سياسة
زيارة بشار الأسد للإمارات.. السياق الإقليمي ودلالة التوقيت
استقبلت دولة الإمارات بصدر رحب، الرئيس السوري بشار الأسد، الذي زار البلاد، في توقيت بالغ الدلالة دوليا، وسياق إقليمي خاص جدا.
ولم يكن مفاجئا للمحللين أن تكون دولة الإمارات، أول محطة عربية للرئيس بشار الأسد، الذي علمته جهود قادة البلاد الثقة بحرص هذه الدولة على المصلحة السورية من جهة، ولم الشمل العربي وتعزيز التضامن من جهة أخرى.
كما أن دولة الإمارات، وهي تشغل مقعدها في مجلس الأمن الدولي، ينظر إليها في الأوساط الإقليمية، كوجهة ينتظر منها دور كبير في حل المشكلات العالقة، بما فيها الأزمة السورية، إذ ترى دولة الإمارات، أن السياق الدولي والإقليمي، يتطلب ضرورة أن يسود السلام المنطقة، والعالم.
وأجرى الرئيس بشار الأسد زيارة لدولة الإمارات، يوم الجمعة الماضي، هي الأولى لدولة عربية منذ 11 عاما، أجرى خلالها مباحثات منفصلة مع كل من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وفي قراءته لدلالات زيارة الرئيس السوري، قال المحلل السياسي اللبناني نضال السبع، في تغريدات على تويتر، إن زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات، بمثابة "كسر للفيتو الغربي وتحدي لكل المحرمات الدولية"، مضيفا أنه "ولى الزمن الذي كان فيه الخليج، ينتظر الإشارات الدولية، وأصبحت أبوظبي اليوم تحدد اتجاه الريح وترسم معالم التحالفات والمرحلة المقبلة".
وأردف، قائلا: "أثبتت الأيام والتجارب أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قراره مستقل، وهو يتحرك بناء على مصلحة إماراتية وخليجية وعربية"، متابعا : "الإدارة الأمريكية منزعجة من استقبال الرئيس بشار الأسد في أبوظبي، فهل استشار بايدن (الرئيس الأمريكي) دول الخليج حين شطب الحوثي من لوائح الإرهاب؟"، يقول المحلل اللبناني.
أما المحلل السياسي المصري بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقد وصف زيارة الرئيس السوري بـ"الهامة في دلالاتها وتوقيتها".
وامتدادا للبعد الدولي بشأن زيارة الرئيس السوري إلى دولة الإمارات، قال عبد الفتاح في حديث خاص لـ "العين الإخبارية" :إن سياق وتوقيت زيارة الأسد، يعكس حرص الدول العربية على التجاوب مع تحدى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولة هيكلة السياسات العربية بما يتناسب مع هذه التغيرات، وبما يصب في مصلحة الدول العربية".
وأضاف أن "هناك إدراكا بأن إهمال سوريا وعزلها، قد صب في مصلحة إيران بالأساس، وأطراف غير عربية استطاعت أن تستفيد من هذه العزلة، وتوظيفها لمصلحتها".
وأردف الخبير السياسي المصري، أن اجتذاب وعودة سوريا إلى الحاضنة العربية مجددا، ربما يساعد في تفويت الفرصة على هذه الأطراف الإقليمية والدولية لاستغلال سوريا كشوكة في خاصرة الدول العربية.
وفي البعد الإقليمي للزيارة، قال المحلل السياسي البحريني، أمجد طه، الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات الشرق الأوسط، إن أبوظبي وبكل شجاعة وواقعية تقوم بتكريس الدور العربي في سوريا؛ لخفض التوترات لإيجاد حلول لأزمات المنطقة، من داخل المنطقة لا من خارجها.
كما رأى أن ما وصفه بـ"بخيبة أمل أمريكا وانزعاجها" من الزيارة يؤكد نجاحها، بوصفها أملا للمنطقة"، وفق تعبيره.
وبنفس السياق، ربط المحلل السياسي والأكاديمي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، "انزعاج" أمريكا من زيارة بشار الأسد لدولة لإمارات، بـ"إخفاق" الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
وقال عبدالخالق عبدالله، إنه "لا أحد يزايد على موقف الإمارات الأخلاقي الداعم للشعب السوري، ولا أحد بما في ذلك واشنطن له علاقة بقراراتها السيادية النابعة من مصالحها الوطنية وواجباتها القومية".
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعربت، الجمعة، عن شعورها بـ"خيبة أمل وانزعاج عميقين" من زيارة الرئيس السوري إلى دولة الإمارات.
وتعليقا على ذلك يشير الأكاديمي الكويتي بدر السيف إلى أن واشنطن دعت في الوقت نفسه حلفاءها في المنطقة إلى تحمّل المزيد من المسؤولية عن شؤونهم الأمنية، موضحا أن "الإمارات العربية تشارك في ذلك بالضبط، ما يعني أنه لن يكون هنالك توافق دائم مع الولايات المتحدة، حيث تسعى كل دولة لتحقيق مصالحها".
غير أن السيف في تصريحات لوكالة "فرانس برس" رأى أن "العلاقات الإماراتية الأمريكية لن تتأثر سلباً جراء هذه الزيارة"، مضيفا أن "الإمارات ضغطت باتجاه عودة سوريا للجامعة العربية.. يمكننا أن نفهم استقبالها للرئيس السوري بشار الأسد في هذا السياق".
وتأتي زيارة الأسد، بالتزامن مع ذكرى اندلاع الأزمة السورية منتصف مارس/ آذار عام 2011، في رسالة ضمنية في هذا التوقيت بأن سوريا بدأ تتلمس الخطى لحلول لتلك الأزمة، وأن الأسد يدرك جيدا أن زيارة دولة الأمارات ستكون محطة فارقة على طريق حل تلك الأزمة، وعودة بلاده لمقعدها في جامعة الدول العربية.
aXA6IDUyLjE1LjE3MC4xOTYg
جزيرة ام اند امز