الإمارات تجني ثمار «دبلوماسية الصداقة».. شراكة استراتيجية مع الشرق والغرب
مباحثات لتعزيز الشراكة ومواجهة التحديات.. اتفاقيات ومذكرات لتعزيز التعاون.. حوارات واجتماعات لبحث مستقبل العلاقات.
عبر تلك الآليات، استثمرت القيادة الإماراتية الحضور الدولي الكبير والمشاركة رفيعة المستوى من مختلف دول العالم في القمة العالمية للحكومات 2024، التي استضافتها خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير/شباط الجاري.
مباحثات واجتماعات تجسّد عمليا نهج الصداقة والتواصل وحسن الجوار الذي يقوده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وضعت من خلالها الإمارات خارطة طريق تحقق المزيد من التقدم والنماء لشعوب الإمارات والدول الشقيقة والصديقة وكافة دول العالم.
وهو ما أشار إليه الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تغريدة له عبر حسابه في موقع "إكس" (تويتر سابقا) اليوم الخميس، قال فيها: "في أروقة القمة العالمية للحكومات تجسد عمليا نهج الصداقة والتواصل وحسن الجوار الذي يقوده رئيس الدولة، حضور دولي واسع مدفوع بمصداقية الإمارات، علاقات استراتيجية مع الهند ومزدهرة مع تركيا وشبكة مصالح مشتركة مع الشرق والغرب".
وأضاف :"بحكمة زايد ومحمد بن زايد نحو مزيد من التقدم والنماء".
مباحثات مهمة
وشارك في القمة العالمية للحكومات 120 وفداً حكومياً وأكثر من 85 منظمة دولية وإقليمية ومؤسسة عالمية، إضافة إلى نخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين، وبحضور أكثر من 4 آلاف مشارك.
وبحثت القمة العالمية للحكومات في دورتها الأخيرة 6 محاور رئيسية، و15 منتدى عالمياً تناولت التوجهات والتحولات المستقبلية العالمية الكبرى في أكثر من 110 جلسات رئيسية حوارية وتفاعلية، تحدث فيها 200 شخصية عالمية من بينهم أكثر من 25 رئيس دولة وحكومة ووزراء وخبراء ومفكرون وصناع المستقبل، إضافة إلى عقد أكثر من 23 اجتماعاً وزارياً وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من 300 وزير.
وحرصت دولة الإمارات خلال تلك القمة على إبراز التجربة الإماراتية التنموية الملهمة في هذا المحفل الدولي المهم، وعرض إنجازاتها ومشاركة أفضل التجارب والخبرات والممارسات المتميزة في مجال التنمية المستدامة بما يسهم في دعم جاهزية الحكومات للمستقبل والإسهام في تحسين حياة المجتمعات.
كما حرصت على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الدولي لتعزيز التنمية المستدامة ودعم أمن واستقرار العالم.
وظهر ذلك جليا في المباحثات المهمة التي عقدتها القيادة الإماراتية على هامش القمة العالمية للحكومات، مع عدد من رؤساء دول وحكومات العالم المشاركين في القمة.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، العلاقات الثنائية بين البلدين والعمل المشترك من أجل تحقيق أهداف الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما، وتوسيع آفاق التعاون، خاصة في المجالات التنموية التي تعود بالخير والازدهار على البلدين وشعبيهما.
كما استعرض الزعيمان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها، إضافة إلى مستجدات المنطقة وتطورات الأوضاع في قطاع غزة، مؤكدين أولوية التحرك الدولي لوقف إطلاق النار في القطاع وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين فيه، وفق قواعد القانون الدولي الإنساني.
ورحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس أردوغان، مؤكداً أن العلاقات الإماراتية-التركية شهدت تطوراً كبيراً ونوعياً خلال السنوات الماضية، خاصة على مستوى الاستثمار والتجارة والطاقة والتكنولوجيا والتنمية المستدامة وغيرها، ويعملان للبناء على هذا التطور من أجل مستقبل أفضل لعلاقاتهما.
وفي اليوم ذاته، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند مختلف جوانب "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" و"الشراكة الاقتصادية الشاملة" بين دولة الإمارات والهند، ومسارات تطويرها بما يسهم في استدامة التنمية والازدهار لشعبي البلدين.
واستعرض الزعيمان تطور شراكة البلدين وما وصلت إليه من تقدم نوعي واستراتيجي خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي، التي تعزز أولويات البلدين في تحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام.
كما تبادل الجانبان، خلال اللقاء، وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك ورؤى البلدين بشأن دعم العمل الدولي متعدد الأطراف بهدف تعزيز الاستقرار والتعاون والازدهار في العالم.
ومساء اليوم نفسه، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وإيدي راما رئيس وزراء ألبانيا مختلف جوانب العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها ودفعها إلى الأمام، خاصة في المجالات التي تخدم التنمية في البلدين، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
جاءت تلك المباحثات بعد يوم من لقاء رئيس دولة الإمارات، الإثنين، مسرور بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، حيث بحث الجانبان مختلف جوانب التعاون بين دولة الإمارات والعراق الشقيق، خاصة إقليم كردستان العراق في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والإنسانية التي تخدم جهود التنمية وتحقيق الازدهار لدى الجانبين.
وفي اليوم نفسه، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والدكتور مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر العلاقات الأخوية الراسخة وجوانب التعاون والعمل المشترك بين البلدين وسبل تنميتها في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المتبادلة، انطلاقا من الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما، إضافة إلى عدد من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتطرقت جميع تلك اللقاءات إلى القمة العالمية للحكومات وأهمية ما تطرحه من موضوعات وحلول مبتكرة بشأن استشراف مستقبل الحكومات والإسهام في بناء مستقبل أفضل للدول والمجتمعات من خلال تمكين صناع القرار والعمل على تعزيز جاهزيتهم للمستقبل، وما توفره كمنصة عالمية لتبادل الخبرات والتجارب الملهمة في تطوير العمل الحكومي وإيجاد حلول مبتكرة لتحدياته بجانب تعزيز جهود التنمية الوطنية والاستدامة والجاهزية لبناء مستقبل أفضل.
اتفاقيات ومذكرات
وعلى هامش تلك اللقاء والاجتماعات التي صاحبت القمة، تم عقد العديد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين الإمارات ومختلف دول العالم، بما يصب إجمالا في صالح تحقيق التنمية والازدهار للجانبين ومختلف دول العالم.
وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وناريندرا مودي، عقب جلسة مباحثات بينهما، تبادل مذكرات تفاهم واتفاقيات، تهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين وتوسيع آفاق تعاونهما خاصة في المجالات الحيوية.
وشملت الاتفاقيات والمذكرات، المجالات التالية: الاستثمار والتجارة ومشاريع البنية التحتية الرقمية والربط الكهربائي والنقل البحري والموانئ والسكك الحديدية، إضافة إلى الربط الشبكي للتحويلات عبر الحدود وربط منصات الدفع الفوري بجانب اتفاق إطاري بشأن تمكين الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا وغيرها من المجالات الحيوية.
أيضا وضع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يرافقه ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند، الأربعاء، حجر الأساس لمشروع "بهارات مارت"، والمقرر افتتاحه في دبي عام 2026.
وكشفت مجموعة موانئ دبي العالمية "دي بي ورلد"، المزوّد الرائد للحلول اللوجستية الذكية، الأربعاء، وضمن أعمال القمة العالمية للحكومات، عن مشروع بوابة الهند التجارية "بهارات مارت"، الذي يوفر منصّة تجارية عالمية المستوى للمصنّعين والمصدّرين الهنود، تمكنّهم من الوصول إلى الأسواق العالمية.
ويسهم تأسيس سوق "بهارات مارت" في تعزيز العلاقات التجارية الراسخة بين الإمارات والهند، في إطار مساعي الإمارات الهادفة إلى تحقيق تجارة بينية غير نفطية بقيمة 100 مليار دولار مع حلول عام 2030، حيث سيدعم السوق تحقيق هذا الهدف.
وفي اليوم ذاته، وقعت وزارة الاستثمار مذكرة تفاهم مع وزارة الإلكترونيات وتقنية المعلومات في جمهورية الهند، لاعتماد إطار تعزيز التعاون الثنائي الاستثماري بين الجانبين في قطاع البنية التحتية الرقمية مع التركيز بشكل خاص على إنشاء مشروعات مراكز البيانات في الهند.
وتمثل مذكرة التفاهم، خطوة مهمة نحو تطوير الفرص الاستثمارية في البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي بين البلدين، ويعكس أهمية الجهود التي تقودها دولة الإمارات وجمهورية الهند في سبيل تعزيز التعاون الإقليمي والرقمي.
وبموجب المذكرة، سيقوم الجانبان ببحث وتقييم الإمكانات الفنية والاستثمارية لتطوير مشروعات مراكز البيانات في جمهورية الهند بقدرة أولية تصل إلى 2 غيغاواط، إضافة إلى تعزيز وتسهيل الاستثمارات في البنية التحتية العامة الرقمية (DPI) والذكاء الاصطناعي (AI) والجوانب المتعلقة بالبحث والتطوير والابتكار.
علاوة على ذلك، ومن أجل دعم نشر مجموعة أجهزة الكمبيوتر العملاقة في جمهورية الهند، سيقوم كلا البلدين بتقييم بحث مشروع بناء ونشر مجموعة أجهزة الكمبيوتر العملاقة في الهند، بقدرة حسابية للذكاء الاصطناعي تصل إلى 8 إكسافلوبس، للاستخدام من قبل القطاعين العام والخاص والأوساط الأكاديمية.
واحتلت دولة الإمارات المرتبة الرابعة بصفتها أكبر مستثمر في جمهورية الهند، والمرتبة السابعة بوصفها أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2023.
كما تعد الهند حاليًا من بين أفضل 15 دولة على مستوى العالم فيما يتعلق بسعة مراكز البيانات، حيث تضم شبكة مكونة من 151 مركز بيانات منتشرة في مناطقها المختلفة. كما يتوقع أن ترتفع قيمة الاقتصاد الرقمي في الهند من 175 مليار دولار أمريكي في عام 2022 إلى تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030.
وضمن مشاركته في القمة العالمية للحكومات 2024، أعلن مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، الجهة الرائدة المعنية بتعزيز منظومة البحث والتطوير في أبوظبي، وتسريع الأولويات الاستراتيجية في هذا المجال في دولة الإمارات، توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومعهد أبحاث الذكاء الاصطناعي في جمهورية صربيا، بهدف الاستفادة من الخبرات التقنية الواسعة لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة والجهات التابعة له، من أجل إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع البنية التكنولوجية في صربيا.
أيضا، وقع مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في حكومة دولة الإمارات، خلال القمة العالمية للحكومات، اتفاقيات تعاون مع كلٍّ من جمهورية النمسا وجمهورية منغوليا وجمهورية كولومبيا، لتعزيز تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات الناجحة في هذا المجال.
يأتي هذا ضمن سعي حكومة دولة الإمارات الدائم إلى توسيع الشراكات العالمية الهادفة إلى تعزيز الاستفادة من حلول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتوظيفها في تحسين أداء القطاعات الحيوية، ما يجسد رؤى القيادة الرشيدة بتوسيع مجالات تبني الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي، وصولاً إلى ترسيخ نموذج حكومات المستقبل المعززة بالذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية.
كذلك أعلن مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، الجهة الرائدة المعنية بتعزيز منظومة البحث والتطوير في أبوظبي وتوجيه الأولويات الاستراتيجية للمجال في الإمارات العربية المتحدة، عن توقيع مذكرة تفاهم مع مكتب الإدارة والحكومة الرقمية في ولاية ساو باولو البرازيلية وذلك على هامش أعمال القمة العالمية للحكومات لعام 2024 في دبي.
ويهدف هذا التعاون إلى الاستعانة بالخبرات التقنية لدى المجلس والجهات التابعة له، من أجل إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في البنى الأساسية والخدمات الحكومية في ساو باولو.
وبموجب الاتفاقية، ستستكشف حكومة ساو باولو سبل الدعم لتبني استخدام النموذج اللغوي الكبير "فالكون" بإصداراته وحلوله المختلفة، فضلاً عن دعم استخدام النموذج ضمن المنظومة الرقمية للمدينة وتشجيع مختلف المؤسسات والشركات العاملة فيها لاستخدام نموذج فالكون والمساهمة في تطوير النماذج مفتوحة المصدر بناءً عليه. وتشكل هذه الشراكة خطوةً مهمة في تبني قدرات فالكون خارج حدود الشرق الأوسط، ما يمهد الطريق لمزيد من مبادرات التعاون الدولي التي ستساهم في تشكيل مستقبل الابتكار التكنولوجي.