الإمارات وقمة شرم الشيخ .. رمزية التوقيت ورسائل امتنان ومحطات بارزة

تتوج مشاركة دولة الإمارات في «قمة شرم الشيخ للسلام»، حراكها المتواصل على مختلف الأصعدة لدعم غزة وإحلال السلام الدائم بالمنطقة.
قمة تملك رمزية خاصة انطلاقا من توقيتها (13 أكتوبر/ تشرين الأول)، والذي يوافق ذكرى إعلان دولة الإمارات في مثل هذا اليوم قبل عامين إطلاق حملة "تراحم من أجل غزة"، التي شكلت باكورة الجهود والمبادرات الإماراتية المتواصلة لدعم غزة.
أيضا يتزامن عقد القمة مع رفع أهل غزة أعلام دولة الإمارات خلال رحلة عودتهم إلى منازلهم بعد عامين من النزوح، في مشهد عفوي يعبر عن مشاعر الشكر والعرفان والامتنان لدولة الإمارات وقيادتها وأهلها على دعمهمم المتواصل.
واستبقت دولة الإمارات القمة بالإعلان عن اعتزامها، توسيع نطاق جهودها الإنسانية والتنموية في غزة خلال المرحلة المقبلة.
قمة شرم الشيخ
وعقدت قمة شرم الشيخ، اليوم الإثنين، برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة وممثلي أكثر من 20 دولة من بينها دولة الإمارات.
وتهدف قمة شرم الشيخ للسلام إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي.
وتعقد القمة في إطار تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، التي بادرت دولة الإمارات بدعمها كونها تقود لإنهاء الحرب، وإعادة إعمار غزة، ومنع تهجير الشعب الفلسطيني، ودفع عجلة السلام الشامل.
أهداف لطالما عملت دولة الإمارات على تحقيقها على مدار عامين، منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحتى اليوم.
ووجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إبان إعلانه الخطة نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، شكره إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لدوره في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
واليوم حرص ترامب على توجيه الشكر للشيخ محمد بن زايد آل نهيان على دوره وجهوده للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ذكرى هامة
ويصادف توقيت القمة، ذكرى مرور عامين على إعلان دولة الإمارات إطلاق حملة "تراحم من أجل غزة"، التي شكلت باكورة الجهود والمبادرات الإماراتية المتواصلة منذ أكتوبر 2023 لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، والحد من تداعياتها الإنسانية عليهم.
وشارك في حملة "تراحم من أجل غزة"، أكثر من 24 ألف متطوع داخل دولة الإمارات، قاموا بتحضير 71 ألف سلة من المواد الإغاثية تم تجميعها محليًا.
في أعقاب تلك الحملة، أعلنت دولة الإمارات إطلاق مبادرة "الفارس الشهم 3" يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ورسمت دولة الإمارات على مدار عامين ملحمةً إغاثيةً إنسانيةً، قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وجعلت البلاد في صدارة دول العالم الداعمة لأهل غزة بشكلٍ خاص،
والعمل الإنساني بشكلٍ عام، في مسارٍ توثّقه الحقائق على أرض الواقع وتؤكّده لغة الأرقام، التي تُبرز جهود الإمارات القياسية في دعم القطاع، إذ تؤكّد التقارير الأممية أن المساعدات الإماراتية شكّلت نسبة 44% من إجمالي المساعدات الدولية إلى غزة حتى الآن.
بلغة الأرقام:
- بلغ إجمالي المساعدات الإنسانية التي تم تقديمها منذ بدء عملية "الفارس الشهم 3" في نوفمبر/ نشرين الثاني 2023 وحتى اليوم نحو 90 ألف طن، بتكلفة 1.8 مليار دولار.
- قدّمت دولة الإمارات تلك المساعدات الإنسانية، التي شملت المواد الغذائية والطبية والإغاثية، عبر 18 باخرة، وأكثر من 8 آلاف شاحنة، و697 رحلة جوية.
- نفّذت دولة الإمارات 81 عملية إنزال جوي ضمن مبادرة "طيور الخير"، التي أسقطت 4076 طنًّا من المساعدات الإغاثية مباشرةً إلى المناطق المنكوبة.
ولم تقتصر الجهود على المساعدات الفردية، بل أطلقت دولة الإمارات وقبرص مبادرةً مشتركة عبر "صندوق أمالثيا" لإيصال المساعدات إلى غزة، حيث بادرت قبرص بإرسال 1200 طن من المساعدات عبر ميناء أشدود، بدعمٍ إماراتيٍّ لوجستيٍّ وماليٍّ.
رسائل امتنان
وبالتزمن مع قمة شرم الشيخ، امتلأت شوارع غزة بمشاعر الشكر والعرفان، بعدما رفع عدد من الشبان الفلسطينيين أعلام دولة الإمارات خلال عودتهم إلى منازلهم بعد عامين من النزوح.
وجاءت هذه اللفتة العفوية بينما تواصل المؤسسات الإغاثية الإماراتية نشاطها المكثف للتخفيف من تداعيات الحرب، وتوفير المساعدات الغذائية والطبية.
وأكد الشبان المشاركون في هذا المشهد أن أعلام الإمارات التي رفعوها هي «رسالة وفاء لشعبٍ لم يتخلَّ عن غزة»، مشيرين إلى أن المبادرات الإماراتية لم تكن مجرد دعم مادي، بل مواقف تضامنية نابعة من إنسانية خالصة تركت أثرًا طيبًا في نفوسهم.
دعم متواصل
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة ، تقود دولة الإمارات جهودا دبلوماسية مكثفة بالتعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين لمنع تصاعد حدة العنف وتوسع دائرته، مع التأكيد الدائم على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق.
ورحبت دولة الإمارات بالخطوات التي اتخذتها العديد من الدول بخصوص الاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة، مؤكدة أن هذه المواقف تعكس تنامي الدعم الدولي للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
كما رحبت بالاتفاق على المرحلة الأولى من إطار وقف إطلاق النار في غزة، الذي أعلن عنه يوم الخميس الماضي، معربة عن أملها في أن يشكل هذا الاتفاق خطوة إيجابية نحو إنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع.
وكما كانت دولة الإمارات حاضرة بالدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني والإغاثي لغزة وأهلها على مدار العامين الماضيين، فأكدت مجددا بالتزامن مع المفاوضات بشأن تطبيق خطة ترامب أنها ستواصل القيام بدورها السياسي والإنساني الفاعل والمسؤول في المرحلة المقبلة، حتى إنهاء معاناة أهل غزة، والوصول إلى سلام عادل ودائم، دعماً لاستقرار المنطقة وأمنها.
وتعد المشاركة الإماراتية في قمة شرم الشيخ أحدث تلك الجهود الإماراتية المتواصلة لدعم غزة.
تأتي تلك المشاركة بعد أيام، من مشاركة دولة الإمارات في الاجتماع رفيع المستوى الذي دعت إليه فرنسا لبحث آليات تنفيذ خطة ترامب، وعقد في باريس 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، برئاسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبمشاركة وزراء خارجية مصر، وألمانيا، وإيطاليا، والأردن، والمملكة المتحدة، وتركيا، وقطر، والسعودية، إلى جانب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وممثلين عن كندا، وإندونيسيا، وباكستان.
ومثّلت ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، دولة الإمارات في الاجتماع، ورحّبت خلاله بالتقدّم الذي أفضى إلى التوصل لوقف إطلاق النار، مؤكدة أهمية اغتنام هذه اللحظة المحورية لتكريس سلامٍ دائمٍ ومستقرٍّ في المنطقة.
ودعت إلى مواصلة التنسيق والتكاتف بين الشركاء الإقليميين والدوليين دعمًا لخطة الرئيس ترامب، وبما يضمن تحقيق نجاحها واستدامتها على المدى الطويل، لاسيّما من خلال إطلاق مبادرات عاجلة للمرحلة الانتقالية، ودعم الاستقرار، وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
وسلّطت الهاشمي الضوء على الدور الإنساني الرائد الذي تضطلع به دولة الإمارات في قطاع غزة، والذي بلغ 1.8 مليار دولار أمريكي منذ بداية الحرب.
وأكدت أن دولة الإمارات عازمة على توسيع نطاق جهودها الإنسانية والتنموية خلال المرحلة المقبلة، بما يشمل مد خطوط أنابيب مياه إضافية وزيادة عدد الناقلات ونقاط التوزيع، ورفع عدد المخابز إلى 50 والمطابخ المجتمعية إلى أكثر من 100 بطاقة إنتاجية تُقدّر بنحو 25 ألف طن متري من المواد الغذائية شهريًا، فضلًا عن تعزيز المساعدات الطبية من خلال شحنات إضافية، وتنظيم حملات تطعيم، وإنشاء عيادات لصحة الأمهات، إلى جانب توسيع نطاق توزيع الخيام والمساكن الجاهزة والملاجئ استعدادًا لفصل الشتاء.
إنجازات ونجاحات
محطة دعم جديدة بعد أن حققت الجهود الدبلوماسية الإماراتية العديد من الإنجازات خلال الفترة الماضية، كان أبرزها نجاحها في التوصل لهدن إنسانية واتفاقيات تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومن أبرز الأمثلة على تلك النجاحات:
- الاتفاق على بدء إدخال مساعدات إنسانية عاجلة من دولة الإمارات، تهدف لتلبية الاحتياجات الغذائية لنحو 15 ألف مدني في قطاع غزة كمرحلة أولى، والذي جاء بعد اتصال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، مع جدعون ساعر، وزير خارجية إسرائيل، في 21 يوليو/ تموز الماضي.
- توجت الإمارات حراكها المتواصل لدعم غزة في آخر أيام عضويتها بمجلس الأمن الدولي ديسمبر/كانون الأول 2023، بتحقيق اختراق تاريخي عبر اعتماد المجلس قرارا إماراتيا حمل رقم 2720 يدعو إلى "اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة في غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض".
- أيضا من المحطات الإماراتية البارزة لدعم غزة في مجلس الأمن، صدور قرار مجلس الأمن رقم 2712 بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 الذي يدعو إلى سلسلة من فترات التوقف عن القتال تمتد لعدة أيام في قطاع غزة، تكفي لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل وعاجل وآمن ومن دون عوائق؛ إذ عملت دولة الإمارات، بصفتها العضو العربي في المجلس، بشكل وثيق مع البعثة الدائمة لمالطا لدى الأمم المتحدة، القائمة على صياغة هذا القرار وتقديم الدعم اللازم لصدوره.