زيارة الأسد للإمارات.. بوابة انفتاح عربي على سوريا
طالما كانت دولة الإمارات رائدة في اقتحام الطوق المضروب على سوريا عبر نهج متوازن يمهّد لتكون بوابة لانفتاح عربي على بلد يتطلع لاستعادة دوره بمحيطه.
محطة جديدة وفاصلة تصل إليها سوريا في محيطها العربي بزيارة أجراها رئيسها بشار الأسد، الجمعة، إلى دولة الإمارات ولاقت تفاعلا وترحيبا واسعين بالأوساط العربية وعبر مواقع التواصل.
وفي أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، اعتبر محللون أن الزيارة الأولى من نوعها للرئيس السوري لدولة عربية منذ تجميد الجامعة العربية مقعد بلاده في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١١، ناجحة وترجمت نتائجها عمق العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين الشقيقين.
وتتزامن الزيارة التاريخية مع مرور عام على إطلاق الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، مبادرته في مارس/ آذار الماضي، التي تدعو إلى ضرورة عودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية.
غسان يوسف، الكاتب والمحلل السوري البارز، يرى أن زيارة الرئيس السوري لدولة الإمارات جاءت تتويجا للتواصل والتفاعل الإيجابي بين الطرفين خلال الفترة الماضية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان زيارة إلى دمشق كانت الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى، منذ أكثر من 10 أعوام، في حدث كان، مع ما سبقه من تعزيز لقنوات الاتصال بين البلدين، محل ترحاب وإشادة سورية.
كسر العزلة
وقال يوسف إن "زيارة الرئيس السوري للإمارات تأتي تتويجا لهذه العلاقات المتنامية بين البلدين الشقيقين، ونتذكر أن الإمارات كانت قد طالبت برفع قانون قيصر الذي ينص على فرض عقوبات على الحكومة السورية، وموقفها -أي الإمارات- واضح من عودة سوريا للبيت العربي".
وأضاف أن "هذه الزيارة تؤكد أن دولة الإمارات ماضية في مسار لم الشمل وما زالت تصر على أن تكون سوريا في قلب الدول العربية فاعلة حاضرة".
وكغيره من المحللين العرب والسوريين، يتفق غسان يوسف على أن مواقف دولة الإمارات لطالما اتسمت بالتوازن، في ظل أصعب الأوقات والظروف التي تعصف بالمنطقة والعالم.
وبالنسبة له، فإن دولة الإمارات كسرت جدار العزلة وفتحت الباب أمام سوريا للعودة إلى مكانها الطبيعي بين أشقائها العرب، وذلك بعد إعادة فتح السفارة الإماراتية بدمشق في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وحول ثمار زيارة الأسد، يرى الخبير السوري أن الزيارة ستؤسس لمسارات إماراتية سورية جديدة، بالإضافة إلى تمهيد الطريق لزيارات عربية لسوريا ربما تكون متبادلة لاحقا.
هذه الثمار، بحسب يوسف، هي نتاج الزخم العربي بشأن عودة سوريا للصف العربي، قائلا: "أغلب الدول العربية توافق على عودة سوريا للجامعة العربية.. هي مسألة وقت وتعود البلاد لمحيطها العربي من جديد".
ويذكر غسان بأهمية هذه الزيارة بالإشارة إلى أن زيارة الأسد إلى دولة الإمارات تكتسي أهمية خاصة باعتبارها أول زيارة إلى بلد عربي يزوره منذ عقد كامل، وكونها تأتي قبل نحو أشهر قليلة من القمة العربية المقبلة المقررة بالجزائر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتابع قائلا إنه "بزيارة الرئيس بشار الأسد إلى دولة الإمارات، يضاف حدث جديد إلى سجل الحراك العربي مع سوريا"، وهو ما وصفه محلل سياسي مصري بارز بأنه انقلاب جديد في موازين علاقة سوريا مع العالم العربي.
رصيد نجاح
مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، يقول من جانبه إن "هذه الزيارة وما سبقها من جهود بذلتها دولة الإمارات في الفترة الماضية تشرعن تعامل النظام السوري مع محيطه العربي، وتحفز عودة سوريا للجامعة العربية".
وعزا غباشي هذا الحراك الإماراتي إلى أهمية عودة منظومة الأمن القومي العربي خاصة أن الملف السوري يتصدر هذه المنظومة، لافتا إلى أن استقلالية دولة الإمارات في التعاطي مع كثير من الملفات مكنها من فتح مسارات جديدة لسوريا فاعلة في محيطها العربي في كل المجالات.
أما حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيعتبر أن زيارة الأسد لدولة الإمارات تكتسب أهمية كبيرة، إذ أنها أول زيارة خارجية للرئيس السوري منذ اندلاع الأزمة السورية في ٢٠١١.
وقال سلامة إن الزيارة كانت متوقعة لاسيما بعد الزيارة التي قام بها الشيخ عبدالله بن زايد إلى دمشق.
وتابع أن هذه الزيارة تمثل رصيدا وإضافة حقيقية لنجاح الدبلوماسية الإماراتية في أن تكون حاضنة عربية لدولة سوريا وتمثل دعما لها خلال هذه الفترة.
وربط سلامة بين الزيارة وقرب عودة سوريا للبيت العربي، قائلا إن "هذه الزيارة تكتسب أهمية من التفاعلات التي تجري لاستعادة سوريا للحضن العربي وعودتها للجامعة العربية بعد فترة تجميد طويلة مثلت خسارة للأمن القومي العربي".
وتوقع أن تأجيل القمة المزمعة بالجزائر إلى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل يرجع إلى حسم هذه العودة.
وخلص سلامة إلى أن اختيارها كأول محطة خارجية للرئيس السوري له دلالة بما تكتسبه دولة الإمارات من مكانة بفضل دبلوماسيتها الهادئة ووزنها الإقليمي والدولي ما يدفع العديد من الدول العربية للنسج على موقفها بفتح أبوابها لزيارات مماثلة يقوم بها الرئيس السوري.
ومتطرقا للبعد الثاني لهذه الزيارة، وهو المسار الاقتصادي، قال إن سوريا تحتاج إلى إعادة الإعمار والزخم العربي لسد المنافذ أمام أطراف دولية أو إقليمية تسعى دائما للسيطرة على مجريات الأمور داخل سوريا، وتتصدى لها دولة الإمارات العربية المتحدة.