الحكم بقضية تنظيم «العدالة».. رسائل ودلالات لجهود الإمارات بمكافحة الإرهاب
حكم قضائي ضد عناصر من تنظيم الإخوان الإرهابي يتوج جهود دولة الإمارات الشاملة لمحاربة الإرهاب، على الصعيدين المحلي والدولي.
الحكم حمل دلالات ورسائل هامة تعكس حرص دولة الإمارات وقضائها الشامخ على توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة ونزيهة ومراعاة حقوق الإنسان للمتهمين رغم خطورة جرائمهم.
أيضا، كشفت المحاكمة على مدار جلساتها التي استمرت نحو 7 شهور استبقتها 6 شهور من البحث والتحقيق عن دلالات عميقة تبرز نجاح دولة الإمارات المستحق في حماية نظامها المالي والاقتصادي من أي عمليات غسل أموال، فضلا عن نجاحها الأمني المتواصل في مكافحة الإرهاب بشكل عام وإرهاب تنظيم الإخوان بشكل خاص.
ظهر ذلك جليا في الحكم الصادر اليوم، والذي فصل جرائم المتهمين والعقوبات الصادرة ضدهم كل حسب ما ارتكبه، وقضى بالبراءة لمن يستحق، وانقضاء الدعوى الجزائية لـ24 متهما، الأمر الذي يبرز عدالة ونزاهة واستقلالية قضاء الإمارات.
ليس هذا فحسب، بل أتاحت الدولة للمتهمين مرحلة أخرى للتقاضي، حيث أن هذا الحكم قابل للطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا.
تفاصيل الحكم
وقضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة - اليوم الأربعاء بإدانة 53 متهما من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، و6 شركات في القضية رقم 87 لسنة 2023 جزاء أمن الدولة، المعروفة إعلاميا (بقضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي)، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها 20 مليون درهم، وفقا لما يلي:
- حكمت المحكمة على 43 متهما بالسجن المؤبد عن جريمة انشاء وتأسيس وإدارة تنظيم لجنة العدالة والكرامة الإرهابي بغرض ارتكاب أعمال إرهابية على أرض الدولة.
-معاقبة 5 متهمين بالسجن لمدة 15 سنة عن جريمة تعاونهم مع تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي ومناصرته في مقالات وتغريدات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي مع علمهم بأغراضه المناهضة للدولة .
-معاقبة 5 متهمين آخرين بالسجن لمدة 10 سنوات وتغريم كل منهم 10 ملايين درهم عن جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم إنشاء وتأسيس تنظيم إرهابي وتمويله.
-معاقبة 6 شركات والمسؤولين عنها بتغريم كل منها مبلغ 20 مليون درهم وبحل وإغلاق مقار تلك الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المادية والمعنوية والأموال والعقارات والواجهات المملوكة لها، ومصادرة المواد والأدوات وكافة المتعلقات المضبوطة المتحصلة والمستخدمة في الجرائم المسندة إليها وهي جرائم غسل الأموال الواقعة من جماعة إجرامية منظمة واستخدام متحصلات غسلها في تمويل تنظيم إرهابي.
- حكمت المحكمة بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد 24 من المتهمين عن جرائم التعاون وإمداد تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي بالمال.
-براءة أحد المتهمين .
أسباب الحكم
وحرصا من المحكمة على ضمان حقوق المتهمين كاملة، حال رغبتهم الطعن في الحكم أمام المحكمة الاتحادية العليا، فقد أودعت أسباب حكمها.
وأكدت المحكمة في أسباب حكمها الذي أودعته ما يلي :
-إن الجريمة التي عاقبت المتهمين عنها بإنشاء وتأسيس وإدارة تنظيم لجنة العدالة والكرامة الإرهابي هي جريمة مغايرة وتختلف عن الجريمة التي حوكموا عنها في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
- الأدلة المقدمة في القضية بما فيها اعتراف وإقرارات عدد من المتهمين وشهادات الشهود والتقارير الفنية المقدمة فيها كافية لإثبات الجريمة في حق المتهمين .
- المحكمة اطمأنت الى أن المتهمين وهم من المنتمين الى تنظيم دعوة الإصلاح ( الإخوان المسلمين ) المصنف إرهابياً، عملوا على صنع واستنساخ أحداث عنف متشابهة ومتكررة في الدولة لما حدث بدول عربية من مظاهرات والاصطدام بين الأمن و جموع المتظاهرين وسقوط الضحايا من القتلى و المصابين في الميادين و الشوارع وتخريب المنشآت وما ترتب على ذلك من إشاعة الذعر والرعب بين الناس وصنع أزمة تهدد النظام العام والاستقرار و سيادة الدولة وتعرض حياة الأفراد و سلامتهم و الممتلكات للخطر.
13 شهرا
وكانت المحكمة قد نظرت القضية وباشرت إجراءات المحاكمة خلال ما يزيد على 10 جلسات على مدار نحو 7 شهور، تضمنت ما يلي:
-كفلت للمتهمين جميع حقوقهم وضماناتهم المقررة قانونا
-مكنتهم من اختيار محاميهم، وندبت محاميا للدفاع عن كل متهم ليس له محام
-استمعت لدفاعهم ومحاميهم، واطلعت على ما قدموه من مذكرات دفاع مكتوبة
- استمعت لشهادة الشهود في جلسات علنية، سمحت خلالها للمتهمين ومحاميهم بمناقشتهم.
أدلة الإثبات
وعرضت النيابة العامة في مرافعتها خلال جلسة علنية أدلة الإثبات في القضية، والتي شملت:
- اعترافات وإقرارات المتهمين
-تحريات وشهادة ضباط جهاز أمن الدولة
-شهادات الخبراء الفنيين وتقاريرهم الفنية
والتي توافقت جميعها في إثبات الجرائم، وارتكاب المتهمين لها، وأدوارهم فيها، وقطعت في بيان أنها جرائم مغايرة للجرائم التي سبق محاكمتهم عنها في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة، وأنها أحالتهم بتلك الجرائم طبقا للقوانين السارية وقت ارتكابها، إعمالا لمبدأي عدم رجعية القوانين الجزائية، وعدم جواز محاكمة المتهم عن ذات الفعل مرتين.
وكان محامو المتهمين قد دفعوا خلال الجلسة بعدم جواز النظر في الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم صادر في دعوى سابقة للقضية رقم 79 لسنة 2012، كدفع أساسي في الدعوى تمسكوا به وانضم إليه جميع المتهمين.
محطات المحاكمة
وكان المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للدولة، قد أمر في 6 يناير/كانون الثاني الماضي بإحالة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في الإمارات إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة) لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وكان المتهمون، قد أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
وبناء على معلومات وتحريات كافية؛ أمر النائب العام بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة مع ندب محام للحضور مع كل متهم؛ وبعد قرابة الستة أشهر من البحث والتحقيق وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة.
وبعد أن استمرت المحاكمة على مدار نحو 10 جلسات، قررت دائرة أمن الدولة بمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية، في مايو الماضي حجز الدعوى للحكم في القضية رقم 87 لسنة 2023 جزاء أمن الدولة المعروفة باسم قضية "تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي" إلى جلسة 10 يوليو/تموز الجاري .
شفافية تامة
إعلان النائب العام الإماراتي عن قرار الإحالة وبدء المحاكمة وتفاصيل الجريمة الموجهة للمتهمين كشف عن شفافية إماراتية، وحرص على إطلاع الرأي العام المحلي والدولي عن تفاصيل تلك المحاكمة، وإطلاع الجميع على جهودها في محاربة الإرهاب محليا ودوليا.
المحاكمة علنية.. نزاهة وعدالة
خضع المتهمون لمحاكمة علنية على مدار نحو 7 شهور، وسمحت المحكمة أثناء مرافعات الدفاع لمن أراد من المتهمين بالحديث عن أنفسهم والتعليق على أدلة الإثبات ومرافعة النيابة العامة وما يودون إضافته من أوجه دفوع ودفاع، الأمر الذي يثبت بما لا يدع مجالاً للشك نزاهة وعدالة القضاء الإماراتي وحرصه على توفير محاكمة علنية عادلة أمام الجميع.
ورغم خطورة المحاكمة والاتهامات الموجهة للتنظيم، وحرصا من المحكمة على الشفافية التامة وإطلاع الرأي العام المحلي والدولي على وقائعها، كانت الجلسة علنية وحضرها محامو الدفاع وأهالي المتهمين وممثلون عن وسائل الإعلام.
أمر يكشف الحرص على توفير محاكمة عادلة، وإفساح المجال للمتهمين ودفاعهم، للاستماع لأدلة إدانتهم والرد عليها أمام الجميع، وتجسد المحاكمة العلنية ما يتمتع به الجهاز القضائي في دولة الإمارات من استقلالية تامة.
دلالات عدة تكشف نجاح الإمارات في تحقيق المعادلة المثالية في هذا الصدد، عبر نجاحها في مكافحة الإرهاب ونشر الأمن والأمان واحترام حقوق الإنسان، عبر استراتيجية متكاملة: قانونية وأمنية وحقوقية ودبلوماسية وسياسية.
جرائم بالجملة
كشفت جلسات محاكمة التنظيم عن مدى خطورته وتخطيطه لسلسة جرائم خطيرة تستهدف أمن الوطن واقتصاده وسلامة مواطنيه، من أبرزها:
• تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت مسمى " تنظيم لجنة العدالة والكرامة".
• غسل الأموال المتحصلة من جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سري إرهابي.
• التخطيط لإثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة.
• التخطيط لاختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.
نجاح أمني
أيضا كشفت جلسات المحاكمة عن نجاح دولة الإمارات في حماية أمنها وسيادتها واستقرارها والحفاظ على سلامة مواطنيها والمقيمين فيها وأمنهم، وأنها لن تتوانى عن متابعة كل من يحاول استهداف أمنها واقتصادها وسلامة مواطنيها.
كما تأكد أن جرائم الإرهاب لا تسقط بالتقادم، وأن الجريمة مهما مر الوقت عليها وحاول مرتكبها إخفاؤها لا بد أن يحاسب، ولا سيما إذا كانت جريمة تمس أمن الدولة.
أيضا كشفت المحاكمة عن وجود فرق متكاملة تعمل على مكافحة الإرهاب داخل الإمارات تضم أكثر من جهة، الأمر الذي ساعدها على محاصرة التنظيم الإرهابي، وكشف جرائمها بأدلة دامغة تضمن اعترافات وإقرارات للمتهمين توافقت مع تحريات جهاز أمن الدولة وشهادات وتقارير الخبراء الإعلاميين الذين كلفوا برصد وتحليل النشاط الإعلامي والإلكتروني للمتهمين ومحتوى التغريدات والمدونات التي نشروها في إطار مخطط عمل التنظيم.
جهود متكاملة سبق أن توجت باحتفاظ دولة الإمارات للسنة الرابعة على التوالي على مكانتها ومركزها الأول في مؤشر الإرهاب العالمي، حيث تعتبر من أكثر الدول أماناً من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة.
كما تعد دولة الإمارات من أكثر الدول أماناً في العالم بمستوى "منخفض جداً" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي، حسب النتائج الصادرة من معهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن المؤشر ونشر نتائجه في يناير/كانون الثاني الماضي.