معروف عن السياسة الخارجية الإماراتية منذ نشأة الدولة، أنها تنحاز إلى المصلحة الخليجية والعربية.
تهنئة القيادة السياسية في دولة الإمارات، السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، سلطان عمان، والشعب العماني الشقيق، بمناسبة بالذكرى الـ48 ليوم النهضة المباركة التي توافق 23 من يوليو من كل عام، رغم أنه إجراء دبلوماسي تقليدي متبع بين مختلف دول العالم، إلا أن خصوصية العلاقة التي تربط الإمارات مع عمان تعني في الجانب الأكبر منها، تأكيدا على مكانة وعمق العلاقات مع الأشقاء الأقربين.
من الطبيعي أن نقول بأن العلاقات الإماراتية –العمانية تتمتع بقدر كبير من المتانة والعمق الاستراتيجي المتبادل بين البلدين، والتي من البديهي لها أن تخلق تفاهمات بين البلدين، وتقلل من حجم التباينات في المواقف، بصرف النظر عن طبيعتها، والرهان الدائم فيها على الرؤية بعيدة المدى للقيادتين
رمزية التهنئة تمثل علامة سياسية مهمة في ظل العديد من التطورات المهمة التي تمر بها المنطقة، وينظر لها على أنها فرصة عملية لتوضيح خصوصية العلاقة بين البلدين: دولة الإمارات وسلطنة عمان، والتي هي أقوى بكثير من علاقات المصالح التي تربطهما مع مختلف دول العالم؛ وذلك لأسباب عدة منها: التداخل الاجتماعي بين الشعبين، والعلاقات الثقافية الممتدة على مدار التاريخ، والتي تكفي لتؤكد متانة تلك العلاقات التي تزيح معها أي حواجز أو منغصات قد تحدث بفعل الاختلاف في المصالح السياسية أو غيرها، أو التي قد يفتعلها أحد لغرض ما.
المتابع للعلاقات بين الدولتين يجد أن الشيء الرائع في العلاقات بين البلدين هو أن الوشائج الإنسانية المتداخلة بينها والتي فرضتها الجغرافيا والتاريخ هي أحد الأسباب الرئيسية لتوطيد العلاقات الاستراتيجية وزيادة أهميتها، وأنها تزيدها عمقاً أكبر ومحبة بين الشعبين برعاية القيادتين في البلدين.
من خلال الملاحظة، فإن دولة الإمارات تتبع نهجا خاصا بها لعلاقاتها مع شقيقاتها من الدول الخليجية، فمن جانب نجد أن تلك العلاقة مزدهرة وتسير نحو المزيد من التعاون الثنائي كل حسب مدى حجم الاستفادة من الإمكانيات والرغبة الموجود لدى القيادة بين البلدين، فتربطها بالسعودية مثلاً علاقات استراتيجية؛ نظراً لطبيعة الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية المشتركة، في حين أن العلاقات مع سلطنة عمان لها بعد متعلق بالعمق الاستراتيجي؛ نتيجة للتقارب الجغرافي والتداخل التاريخي والإنساني.
إلا أنها - الإمارات- من جانب آخر، تحتفظ بعلاقات وفق المنظومة الإقليمية "البيت الخليجي" مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث تتضامن معها بشكل جماعي في كل المواقف السياسية، انطلاقاً من طبيعة العلاقات بين أعضاء هذه المنظومة العريقة، لأنها تدرك أن التحرك الجماعي في الوقت الحالي أكثر تأثيراً في السياسة الدولية، خاصة أن الدول الخليجية تمثل كتلة سياسية وجغرافية واحدة من حيث التحديات والاستقرار.
معروف عن السياسة الخارجية الإماراتية منذ نشأة الدولة، أنها تنحاز إلى المصلحة الخليجية والعربية أكثر عندما تتعرض أية دولة لـ"منغصات" سياسية أو اقتصادية وأمنية، وأكبر مثال لنا ما يقوم به التحالف العربي في اليمن، وجهود دعم الاستقرار في مملكة البحرين، وكذلك دعم مصر والمملكة الأردنية.
بإمكان أي مراقبٍ الحديث عن طبيعة العلاقات الإماراتية مع باقي دول العالم، بما فيها الدول العربية، وبإمكان هؤلاء المراقبين أن يتحدثوا عن حجم التقدير الذي يتمتع به قادتها من شعوب الدول الأخرى، لكن الحديث عن العلاقة مع سلطنة عمان شأن آخر وتقدير مختلف؛ لذا فإن مجرد محاولة التفكير في تعكير صفو تلك العلاقة مصيره الفشل، ولا يمكن لأيٍّ كان أن يمس خصوصيتها؛ لأن التأسيس في هذه العلاقة كان وفق مبادئ الاحترام والتقدير بين البلدين.
وفي هذا السياق، فإنه من الطبيعي أن نقول بأن العلاقات الإماراتية-العمانية تتمتع بقدر كبير من المتانة والعمق الاستراتيجي المتبادل بين البلدين، والتي من البديهي لها أن تخلق تفاهمات بين البلدين، وتقلل من حجم التباينات في المواقف بصرف النظر عن طبيعتها، والرهان الدائم فيها على الرؤية بعيدة المدى للقيادتين، والتي تنصبّ على أمن واستقرار البلدين ورخاء شعبيهما.
أختم بأن تهنئة القيادة الإماراتية الرشيدة للقيادة والشعب العماني الشقيق، بعيد نهضتها المجيدة التي قاد مسيرتها التنموية السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، الذي صادف يوم أمس، إنما تعكس الاهتمام التقليدي للقيادة الإماراتية في كل ما يسعد الشعب العماني، ويحقق له الرفاهية والاستقرار، وهي عادة أو إرث إماراتي أصيل مع كل الأشقاء الخليجيين منذ تأسيس دولة الاتحاد، كما أن تلك التهنئة تعكس المساندة والتعاضد الإماراتييْن للشقيقة عمان، بصورة تخيب مساعي البعض في تعكير صفو تلك العلاقة، ووقف الألاعيب المفضوحة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة