير/شباط ٢٠١٧: انطلاق أعمال "خلوة العزم" المشتركة بين الإمارات والسعودية في أبوظبي
في أول خطوة لتفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، استضافت أبوظبي أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تحت اسم "خلوة العزم"، بحضور ومشاركة أكثر من 150 مسؤولاً حكومياً وعدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين، كأول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
وشارك في جانب من أعمال الخلوة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وأكد خلالها أن توحيد الطاقات والإمكانات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية يمكن أن يخلق فرصاً تاريخية للشعبين والمنطقة بأكملها، قائلا "بتكاملنا وتعاضدنا وتوحدنا نحمي مكتسباتنا ونقوي اقتصاداتنا ونبني مستقبلا أفضل لشعوبنا".
من جانبه، أكد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة خلال حضوره "خلوة العزم"، أن العلاقات بين المملكة ودولة الإمارات قوية، ولكن القيادة تسعى لأن تكون العلاقات استثنائية ونموذجية، وتنتقل لمستوى جديد ومختلف.. مستوى تكاملي".
وناقشت خلوة العزم ضمن أجندتها 3 محاور استراتيجية تختص بالجانب الاقتصادي والجانب المعرفي والبشري والجانب السياسي والعسكري والأمني.
13 أبريل/نيسان ٢٠١٧: انطلاق جلسات المجموعة الثانية لـ"خلوة العـزم" في الرياض
استضافت الرياض أعمال جلسات المجموعة الثانية لخلوة العزم بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والمنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي بمشاركة أكثر من 200 مسؤول من حكومتي البلدين وخبراء في القطاعات المختلفة، إضافة إلى ممثلي القطاع الخاص.
٧ يونيو/حزيران ٢٠١٨: أول اجتماع لمجلس التنسيق.. والإعلان عن "استراتيجية العزم"
عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في مدينة جدة برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي.
وتم خلال الاجتماع الإعلان عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً، من خلال "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية خلال جلستي "خلوة العزم"، ومن خلال 3 محاور رئيسية هي المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري.
ووضع قادة البلدين مدة 60 شهراً لتنفيذ مشاريع الاستراتيجية التي تهدف إلى بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين، يدعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك، ويسهم في الوقت نفسه في حماية المكتسبات وحماية المصالح وخلق فرص جديدة أمام الشعبين الشقيقين، وتم الإعلان خلال الاجتماع عن مجموعة من المشاريع المشتركة التي تضم استراتيجية موحدة للأمن الغذائي، وخطة موحدة للمخزون الطبي، ومنظومة أمن إمدادات مشتركة، واستثماراً مشتركاً في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات.
وتضم استراتيجية العزم خطة لإنشاء شركة للاستثمار الزراعي برأس مال 5 مليارات درهم وصندوقا استثماريا مشتركا للطاقة المتجددة، وصندوقا ثالثا للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.. وستعمل الاستراتيجية أيضا على تسهيل انسياب الحركة في المنافذ، وبناء قاعدة بيانات صناعية موحدة، وتمكين القطاع المصرفي في البلدين، ومواءمة الإجراءات والتشريعات الاقتصادية بين البلدين ومجلس مشترك لتنسيق الاستثمارات الخارجية.
كما تضم مجالات التعاون التي حددتها "استراتيجية العزم" أيضا تعاونا وتكاملا في المجال الأمني والعسكري، وتنسيق المساعدات العسكرية الخارجية، وتوحيد المواصفات في قطاع الصناعات العسكرية.
وسيعمل الجانبان خلال الفترة المقبلة على تفعيل للصناعات التحويلية ذات القيمة المشتركة، وتنفيذ مشروع الربط الكهربائي، وإطلاق خدمات وحلول إسكانية وتمويلية مشتركة بين البلدين وإنشاء مركز مشترك لتطوير تقنيات تحلية المياه وتعاون في إدارة مشاريع البنية التحتية التي تبلغ 150 مليار دولار سنوياً، وتعاون في تطوير تقنيات التكنولوجيا المالية الحديثة.
وشهد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق المشترك توقيع 20 مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل السعودي الإماراتي في مختلف المجالات، وإطلاق حزمة من المشاريع الاستراتيجية، والإعلان عن هيكل المجلس لمتابعة تنفيذ المشاريع ضمن منظومة الأداء المرصودة، وخلال المدة التي وضعها قادة البلدين.
نموذج تكامل عربي استثنائي
وأبرز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الاجتماع، أهمية التكامل ومقومات القوة في البلدين، قائلا "لدينا فرصة تاريخية لخلق نموذج تكامل عربي استثنائي، وبتكاملنا وتعاضدنا وتوحدنا نحمي مكتسباتنا، ونقوي اقتصاداتنا، ونبني مستقبلاً أفضل لشعوبنا".
وتابع متحدثاً حول مقومات القوة المشتركة "نحن نشكل أكبر اقتصادين عربيين والقوتين الأحدث تسليحاً ونسيجاً اجتماعياً واحداً، وشعبين يشكل الشباب أغلبيتهما يطمحان إلى قفزات تنموية كبيرة في البلدين"، موضحاً أن "اقتصادي الإمارات والسعودية يمثلان ناتجاً محلياً إجمالياً يبلغ تريليون دولار، وصادراتهما المشتركة الرابعة عالمياً بقيمة 750 مليار دولار، إضافة إلى 150 ملياراً سنوياً إجمالي مشاريع البنية التحتية، مما يولد فرصاً هائلة واستثنائية للتعاون".
١٥ سبتمبر/أيلول ٢٠١٨: الاجتماع الأول للجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي
ولمتابعة سير العمل على استراتيجية العزم والمشاريع المشتركة عقد رئيسا اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الاجتماع الأول في مدينة جدة برئاسة محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل من الجانب الإماراتي، ومحمد بن مزيد التويجري وزير الاقتصاد والتخطيط من الجانب السعودي، لمتابعة سير العمل على تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المشتركة ضمن "استراتيجية العزم"، وبحث مستجدات التعاون بين الطرفين بما يحقق تطلعات القيادتين ويخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وتم تشكيل اللجنة التنفيذية للمجلس لضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة بين البلدين، ووضع آلية واضحة لقياس الأداء بما يكفل استدامة الخطط ونجاح المبادرات، وصولا لتكثيف التعاون الثنائي في المواضيع ذات الأولوية، والوقوف على سير العمل في المبادرات والمشاريع المشتركة.
وشهد الاجتماع الأول لرئيسي اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي تشكيل 3 لجان تكاملية بين الجانبين تعني بالمحاور الثلاثة "المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والعسكري والأمني"، حيث ستعمل هذه اللجنة على تكثيف التعاون بين البلدين ضمن هذه المحاور، وضمان تنفيذ المشاريع المشتركة ضمن "استراتيجية العزم" في كل محور، وخلال الفترة الزمنية المرصودة.
17 يناير 2019: الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي
ومتابعة لمراحل تنفيذ المشاريع المشتركة ضمن "استراتيجية العزم"، وصل وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء السعودي عادل الجبير إلى أبوظبي مساء الأربعاء، للمشاركة في اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي المرتقب عقده في وقت لاحق.
وتمضي العلاقات بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي محوره التعاون والتكاتف على كافة الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مستنداً على الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة ومدعوماً برؤى وطموحات قيادات البلدين.
aXA6IDMuMTMzLjE0NS4xNyA= جزيرة ام اند امز