"منتدى النقب" في الإمارات.. دعم القضية الفلسطينية عبر بوابة السلام
مجددا، تثبت الإمارات أن نشر السلام ودعم فلسطين مساران يتكاملان ولا يتقاطعان، وأنه يمكن دعم حلول مستدامة لتلك القضية عبر بوابة السلام.
يتضح ذلك جليا على أرض الواقع هذه الأيام، عبر استضافة الإمارات يومي الإثنين والثلاثاء الاجتماع الأول لمجموعات عمل "منتدى النقب"، الذي يعد أحد أبرز ثمار الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي وقعته دولة الإمارات وإسرائيل بوساطة أمريكية في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020.
ويعد هذا الاجتماع خطوة مهمة على طريق تحقيق أهداف المنتدى الساعي إلى إنشاء جسور التواصل والحوار وتعزيز التعاون والتعايش السلمي، وتعزيز الرخاء والاستقرار والازدهار والتنمية المستدامة لشعوب المنطقة بما فيها الشعب الفلسطيني.
وفيما تدفع الإمارات بجهود تعزيز السلام وتعظيم مكاسبه، تواصل جهودها الرائدة في دعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة، عبر مواقف سياسية وإنسانية قوية.
مواقف قوية
ومنذ خطوة الإمارات الشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من عامين، والإمارات تؤكد مرارا وتكرارا أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار والتفاوض في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
وهو أمر جدد التأكيد عليه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، خلال مشاركته في "قمة النقب" مارس/آذار الماضي، مشددا على التزام دولة الإمارات بدعم الشعب الفلسطيني، ولحقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .
التزام أكدت عليه الإمارات على أرض الواقع عبر مواقف قوية وواضحة.
وقبل أيام، أدانت دولة الإمارات بشدة اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير باحة المسجد الأقصى المبارك بحماية من القوات الإسرائيلية 3 يناير الجاري.
وجددت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في بيان، موقفها الثابت بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى ووقف الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية فيه، وعلى احترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي والوضع التاريخي القائم، وعدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى.
ودعت الخارجية الإماراتية السلطات الإسرائيلية إلى خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
وشددت على أهمية دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدماً، وكذلك وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد الوصول إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، مباحثات هاتفية بهذا الصدد مع كل من نظيريه الأردني أيمن الصفدي والتركي مولود جاويش أوغلو.
وشدد الوزراء الثلاثة على ضرورة وقف جميع الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، وعلى ضرورة احترام إسرائيل للوضع التاريخي والقانوني القائم وعدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة القدس وشؤون المسجد الأقصى.
كما دعت دولة الإمارات والصين مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة بشأن اقتحام وزير إسرائيلي باحة المسجد الأقصى المبارك.
وشددت خلال الجلسة التي عقدت 5 يناير الجاري على ضرورة اتخاذ موقف موحد ضد أي خطوات قد تساهم في تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
وأكدت على أهمية إعادة تفعيل الجهود الإقليمية والدولية للدفع قدماً بعملية السلام في الشرق الأوسط، لضمان تحقيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلامٍ وأمنٍ واعترافٍ متبادل.
دعم إنساني
مواقف سياسية وجهود دبلوماسية إماراتية قوية داعمة للقضية الفلسطينية، بموازاة دعم إنساني متواصل للشعب الفلسطيني.
وقبل نحو شهر، تسلم قطاع غزة، أواخر نوفمبر الماضي، أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات.
ووصلت القافلة، التي تضم أكثر من 85 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتكلفة 10 ملايين دولار عبر شاحنات ضخمة، من خلال معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
ويأتي إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
يأتي هذا ضمن جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وبلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين خلال الفترة من 2010 حتى مطلع عام 2021 مبلغ 1.14 مليار دولار أمريكي، منها 254 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، حسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتعد دولة الإمارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية.
جهود متواصلة تؤكد من خلالها دولة الإمارات دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية.
مجموعات عمل "منتدى النقب"
وضمن هذا التوجه، تستضيف الإمارات يومي الإثنين والثلاثاء أعمال الاجتماع الأول لمجموعات عمل منتدى النقب بحضور مسؤولين من الدول الست الأعضاء التي تضم دولة الإمارات والبحرين ومصر والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، لمواصلة إنشاء جسور التواصل والحوار وتعزيز التعايش السلمي في جميع أنحاء المنطقة.
ويعد "منتدى النقب" هو أبرز ثمار الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي وقعته دولة الإمارات وإسرائيل بوساطة أمريكية في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020.
وفتحت الإمارات من خلاله الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث شجع الاتفاق انضمام البحرين والمغرب تباعا لقطار السلام في العام نفسه (2020)، وبدء حقبة جديدة من التعاون بين تلك الدول وإسرائيل تقوم على التعاون والشراكة.
وسعيا لاستثمار ثمار السلام الذي تحقق، والتأسيس عليه لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، عقدت قمة تاريخية في النقب يومي 27 و28 مارس/آذار 2022، بمشاركة وزراء خارجية شركاء السلام الخمسة (دولة الإمارات والبحرين والمغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل)، إضافة إلى مصر التي سبق أن وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979.
وخلال تلك القمة، اتفق وزراء خارجية الدول الست على تحويل قمة النقب إلى منتدى دائم ومنصة تعاون إقليمي تستهدف تعزيز الرخاء والاستقرار والازدهار على الصعيد الإقليمي ودعم مصالح كل دول المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحلول للتحديات القائمة بما يحقق مستقبلاً أفضل للأجيال المقبلة.
ولتحقيق تلك الأهداف اتفقوا على تشكيل 6 مجموعات عمل لتعزيز التعاون بينها في 6 مجالات وضعوها كأولوية وهي: الأمن الغذائي والتكنولوجيا المائية، والرعاية الصحية، والتعليم والتعايش السلمي، والطاقة النظيفة، والأمن الإقليمي، والسياحة.
تلك المجموعات تجتمع في الإمارات يومي الإثنين والثلاثاء، الأمر الذي يعد فرصة لتعزيز التعاون من جانب، وإتاحة مجال لتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية وخاصة في ما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط من جانب آخر.
وبموازاة مواقفها السياسية والإنسانية الداعمة للقضية الفلسطينية، تؤمن الإمارات بأهمية السلام في دعم تلك القضية، عبر تعزيز الشراكات التي تحقق مصالح كافة دول المنطقة وتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة، وتوفير الحلول للتحديات القائمة بما يحقق مستقبلاً أفضل لشعوب المنطقة.
وتكتسب اجتماعات مجموعات عمل منتدى النقب بالإمارات أهمية خاصة لأكثر من سبب أولها أنها أول اجتماعات لمجموعات العمل الست التي تم الاتفاق على إنشائها خلال قمة النقب.
ثاني تلك الأسباب أن مخرجات تلك الاجتماعات ستعد خارطة طريق لتعزيز التعاون بين الدول الست بما يسهم في تعزيز الاستقرار والازدهار وتعظيم مكاسب السلام.
ثالث تلك الأسباب أن تلك الاجتماعات تستهدف أيضا الإعداد والتحضير للاجتماع الوزاري القادم لمنتدى النقب، المتوقع إقامته في المغرب خلال الشهور القادمة.
ومن المقرر أن تعمل مجموعات العمل على "تقديم لائحة بالمشاريع في القطاعات الستة المكلفة بها، ليتم تقديمها في منتدى النقب لوزراء الخارجية في اجتماعهم المقبل بالمغرب"، بحسب وزارة الخارجية الإسرائيلية.
رابع تلك الأسباب أن تلك الاجتماعات من شأنها الدفع قدما بمشروعات ومبادرات لتشجيع الاندماج والتعاون الإقليمي بين دول المنطقة.
خامس تلك الأسباب أن الاجتماع بين شركاء السلام الستة سيسمح للدول المشاركة بتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية، وخاصة فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، الأمر الذي يدفع نحو تعزيز الأمن والاستقرار بموازاة نشر الرخاء والتنمية.
سادس تلك الأسباب أن هذا الاجتماع يجسد حرص دولة الإمارات على تعزيز الشراكات التي تحقق مصالح جميع دول المنطقة وتسهم بتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة، وتوفير الحلول للتحديات القائمة بما يحقق مستقبلاً أفضل لشعوب المنطقة.