الإمارات ودعم حقوق الإنسان.. تجربة ملهمة ومبادرات إنسانية رائدة
مدعومة بتجربة ملهمة في دعم حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي، تخوض الإمارات انتخابات عضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي.
وتجري الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الخميس، انتخابات بالاقتراع السري المباشر وبشكل فردي على شغل 18 مقعداً في مجلس حقوق الإنسان المكون من 47 عضواً لمدة ثلاث سنوات.
وتخوض الإمارات تلك الانتخابات في وقت تتوالى فيه الإشادات الدولية بجهودها الرائدة لتعزيز حقوق الإنسان، عبر دورها الإنساني العابر للحدود والقارات.
ويتم انتخاب الأعضاء الجدد في مجلس حقوق الإنسان من قبل جميع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال التصويت الفردي والمباشر والسري بالأغلبية المطلقة (97 صوتاً).
وتجرى الانتخابات كل عام لانتخاب ثلث أعضاء كل مجموعة إقليمية، ويخدم الأعضاء لمدة ثلاث سنوات، ولا يحق لهم إعادة انتخابهم السنوي على الفور بعد خدمتهم لفترتين متتاليتين.
وتستند عضوية المجلس إلى التوزيع الجغرافي العادل، وتوزع مقاعده بين المجموعات الإقليمية كالتالي: (مجموعة الدول الأفريقية 13 عضواً، مجموعة الدول الآسيوية 13 عضواً، مجموعة دول أوروبا الشرقية 6 أعضاء، مجموعة دول أمريكا اللاتينيـة ومنطقة البحر الكاريبي 8 أعضاء، مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخرى 7 أعضاء).
توقيت هام
تأتي انتخابات اليوم بعد أيام من اعتماد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، السبت، "مبادئ الخمسين" التي ترسم المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال نصف القرن القادم، وترسخ خلالها "دار زايد" مبادئ إنسانية سامية تحفظ حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي.
كما تأتي الانتحابات الحقوقية الأممية بعد 6 أسابيع من إنشاء "الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان"، الأمر الذي سيسهم في تعزيز قيم احترام التعددية والقبول بالآخر واستدامة أسس التعايش والتسامح والوئام.
أيضا تأتي الانتخابات في وقت يواصل فيه العالم جني ثمار المبادرات الإماراتية الإنسانية، التي تأتي ضمن استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز بناء على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين.
نهج أبدي
وترسم وثيقة "مبادئ الخمسين" التي تم الكشف عنها قبل نحو شهر، واعتمدها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، قبل أيام، المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال نصف القرن القادم.
ويضم المبدأ التاسع مبادئ في قمة الرقي والسمو حول استراتيجية الإمارات الإنسانية، حيث ينص على أن "المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً. ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة".
كما أن "الاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات".
واستبق إعلان عن مبادئ الخمسين، إصدار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات في 30 أغسطس/آب الماضي القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2021 بشأن "الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان"، التي يقع ضمن مهامها "المشاركة في المحافل الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان".
يأتي إنشاء دولة الإمارات هذه الآلية المهمة في إطار حرصها على تعزيز وتطوير بنيتها المؤسسية المعنية بحقوق الإنسان، بما يسهم في تعزيز مكانة الإمارات، وإبراز أدوارها في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الدولي.
على أرض الواقع تم ترجمة تلك المبادئ والقيم والجهود في مد يد الغوث والإعانة للمحتاجين حول العالم، كما ظهر في مواقف الإمارات الإنسانية خلال الأزمة الأفغانية الحالية، وقبلها في إغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية التي شهدتها العديد من الدول والأقاليم حول العالم.
كما ظهر -وما زال- خلال جائحة كورونا في مبادرات الإمارات الرائدة في دعم حق الإنسان بدون تمييز في الحصول على اللقاح، إضافة إلى مساعدة دول العالم على تجاوز الظروف الصحية التي خلفتها الجائحة، والوقوف إلى جانبها وتعزيز قدراتها الصحية، حيث أرسلت نحو 2250 طناً من المساعدات الطبية إلى 136 دولة.
أيضاً ظهرت في الجهود الإماراتية الرائدة لمكافحة الاتجار بالبشر على الصعيدين المحلي والدولي، على مختلف الأصعدة التوعوية والأمنية والحقوقية، والتشريعية.
تلك الجهود الإنسانية تعكس بشكل واضح قيم ونهج الإمارات الراسخ في حماية حقوق الإنسان على الصعيد الدولي.
مبادرات إنسانية رائدة
وتظهر المساعي الإماراتية لدعم حقوق الإنسان على الصعيد الدولي في جهودها الإنسانية الرائدة، لمد يد العون وإغاثة المحتاجين حول العالم، والتي تظهر بشكل جلي هذه الأيام خلال الأزمة الأفغانية.لم تكتفِ الإمارات بمساعدة دول العالم على إجلاء رعاياها من أفغانستان في الظروف الراهنة فحسب، وإنما قامت باستضافة 9000 من المواطنين الأفغان الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان، وذلك قبيل توجههم إلى دول أخرى.
وتم توفير الرعاية والدعم اللازمين لضيوف الإمارات بما يوفر لهم مقومات الحياة الكريمة ويحقق الأهداف النبيلة لدولة الإمارات العربية المتحدة في ظل مجتمع متسامح ومتكاتف.
وقامت دولة الإمارات بتسهيل عمليات الإجلاء لنحو 40 ألفا من الأجانب والأفغان من أفغانستان، وذلك باستخدام طائراتها وعبر مطاراتها.
ويستمر الجسر الجوي الإماراتي الذي وجّه بتسييره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدعم الشعب الأفغاني، على مدار الساعة بتكثيف مساعداته التي تستفيد منها آلاف الأسر الأفغانية خاصة النساء والأطفال وكبار السن.
تأتي هذه الجهود في إطار النهج الإنساني الذي تتعامل به الإمارات مع تطورات الأوضاع في أفغانستان، وضمن رسالتها الإنسانية العالمية على الساحة الدولية عامة وتجسيداً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الداعية إلى التضامن والتكاتف الإنسانيين في أوقات المحن والأزمات.
جهود قام على أثرها الكثير من قادة دول العالم بتوجيه الشكر للإمارات من بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن وبيدرو سانشيز رئيس وزراء إسبانيا وسكوت موريسون رئيس وزراء أستراليا.
أيضا برزت جهود الإمارات الإنسانية في إغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والبراكين والحرائق، حيث كانت الإمارات حاضرة دائماً لمد يد العون والمساعدة ودعم المتضررين والمنكوبين.
مكافحة الاتجار بالبشر
أيضا تظهر المساعي الإماراتية لدعم حقوق الإنسان على الصعيد الدولي في جهودها الرائدة في مكافحة الاتجار بالبشر، على مختلف الأصعدة التوعوية والأمنية والحقوقية والتشريعية.
وقبل نحو 3 شهور سجلت وزارة الداخلية الإماراتية نجاحاً كبيراً خلال عملية "ليبرتيرا" العالمية المعنية بمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والتي جرت بتنسيق بين أجهزة 47 دولة وتمّ خلالها إلقاء القبض على 286 شخصاً وإنقاذ 430 من ضحايا الاتجار بالبشر إلى جانب تخليص 4000 من المهاجرين غير الشرعيين في 74 دولة حول العالم.
جهود شاملة تتواصل وتتزايد لتبرز تجربة الإمارات الرائدة في مكافحة تلك الجريمة العابرة للحدود.
تجربة رائدة تستند تشريعياً إلى القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، المُعدل بالقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2015 في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، حيث كانت الإمارات سباقة في سن قانون شامل لمكافحة الاتجار بالبشر، يحمي الضحايا ويعاقب منتهكي حقوقهم، ويردع مَن تسوّل له نفسه الإقدام على تلك الجرائم.
ومؤسساتياً، عبر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي أنشئت بقرار من مجلس الوزراء في عام 2007، من أجل تنسيق الجهود الرامية إلى ضمان التطبيق الفعال للقانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، لتكون إطاراً ينسق ويوحد جهود مختلف مؤسسات الدولة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.
وإنسانياً، بإنشاء العديد من المراكز المجتمعية المعنية بمعالجة تأثير مثل تلك الجرائم واحتوائها، وتقديم مساعدات قانونية ونفسية ومادية تمهيداً لإعادة الضحايا إلى حياتهم الطبيعية، ودمجهم في المجتمع بما يحقق الاستقرار الأسري والمجتمعي.
كما تضم دولة الإمارات حالياً شبكة من المراكز للإيواء لحماية الضحايا وإعادة تأهيلهم، ولديها أيضاً خط ساخن مخصص لتسهيل الإبلاغ عن حالات الاتجار بالبشر وتمكين الضحايا من طلب الحماية.
أيضاً تؤمن الإمارات بأهمية تضافر الجهود الدولية لمكافحة جريمة تعتبر من أكثر الجرائم المنظمة العابرة للحدود انتشاراً، وتشارك في العديد من الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الاتجار بالبشر وتثير القضية بانتظام في المحافل الدولية المعنية بهذا الشأن.
مكافحة كورونا.. تضامن إنساني
وخلال جائحة كورونا، بزرت مبادرات الإمارات الرائدة على الصعيد الدولي في دعم حق الإنسان بدون تمييز في الحصول على اللقاح.
جهود ظهرت جليا في جسور المساعدات الإنسانية التي دشنتها الإمارات لتصل إلى أكثر من 136 دولة حول العالم، حملت مساعدات طبية وإنسانية عاجلة استفاد منها نحو مليونين من العاملين في المجال الطبي.
وحرصت دولة الإمارات منذ بداية أزمة "كوفيد- 19"، على القيام بمسؤوليتها الإنسانية تجاه الشعوب في مختلف أنحاء العالم، وقدمت ولا تزال تقدم الدعم والمساعدة للعديد من الدول لتجاوز تداعيات جائحة "كوفيد - 19".
كما تدعم دولة الإمارات وتشارك في كل تحرك دولي جماعي للتصدي لجائحة كورونا، بما في ذلك دعم الجهود الدولية لتسريع عملية اللقاحات والتوزيع العادل للقاح، حيث أطلقت مبادرة "ائتلاف الأمل" من أجل الاستعداد لتسهيل ودعم توزيع 6 مليارات جرعة من التطعيمات حول العالم مع رفع هذه القدرة إلى 18 مليارا في نهاية عام 2021.
وشكلت مساعدات دولة الإمارات حتى يوليو/تموز الماضي نحو 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتعثرة خلال جائحة "كوفيد-19".
القمة الإنسانية
على صعيد جهود الإمارات الإنسانية المتواصلة على الصعيد الدولي، تستضيف دبي فعاليات القمة العالمية للإنسانية في 30 مارس/آذار 2022 والتي تم الإعلان عن إطلاقها على هامش اليوم العالمي للعمل الإنساني حيث تهدف القمة إلى إيجاد الحلول المناسبة لبعض القضايا المستمرة حول العالم بما في ذلك تحديات جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والقضايا الأخرى المتعلقة بالعنصرية والمساواة بين الجنسين والتعصب والتمييز.
وتجمع القمة العالمية للإنسانية تحت مظلتها المؤسسات الحكومية والخيرية والدينية ومؤسسات حقوق الإنسان والمثقفين والفنانين والإعلاميين والجمعيات الثقافية والقطاع الخاص بهدف عقد حوارات وإلقاء الضوء على المخاوف الراهنة التي يحتاج العالم إلى معالجتها.
وتناقش القمة أزمات اليوم التي أصبحت أكبر وأكثر تعقيدا من السابق وتستمر لسنوات عديدة، ما يجعل تقديم المساعدات الإنسانية ومد يد العون أكثر صعوبة حيث تبحث القمة التنسيق وتضافر الجهود نحو تقديم المساعدات الخارجية والاستجابة للأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية، إذ تلعب القمة دورا رئيسيا في دعم ومساعدة المنظمات الإنسانية الدولية التي يمكنها تحسين حياة الناس وإنقاذ المزيد من الأرواح.
نشر التسامح
جهود متواصلة جعلت الإمارات بما تبذله من جهود ومبادرات، نموذجا ملهما في ترسيخ الأخوة الإنسانية وإرساء ركائز التسامح، الذي يعد عماد حقوق الإنسان.
وتجسد الإمارات هذا الأمر قولا وفعلا على أرض الواقع، من خلال احتضانها أكثر من 200 جنسية يعيشون في وئام وسلام، ويمارسون معتقداتهم بحرية تامة.
تلك القيم تظهر جلية أيضا في "بيت العائلة الإبراهيمية"، الجاري إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، ويضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويجسد "بيت العائلة الإبراهيمية"، ترجمة على أرض الواقع لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
ويحمل "بيت العائلة الإبراهيمية"، المقرر افتتاحه عام 2022، عدة رسائل تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.
كما تجسد رسالة الإمارات للإنسانية أهمية التعايش والأخوة بين الجميع بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
تقدير وعرفان دولي
جهود الإمارات في دعم حقوق الإنسان بشتى السبل عبر دبلوماسيتها الإنسانية، حظيت بتقدير وعرفان دولي، إذ منحت المؤسسة البابوية التربوية التابعة للفاتيكان، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وسام "رجل الإنسانية"، في يوليو/تموز الماضي، تقديراً لما تقوم به دولة الإمارات من دور ريادي في مجال خدمة الإنسانية جمعاء، خاصة في ظل ما يشهده العالم من تداعيات جائحة "كوفيد-19".
جاء هذا الوسام بعد نحو 3 أشهر من اختيار المجلس الاستشاري العلمي العالمي لمعرض ومؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير، للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كأفضل شخصية دولية في مجال الإغاثة الإنسانية لعام 2021، لعطائه ودعمه في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
تقدير دولي متواصل وإشادات دائمة، عرفاناً بالدور الريادي للإمارات في دعم العمل الإنساني والإغاثي والتنموي، لتتوج إنجازات إنسانية امتدت على مدار 50 عاماً منذ تأسيس الإمارات، بلغت خلالها حجم المساعدات الإماراتية الخارجية 320 مليار درهم في 201 دولة، ونجحت الإمارات في أن تصنع الفارق في مجال العمل الإنساني، الأمر الذي ترجم على أرض الواقع باحتلالها لسنوات عديدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي.