الإمارات وكوريا الجنوبية.. 4 عقود من الشراكة يتوجها "براكة"
ملفات الطاقة النظيفة، وقطاع النفط، والسياحة، والخدمات اللوجستية، إضافة إلى التعاون الثقافي كأبرز أوجه التعاون بين الدولتين
تجسيدا لطبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تمتد لأكثر من 40 عاماً، تشارك الإمارات كوريا الجنوبية الصديقة احتفالاتها باليوم الوطني الذي يصادف الـثالث من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
وتبرز ملفات الطاقة النظيفة، وقطاع النفط، والسياحة، والخدمات اللوجستية، إضافة إلى التعاون الثقافي كأبرز أوجه التعاون بين الدولتين، فيما تمثل محطة براكة للطاقة النووية السلمية أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية بين الدولتين، والنقطة الفارقة في تاريخ علاقات البلدين بالنظر إلى حجم المشروع وما تمثله المحطة من قيمة مضافة لقطاع الطاقة الإماراتي.
وستلبي المحطة 25 بالمئة من احتياجات الإمارات من الطاقة عندما تبدأ العمل بكل طاقتها، مما سيخفض من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمقدار 21 مليون طن سنويا.
ووقع البلدان في العام 2018 شراكة استراتيجية أسهمت في تعزيز الفرص التي تؤسس أسواقا وقنوات اقتصادية جديدة خارج كوريا الجنوبية والإمارات.
وإلى جانب قطاع الطاقة النووية يتمتع البلدان بشراكة قوية في قطاع الطاقة التقليدية من خلال توقيع اتفاقيات مهمة في مجالات حقول النفط والغاز، فيما تشمل الشراكة التجارية بينهما تجارة السلع، والتكنولوجيا، والبحث والتطوير في مجال الطاقة، والخدمات المالية، والخدمات اللوجستية، والصحة، والأمن الغذائي، والزراعة، وقطاعات أخرى.
وتعد الإمارات ثاني دولة مصدرة للنفط إلى كوريا الجنوبية، وثاني مستورد من كوريا في منطقة الشرق الأوسط حيث تشمل الصادرات الكورية الرئيسة لدولة الإمارات المنتجات الإلكترونية والسيارات والمعدات والمنشآت النفطية، فيما تشمل صادرات الإمارات الرئيسة إلى كوريا الجنوبية النفط الخام والمنتجات البترولية والألمنيوم وغاز البترول المسال.
وتسعى الإمارات وكوريا الجنوبية إلى تعزيز تعاونهما في عدد من القطاعات الحيوية والتي تتضمن التكنولوجيا والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والطب والتعليم والرعاية الصحية.
واتفق الطرفان في سبتمبر/ أيلول الماضي خلال أعمال الدورة السابعة للجنة الاقتصادية الإماراتية – الكورية المشتركة على تعزيز التعاون وفق 10 قطاعات وبرامج حيوية واستراتيجية شملت العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيا الزراعية، والطاقة المتجددة، وتطوير أنظمة مواصلات عامة تتواءم مع نموذج المدن الهيدروجينية، وتدوير الموارد والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة والنفط والغاز والبنية التحتية، بما يشمل المشاريع وتكنولوجيا تحلية المياه والرعاية الصحية والخدمات الطبية، إضافة إلى تعزيز الاستجابة لجائحة كوفيد-19 وتبادل المعرفة والخبراء في الحقل الطبي والتعليم والسياحة والملكية الفكرية، وتعزيز قنوات التعاون الحكومي.
وتعد السياحة الإماراتية من الروافد المهمة في تطوير العلاقة بين البلدين، حيث بلغ عدد الإماراتيين الذين يزورون كوريا الجنوبية سنويا نحو 11 ألف شخص، وفي المقابل فإن هناك أكثر من 200 ألف مواطن كوري جنوبي يزورون دولة الإمارات سنوياً بغرض السياحة.
وتسعى الإمارات وكوريا إلى الدفع بعلاقاتهما الثنائية في مجالات جديدة أهمها المجال الثقافي بعد إطلاق الحوار الثقافي الإماراتي الكوري لعام 2020 في يناير /كانون الثاني الماضي.
ويهدف الحوار الثقافي بين الدولتين إلى تبادل الآراء والأفكار وضمان التواصل المستمر وترسيخ التقارب الثقافي والمعرفي بين ثقافات كلا البلدين، وتفعيل مجالات التعاون الثقافي والفني، والفنون، والإعلام، والرياضة، إضافة إلى مجالات التراث والأدب واللغة، وفنون والأداء والتعبير البصري، والصناعات الثقافية والإبداعية، والتكنولوجيا المرتبطة بها، وتقديم الدعم للشباب والموهوبين من الجانبين.
وخلال أزمة كوفيد-19 قدمت الإمارات وكوريا الجنوبية نموذجا متميزا للتعاون والتآزر بين دول العالم، عبر تبادل الخبرات والتجارب والإجراءات الحكومية لمواجهة الجائحة، وقدمت الإمارات المساعدة بإجلاء المواطنين الكوريين وعائلاتهم من طهران أثناء ذروة تفشي الفيروس في المنطقة.
ويمثل اليوم الوطني الكوري حدثا ومناسبة وطنية مهمة للاحتفاء بما تحقق من تقدّم وتطور شمل مختلف نواحي الحياة بفضل إرادة التغيير والنهوض لدى الشعب الكوري الجنوبي الصديق.
ونجحت كوريا الجنوبية خلال العقود الماضية في تحقيق معجزة تنموية حولتها من دولة تئن تحت وطأة الحروب والصراعات الداخلية، واقتصاد يعتمد تماما على الزراعة وصيد الأسماك، ومستوى تعليم منخفض، إلى دولة تمثل قوة اقتصادية عالمية ونموذجا للتطور المبني على الابتكار والمعرفة.
وشكل عام 1961 نقطة انطلاق في مسيرة التنمية في كوريا الجنوبية مع وصول الرئيس بارك تشونج إلى الحكم حيث أعلن عن خطة اقتصادية خمسية حققت نموا اقتصاديا بمعدل 8.9 % بين عامي 1962 و1966.
وانصب اهتمام كوريا الجنوبية في تلك الفترة على المهارات التقنية وتطوير الصناعة وخفض كلف الإنتاج بهدف تعزيز الصادرات، وهو ما أهلها لامتلاك العشرات من كبريات الشركات العالمية في مجال الصناعة.
فيما تعد كوريا اليوم من أكبر الكيانات الاقتصادية في العالم، فهي ثالث أكبر مصدّر لأشباه الموصلات في العالم، وأحد أبرز مصنعي السيارات والهواتف المحمولة، والتقنية الحديثة، كما تحتل المراكز الأولى ببراءات الاختراع سنوياً، واقتصادها يضيف ما بين 180 و300 ألف وظيفة كل عام، وتسجل صادرات تقدر بـ 580 مليار دولار في السنة.
وتمكنت كوريا الجنوبية من تأسيس نظام تعليمي أسهم بشكل كبير في مسيرة التنمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي عام 2012 بلغت ميزانية التعليم 53 تريليون وون كوري (47 مليار دولار أمريكي)، وهو ما يمثل 16.3 في المائة من ميزانية الدولة في تلك الفترة.
وتبلغ المساحة الإجمالية لكوريا الجنوبية 99392 كيلومتراً مربعاً، ويتجاوز عدد سكانها 51 مليون نسمة، فيما تعتبر العاصمة سيؤول أكبر مدن الدولة ويقطنها نحو 10 ملايين و118 ألف نسمة.
aXA6IDM1LjE3MC44MS4zMyA=
جزيرة ام اند امز