عرف زايد الخير منذ البدايات أن الإنسان هو القضية وهو الحل.
ما الذي يميز التجربة الإماراتية في نجاحاتها عن غيرها من النماذج المتقدمة الأخرى حول العالم؟
وما الذي يجعل من الإمارات قبلة أعين الشباب العربي بأكبر قدر من تطلعه إلى عواصم العالم الغربي في حاضر أيامنا؟
الأكثر مدعاة للدهشة في تجربة الشباب الإماراتي وحكومات الإمارات، أن القيادة الواعية هناك لم تعد تعتبر نفسها الوصية على الشباب، بمعنى العمل فقط على تدعيمهم في خطواتهم الأولى، وإنما عَبَرت بهم ومعهم إلى ضفاف تعزيز روح القيادة لديهم، وإشراكهم في عملية صنع القرار
الجواب على سهولته ويسره عميق جدا، والسر يتلخص في مفهوم الاستثمار في البشر، وإن كان ذلك لا يعني إهمال ترقية وتطوير الحجر، لكن التنمية كانت وستظل في الإمارات من أجل الإنسان في حاضره وغده.
الذين يتطلعون لمعرفة المستقبل الذي ينتظر التجربة الإماراتية عليهم العودة إلى الكلمات التي وجهها الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للشباب، ولجموع اليافعين من أبناء الإمارات، وإطلاقه للمبادرة العالمية لشباب الإمارات.
يحدثنا الشيخ محمد فيما يشبه حديث الذكريات عن البدايات والتمكين، ووضع الأقدام على الدرب، وهذا ما كرسه الوالد المؤسس الشيخ زايد "رحمه الله" مع اللبنات الأولى لبناء الإمارات الحديثة.
عرف زايد الخير منذ البدايات أن الإنسان هو القضية وهو الحل، وأنه إذا كان المولى عز وجل، قد استخلف الإنسان في الأرض لعمارتها، فليس أقل من النظر إلى الكائن الحي على أنه وحدة إعمار هذا الكون.
منذ البدايات الأولى آمن الشيخ زايد بأن الشباب هم صناع الغد وقادته، ومن عند ذلك المفهوم القيادي والريادي، ترسخت العلاقة الوطيدة بين القائد وأبنائه، علاقة أساسها الإيمان المطلق بطاقة الوطن الشابة، ليتوالد الدافع لأجيال تصنع اليوم مستقبل الإمارات.
والشاهد أن جميع المبادرات الحكومية الإماراتية تضع في عين الاعتبار فكرة البناء الإنساني المجتمعي الناضج والناجح، وعليه فإن خطط تنمية الشباب الإماراتي، إنما تعمد إلى توفير الإمكانات من جهة، وتوظيف الطاقات الإيجابية لديهم من جهة ثانية.
يعنّ لنا تساؤل: "كيف ولماذا تجنب الإماراتيون أزمنة السوء التي ضربت العالم العربي والشرق الأوسط السنوات القليلة المنصرمة؟ وأين كان شباب الإمارات في هذه الأثناء؟
الجواب مثير للانتباه، فقد كانوا يراقبون حالات متعددة ومتنوعة من تهتك الأنسجة المجتمعية لأوطان عربية شقيقة ضاعت منها الخطى على الطريق، واستطاع الآخر المغاير المتطرف فكريا اختراقها.
لم يكن لشباب الإمارات أن يمضوا بعيدا عن خط السلم والأمن الوطنيين، اللذين رسمهما الأب المؤسس لوطن شاب فتيّ عفيّ، وفيما كان الآخرون يحرقون أوطانهم بالنار، ويغرقونها في لجج الأكاذيب والمهاترات، كانت اللحمة والسدى بين شباب الإمارات وقيادته تتوثق من أجل تعزيز مكانة وسمعة الإمارات عالميا، وقد أخذوا على عاتقهم تقديم بلدهم للعالم، بكل ما في هذا الوطن من تراث إنساني ووجداني، وبما في التجربة الإماراتية من قيادة وريادة، استطاعت إدراك نهضة حضارية شاملة.
لم تسع حكومات الإمارات إلا في إطار خلق أجيال شابة، يمكنها أن تحمل مشاعل التنوير في وسط العديد من المجتمعات الظلامية، ولهذا فقد جاءت الثمار يانعة عبر شباب قادر بالفعل على تحمل المسؤوليات، ومن ثم القدرة على الابتكار، ما يعني الإسهام في رفاهية المجتمع الإماراتي.
ولعل المثير والأكثر مدعاة للدهشة في تجربة الشباب الإماراتي وحكومات الإمارات، أن القيادة الواعية هناك لم تعد تعتبر نفسها الوصية على الشباب، بمعنى العمل فقط على تدعيمهم في خطواتهم الأولى، وإنما عبرت بهم ومعهم إلى ضفاف تعزيز روح القيادة لديهم، وإشراكهم في عملية صنع القرار على الصعيدين التشريعي والتنفيذي.
استبقت الإمارات الآخرين في التعاطي مع مفهوم السعادة كدافع وحافز للشباب الإماراتي في طريق إدراك نجاحات غير مسبوقة، وقد آمن القائمون على شؤون الحكم في الإمارات بأن اليأس والإحباط، عطفا على الكآبة وفقدان الأمل، هي الأسباب الرئيسة التي دفعت شباب مجتمعات عربية عديدة في الأعوام الماضية للمضي وراء الأصوليات المتطرفة، كمسرب من مسارب الحياة في أسوأ صورها عندما تضيق فحة الأمل.
حين يضع قادة الإمارات وحكماؤها اليوم نصب أعينهم استراتيجية للبلاد عام 2071 أي مع مائة عام على مولد الإمارات، فإن عماد تلك الاستراتيجية هم الشباب، والمعقود على نواصيهم تحقيق أربعة محاور جوهرية تتمثل في: الوصول إلى أفضل تعليم، وأفضل اقتصاد، وأفضل حكومة في العالم، إضافة إلى أسعد مجتمع في العالم.
في هذا السياق، يفهم القارئ المحقق والمدقق لتصريحات الشيخ محمد بن زايد الأخيرة عن السباق العالمي الذي لا يتوقف، والمتسابقون من شباب الإمارات، أولئك المدعوون لتحقيق قصب السبق والفوز، وفي هذا السباق تظل الريادة عند الذين يستثمرون في العلم وإعداد الكوادر الوطنية المميزة، والتي ستقود البلاد إلى المستويات العالمية.
أجمل ما في التجربة الإماراتية، حكاما ومحكومين، تلك العلاقة الأبوية بين الكبار والصغار والشيخ محمد يصف دوما شباب بلاده بـ"عيال زايد"، ويثق بأنهم خير من يمثل البلاد في كافة المحافل الدولية، وأنهم الأجدر بتولي مثل تلك المهام الجسام من أجل رفعة الوطن.
المستقبل المشرق ينتظر شباب المستقبل عبر معادلة نجاح خلاقة.. مستقبلك رهن ما تفعله أنت وليس غيرك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة