الإمارات وحرب السودان.. إصرار على إنهاء الأزمة وتحذيرات من إطالة أمدها
تمسك دولة الإمارات، بخارطة طريق شاملة ومدعومة دوليا، لإنهاء أزمة السودان، يجسد إصرارا وحرصا على إعادة الاستقرار والسلام للبلد الأفريقي.
حراك يتواصل في مختلف المحافل الدولية دعمًا لأي حل سياسي سلمي في السودان، يسكت أزيز الرصاص ويحفظ وحدة البلد الأفريقي، ويحقق تطلعات شعبه في التنمية والرخاء.
كما يدحض المحاولات المتواصلة من سلطة بورتسودان لإساءة استخدام منصات الأمم المتحدة، لتوجيه ادعاءات وافتراءات وأكاذيب ضد دولة الإمارات.
وتتوافق الرؤية الإماراتية لحل الأزمة مع خارطة الطريق التي طرحتها المجموعة الرباعية (تضم الإمارات ومصر والسعودية والولايات المتحدة) لإنهاء هذه الحرب الأهلية.
خارطة طريق شاملة
تلك الخارطة أعادت الإمارات طرحها مجددا خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، مساء الإثنين، لمناقشة الوضع المتدهور بسرعة في السودان.
السفير محمد أبوشهاب، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، حدد في كلمته خلال الجلسة مسارات واضحة لتلك الخارطة، حدد فيها أولويات عاجلة تقود إلى نتائج محددة على المسارين الإنساني والسياسي.
كما حدد مطالب محددة من المجتمع الدولي.
وأطلق تحذيرات من تداعيات إطالة أمد النزاع.
وبين في هذا الصدد ما يلي:
- الأولوية العاجلة تتمثل في إقرار هدنة إنسانية.
- تلك الهدنة تتيح وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق في جميع أنحاء السودان.
- إقرار الهدنة من شأنه أن يفضي مباشرة إلى وقف دائم لإطلاق النار .
- ومن ثم الانتقال إلى مسار سياسي يقود إلى حكم مدني مستقل ومنفصل عن الأطراف المتحاربة.
عملية الرباعية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة، تظل الإطار الأكثر قدرة على تحقيق هذه الأهداف. 
مطلوب من المجتمع الدولي
ودعا مندوب دولة الإمارات المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده للضغط على طرفي النزاع للقبول بالهدنة.
وأكد أنه في حال رفض الطرفين، يجب أن يكون مجلس الأمن مستعدًا للتحرك واستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك فرض حظر شامل على الأسلحة في جميع أنحاء السودان، لوقف تدفق السلاح عبر الحدود والذي يسهم في تأجيج الحرب.
تحذيرات
وحذر السفير محمد أبوشهاب من أن المجتمع الدولي لا يجب أن يقف مكتوف الأيدي بينما تستمر الحرب الأهلية.
وبين مخاطر إطالة أمد النزاع وهي:
- استمرار النزاع يخلق فراغًا خطيرًا يسمح لشبكات التطرف والإرهاب بإعادة تجميع صفوفها، وتمويل نفسها، وتجنيد عناصر جديدة.
- هذا الأمر قد يؤدي إلى توسع رقعة النزاع لتشمل دول الجوار والمنطقة بأكملها، كما ورد في البيان المشترك للرباعية الدولية الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي أكد أن مستقبل السودان لا يمكن أن تمليه مجموعات متطرفة عنيفة، بما في ذلك تلك المرتبطة بجماعة الإخوان، ذات الأثر المزعزع للاستقرار، والتي أسهمت في تأجيج العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
وأكد المندوب الدائم لدولة الإمارات بالأمم المتحدة، ضرورة الوضوح بأن أي مسار سياسي مقبل يجب أن يحرم هذه الجماعات المتطرفة من الفضاء والموارد والشرعية، وأن يستند إلى انتقال مدني حقيقي تقوده حكومة مدنية مستقلة لا تخضع لأي من طرفي النزاع.
وأشار إلى أن من الدلائل الواضحة على استمرار استخدام العنف لإسكات الدعوات المطالبة بالحكم المدني ما وقع أثناء إحياء ذكرى ثورة ديسمبر/كانون الأول، (التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير والحركة الإسلامية السياسية من السلطة).
وشدد على أن حكومة مستقلة بقيادة مدنية فقط هي القادرة على معالجة الأسباب الجذرية لهذا النزاع، ومنع السودان من الانحدار مجددًا أو البقاء عالقًا في دوامات متكررة من الحكم العسكري وعدم الاستقرار.
تجاوز الخطوط الحمراء
أيضا حذرت دولة الإمارات في كلمتها من أن أحد أبرز تداعيات إطالة أمد النزاع هو تفاقم الوضع الإنساني وتجاوز الخطوط الحمراء في الصراع.
وأوضح السفير محمد أبوشهاب مندوب دولة الإمارات في هذا الصدد أن النزاع تجاوز خلال الشهر الجاري خطًا أحمر جديدًا مع وقوع هجوم مباشر استهدف الأمم المتحدة، حيث أدانت دولة الإمارات بشكل قاطع الهجوم البشع بطائرات مسيرة على قاعدة لوجيستية لبعثة «بونيسفا» في كادوجلي، والذي أسفر عن الموت المأساوي لعدد من حفظة السلام الأمميين.
واعتبر أن هذا الهجوم يمثل تصعيدًا خطيرًا يستوجب محاسبة الجناة وكل المسؤولين عنه.
انتهاكات بالجملة
وأكد المندوب الدائم لدولة الإمارات أن هذا الهجوم لا يُعد حادثًا معزولًا أو واقعة فردية، بل يعكس نمطًا أوسع وأكثر خطورة من الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المتحاربة، والتي شملت:
- فظائع بحق المدنيين في مناطق عدة، من بينها الفاشر وكردفان والجزيرة.
- الإعلان عن طرد موظفين أمميين واعتبارهم أشخاصًا غير مرغوب فيهم، بدءًا من الممثل الخاص السابق للأمين العام وصولًا إلى مسؤولين كبار في برنامج الأغذية العالمي، وذلك في ذروة المجاعة.
- عرقلة وتسييس وصول المساعدات الإنسانية.
- استخدام التجويع كسلاح حرب.
- توجيه تهديدات مباشرة للوسطاء الذين يعملون على تيسير هدنة إنسانية.
وأكد أن مثل هذه الأفعال تقوض بشكل مباشر جهود الوساطة الدولية وتضعف قدرة الأمم المتحدة على حماية المدنيين وإيصال المساعدات المنقذة للحياة.
وشدد مندوب دولة الإمارات على وجود حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن طرفي النزاع ارتكبا جرائم حرب، مؤكدًا أن الأدلة على الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع وحلفاؤها، وكذلك القوات المسلحة السودانية والمجموعات الإسلامية المتحالفة معها، آخذة في التزايد، بما في ذلك التقارير الأخيرة التي تحدثت عن فظائع ممنهجة بدوافع إثنية، في إشارة إلى ما جرى في ولاية الجزيرة.
التزام إماراتي
واختتم مندوب دولة الإمارات بالتأكيد على أن:
- التزام دولة الإمارات تجاه الشعب السوداني التزام راسخ وطويل الأمد.
- دولة الإمارات ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل تأمين وقف فوري لإطلاق النار.
- الإمارات ستواصل العمل لدعم مسار موثوق يقود إلى سلام دائم في السودان.
تفنيد المزاعم
رؤية إماراتية شاملة وواضحة لإنهاء الأزمة، يقابلها إصرار من سلطة بورتسودان على محاولة تشويهها.
وأعرب السفير محمد أبوشهاب عن «أسفه لاستغلال هذه المناسبة الأممية لتأكيد أو نشر مزاعم كاذبة ضد دولة الإمارات»، وشدد على «رفض دولة الإمارات التام لهذه الادعاءات».
محاولات متواصلة من سلطة بورتسودان لإساءة استخدام منصات الأمم المتحدة، لتوجيه ادعاءات وافتراءات وأكاذيب ضد دولة الإمارات.
تحمل تلك المحاولات مآرب خبيثة وأهدافًا مشبوهة، على رأسها الإساءة لدولة الإمارات والنيل من مكانتها، بهدف تضليل الرأي العام المحلي والدولي، وصرف الانتباه عن مسؤوليتها عن الجرائم التي تُرتكب في هذه الحرب، بهدف إطالة أمدها وعرقلة أي مسار حقيقي للسلام.
أكاذيب متكررة سبق أن نفت صحتها تقارير ومنظمات دولية موثوقة من نيويورك بأمريكا (مقر مجلس الأمن الدولي) مرورًا بجنيف بسويسرا (مقر مجلس حقوق الإنسان)، إلى لاهاي في هولندا (مقر محكمة العدل الدولية).
شهادات دولية جاءت كصفعات تدين انتهاكات سلطة بورتسودان (حكومة الجيش السوداني التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقرًا لها)، وترفض أكاذيبها المتتالية ومزاعمها المتكررة بشأن دعم دولة الإمارات لأحد أطراف الصراع، وتنتصر لجهودها الدبلوماسية والإنسانية الداعمة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

حراك دبلوماسي وإنساني
جهود عابرة للحدود والقارات انطلقت منذ بداية الأزمة في أبريل/نيسان 2023، دعمًا لأي حل سياسي سلمي في السودان، يسكت أزيز الرصاص ويحفظ وحدة البلد الأفريقي، ويعيد الاستقرار والأمن والسلام إلى أراضيه، ويحقق تطلعات شعبه في التنمية والرخاء.
وعلى مدار 32 شهرا من عمر الأزمة، كانت دولة الإمارات عضوا فعالا في مختلف الآليات الدولية التي تم تشكيلها لمعالجة الأزمة، بدءا من منصة «متحالفون لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان»، وصولا إلى المجموعة الرباعية التي تضم (الإمارات- السعودية- مصر- الولايات المتحدة) وتعمل على إنهاء الصراع وتهيئة الظروف للحوار.
ويتوافق التوجه الإماراتي لحل الأزمة بشكل كامل مع خارطة طريق الرباعية الدولية، التي تضع السودان وكرامة شعبه في صدارة أولوياتها، وتؤكد أن الحل السياسي المدني الشامل، هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع المستمر.
وجنبا إلى جنب مع جهودها الدبلوماسية، واصلت دولة الإمارات دعمها الإنساني لأهل السودان، في حقائق يمكن رصدها بالأقوال والأفعال ولغة الأرقام التي تؤكد تقديم الإمارات أكثر من 780 مليون دولار منذ اندلاع الأزمة في السودان 15 أبريل/نيسان 2023، ليرتفع إجمالي مساعداتها للسودان على مدار السنوات الـ10 الماضية إلى أكثر من 4.2 مليار دولار.
مساعدات إنسانية لإغاثة شعب السودان والتخفيف من تداعيات الحرب عليه منزهة عن أي غرض أو هدف.