الإمارات وتركيا.. تعاون بناء لدعم السلام والاستقرار
تعاون إماراتي تركي بناء لدعم ازدهار ورخاء البلدين ونشر السلام والاستقرار في المنطقة والعالم ومواجهة التحديات المشتركة.
تتوثق عرى هذا التعاون يوما بعد يوم، لا سيما في ظل القمم والمباحثات المتواصلة بين قادة البلدين، والزيارات المتبادلة بين مسؤوليهما، واتفاقيات التعاون والشراكة التي تربط البلدين.
- الإمارات وتركيا.. رؤية استراتيجية شاملة
- الإمارات وتركيا.. علاقات متنامية نحو شراكة شاملة تعزز الازدهار
وتشكل الزيارات المتبادلة لكل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى تركيا، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دولة الإمارات، محطات مهمة في مسيرة تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها في المجالات كافة.
كما تعد فرصة لتعزيز التعاون وزيادة التنسيق بشأن معالجة مختلف التحديات الإقليمية والدولية.
ولا تخلو قمة يعقدها الزعيمان، من تأكيدات مشتركة على أهمية شراكتهما في تحقيق السلام والتنمية والاستقرار والازدهار.
وسبق أن أكد الزعيمان خلال القمة التي جمعتهما في إسطنبول 10 يونيو/حزيران الماضي حرص دولة الإمارات وتركيا على ترسيخ نموذج للتعاون والشراكة في المنطقة، يقوم على قاعدة التنمية المستدامة ودعم جهود السلام والاستقرار الإقليميين لبناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة وتحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام، مشيرين في هذا الإطار إلى أهمية العمل المشترك والتعاون البنَّاء لإيجاد الحلول المناسبة لمختلف التحديات والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم أجمع.
ويعزز من تحقيق تلك الأهداف، زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى الإمارات، الثلاثاء، التي تأتي بعد نحو شهر من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، لتركيا 10 يونيو/حزيران، وبعد نحو 4 أشهر من قمة عبر تقنية الاتصال المرئي مارس/آذار الماضي تم خلالها توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما.
رؤى مشتركة
قمم ومباحثات خلقت "أرضية مشتركة" يقف عليها البلدان في معالجتهما لملفات وأزمات المنطقة والعالم عبر الحلول الدبلوماسية.
تتجسد تلك الأرضية المشتركة، في توافق رؤى البلدين تجاه العديد من القضايا، بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وتتوافق رؤى البلدين بشأن أهمية دعم الجهود والحلول السلمية الرامية إلى تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم والتي تشكل ركائز أساسية للتعاون والتنمية والتقدم نحو المستقبل الذي تتطلع إليه شعوبها ودولها.
فثمة توافق بين الإمارات وتركيا على أهمية حل الأزمة الأوكرانية الروسية سلميا.
كما يتفق البلدان على أهمية دعم السلام مع إسرائيل، وفق ضوابط ومحددات تدعم وجود حل عادل للقضية الفلسطينية يقوم على حل الدولتين.
لذلك لم يتأخر البلدان في إصدار بيانات إدانة قوية لأي سلوكيات أو سياسات إسرائيلية تتعارض مع هذا الهدف وتنتهك حقوق الفلسطينيين.
وأكدت دولة الإمارات في أكثر من مناسبة دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
تصفير الأزمات
ويؤمن البلدان بأن تعزيز العلاقات الثنائية بينهما على مختلف الأصعدة لن يسهم فقط في الحفاظ على المصالح المشتركة، ولكنه يعزز أيضاً من ازدهار المنطقة وتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين، وهذا ما يتأكد يوما بعد يوم.
وقامت الإمارات خلال الفترة الماضية بجهود دبلوماسية رائدة لتصفير الأزمات بالمنطقة وبناء جسور التعاون مع مختلف الدول.
أثمرت دبلوماسية دولة الإمارات الحكيمة عودة العلاقات مع تركيا إلى مسارها الطبيعي، قبل أن تعود إلى مسارها الطبيعي أيضا بين السعودية وتركيا، وهو ما يتجسد حاليا في جولة الرئيس التركي الخليجية التي بدأها الإثنين بزيارة السعودية والتي تشمل أيضا الإمارات وقطر.
أيضا شهدت علاقات مصر وتركيا تحسنا كبيرا، الأمر الذي توج بإعلان البلدين 4 يوليو/تموز الجاري رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وتعيين سفيرين لأول مرة منذ عشر سنوات.
تغير المناخ
أيضا يتعاون البلدان في مواجهة تغير المناخ، الذي يعد أكبر تحد يواجه البشرية في الوقت الراهن.
ووصل أردوغان إلى دولة الإمارات الثلاثاء، في وقت تواصل فيه دولة الإمارات حشد الجهود الدولية لتحقيق أهداف مؤتمر المناخ "كوب 28".
وتستضيف دولة الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين COP28، في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتدعم تركيا دولة الإمارات خلال استضافتها الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
وأعربت أنقرة عن ثقتها في قدرة الإمارات على تنظيم نسخة مميزة لمؤتمر الأطراف بما يدعم مسيرة العمل المناخي العالمي ويعزز من العمل متعدد الأطراف في مواجهة تحديات تغير المناخ.
وتدعم تركيا جهود تغير المناخ أيضا عبر مبادرات رائدة، حيث سبق أن أطلقت تركيا مشروع صفر نفايات عام 2017 بمبادرة من قرينة الرئيس التركي، لمكافحة تأثير النفايات والمخلفات في البيئة، والتعامل مع تلك النفايات من خلال إعادة تدويرها والاستفادة منها بعد فصلها حسب أصنافها من المنبع وذلك بهدف تحقيق نسبة إعادة تدوير تصل إلى 60 % عام 2030، كما أطلقت برنامج "صفر نفايات زرقاء" في يونيو 2019، لحماية البحار وموارد المياه وتنظيفها من النفايات، إذ تبنت الأمم المتحدة هذا المشروع واعتمدت 30 مارس من كل عام يوما عالميا لـ"صفر نفايات".
تعاون إنساني
على صعيد التضامن الإنساني، جسدت عملية "الفارس الشهم 2" التي أطلقتها دولة الإمارات عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط الماضي، عمق ومتانة العلاقات الإماراتية التركية، وأسمى صور التضامن والأخوة الإنسانية.
جهود رسمت ملحمة إغاثية إنسانية، قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وجعلت البلاد في صدارة دول العالم الداعمة للشعبين التركي والسوري، بحجم تبرعات هو الأضخم، إذ تجاوز 150 مليون دولار، منهم 50 مليون دولار لتركيا.
وأرسلت الإمارات المستلزمات الطبية والإغاثية والغذائية وفرق البحث وآليات مجهزة بالمعدات الخاصة بإزالة الأنقاض، والفرق الطبية، وشيدت مستشفى ميدانيا لعلاج المصابين في منطقة إصلاحية بغازي وآخر في "هاتاي".
ومنح الرئيس التركي، في 27 أبريل/نيسان الماضي، فريق عملية "الفارس الشهم2" "وسام الدولة للتضحية"، تكريما وتقديرا لجهود دولة الإمارات في أعمال البحث والإنقاذ في مناطق الزلزال.
ويعتبر فريق البحث والإنقاذ الإماراتي آخر فريق مصنف دوليا غادر تركيا وذلك بعد إعلان الحكومة التركية عن انتهاء عمليات البحث والإنقاذ، حيث نفذ فريق البحث والإنقاذ من وزارة الداخلية مهام البحث عن الناجين في ثلاث مناطق هي الأصعب في محافظة كهرمان مرعش منذ حدوث الزلزال.
تعاون ثقافي متنام
التوافق بين الدولتين على أكثر من صعيد شكل دافعا قويا لتعزيز التعاون بينهما في الجانب الثقافي.
ضمن أحدث جهود التعاون، بحثت جامعة الشارقة، قبل أيام، فرص التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك، مع وفد من مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بمنظمة التعاون الإسلامي - إرسيكا بجمهورية تركيا، وذلك خلال استقبال الأستاذ الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير الجامعة للوفد، ضمن الزيارة التي نظمتها مؤسسة الشارقة لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين التابعة لجامعة الشارقة.
وتستمد العلاقات الثقافية بين الإمارات وتركيا قوتها نظرا لما تتمتعان به من تاريخ ثقافي وتقاليد أدبية غنية وملهمة، وتعزيزا لهذا العلاقات وقع الجانبان في فبراير/ شباط 2022 مذكرة تفاهم بشأن التعاون في المجال الثقافي.
وشهد البلدان مؤخرا تعاونا ثقافيا متناميا عبرت عنه مشاركة تركيا ضيف شرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2023، والحضور التركي اللافت خلال فعاليات "إكسبو دبي 2020"، فضلا عن مشاركة "جمعية الناشرين الإماراتيين" في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قدمت خلالها 284 عنوانا من إصدارات 31 دار نشر إماراتية.
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز