الإمارات وأمريكا.. شراكة ذكية لمستقبل رقمي متطور

تُعَدُّ الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي نموذجًا رائداً يهدف إلى تعزيز الابتكار والتقدم التكنولوجي.
وتتطلع دولة الإمارات نحو مستقبل مشرق مع الولاياتِ المتحدة، من خلال تسطير نقلة نوعية في العلاقات مرتكزة على مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتُبرز الشراكة الإماراتية الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات التقنية الحديثة. من خلال هذه الشراكة، تسعى الدولتان إلى تحقيق تقدم تكنولوجي مستدام يعود بالفائدة على المجتمع الدولي ككل، مع التأكيد على الالتزام بالقيم الأخلاقية وضمان الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.
ويبدأ الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية يوم الإثنين الموافق 17 مارس/آذار الجاري، يعقد خلالها اجتماعات رسمية في البيت الأبيض مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية.
ومن المقرر أن تبحث هذه الاجتماعات تعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية بين البلدين، وسبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات والممتدة منذ عقود.
إطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي
في سبتمبر/أيلول 2024، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إعلان إطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تعزيز وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وموثوق.
وأكد الإطار الرغبةَ المشتركة للبلدين لتعميق التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة والالتزام المشترك بتطوير مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين بشأن الذكاء الاصطناعي.
وأشار الإطار إلى إدراك البلدين الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي بما في ذلك تسريع النمو الاقتصادي وإحداث نقلة نوعية في التعليم والرعاية الصحية فضلاً عن خلق فرص العمل ودفع الاستدامة البيئية وغيرها.
وأضاف أنهما يدركان، في الوقت نفسه التحديات والمخاطر التي تفرضها هذه التكنولوجيا الناشئة والأهمية الحيوية لتوفير الضمانات وسبل الحماية فيما يتعلق بها.
وشدد الجانبان على عزمهما على التعاون في العديد من المجالات أهمها: تعزيز الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق ودعم البحث والتطوير الأخلاقيين له، وبناء أطر تنظيمية لتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
إضافة إلى توسيع وتعميق التعاون في مجال حماية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتطوير المواهب في هذا المجال، إلى جانب دعم الطاقة النظيفة لمتطلبات أنظمة الذكاء الاصطناعي وتعزيز الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة في البلدان النامية.
وتستثمر دولة الإمارات، بقيادة مجموعة "G42" في مجال الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تنويع اقتصادها، وقد أبرمت الشركة الرائدة مؤخراً عدة صفقات مع شركات أمريكية، ما يبرز دورها الحيوي في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي.
وترفع الشراكات القوية بين دولة الإمارات وأمريكا في مجال الذكاء الاصطناعي شعار ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول من أجل خدمة العالم أجمع.
- ترامب يعيد تشكيل مشهد التشفير.. «احتياطي البيتكوين» في المقدمة
- الإمارات وأمريكا.. الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة النظيفة تزين العلاقات
الإمارات وجهة مفضلة لقادة الذكاء الاصطناعي
وتراهن دولة الإمارات، والتي عينت أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم في عام 2017، بشكل كبير على التكنولوجيا كمحرك لتنويع اقتصادها وهو ما جعلها قبلة لقادة الذكاء الاصطناعي في العالم، من خلال الزيارات المختلفة لبعض أقوى الرؤساء التنفيذيين في وادي السيليكون من ساتيا ناديلا من مايكروسوفت إلى جنسن هوانغ من إنفيديا.
كل هذه مؤشرات وعوامل تؤكد أن الإمارات أصبحت قوة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تبرز دولة الإمارات كلاعب مهم في عالم رقائق الكمبيوتر والمستخدمة في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية، وهنا يحضر ما قاله سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، عندما أكد أن دولة الإمارات يمكن أن تكون بمثابة "صندوق حماية تنظيمي" في العالم لاختبار الذكاء الاصطناعي.
"جي 42" و"إنفيديا".. شراكة ذكية لمناخ مستدام
أحدث مجالات التعاون بين دولة الإمارات وأمريكا في مجال الذكاء الاصطناعي، هو ما أعلنت "جي 42"، المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، في سبتمبر/أيلول 2024 عن شراكتها مع شركة "إنفيديا" الأمريكية، بهدف تعزيز تكنولوجيا المناخ.
وسيتم ذلك من خلال التركيز على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي، الهادفة إلى تحسين توقعات الطقس بشكل كبير على مستوى العالم.
ويستند التعاون إلى منصة "NVIDIA Earth -2"، وهي منصة مفتوحة تقوم بتسريع عملية الوصول إلى توقعات المناخ والطقس، عبر توظيف واسطة المحاكاة عالية الدقة المعززة بالذكاء الاصطناعي.
وتركز "جي 42" و"NVIDIA" في المرحلة الأولى من تعاونهما، على تطوير نموذج لتوقعات الطقس بدقة كيلومتر مربع لتحسين دقة رصد التوقعات الجوية، وتتضمن أهم محاور المبادرة، إنشاء مركز عمليات جديد، ومختبر للمناخ التقني في إمارة أبوظبي، سيكون مركزا مخصصا للبحث والتطوير، ما يرسخ التزام الشركتين بالاستدامة البيئية.
ويعزز هذا المركز جهود تطوير الحلول المناخية والجوية المخصصة، التي تستفيد من أكثر من 100 بيتابايت من البيانات الجيولوجية.
مبادرات "مايكروسوفت" و"G42"
في 17 سبتمبر/أيلول 2024، أعلنت شركتا "مايكروسوفت" و"G42"، عن تدشين مبادرتين جديدتين، تهدفان إلى ضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مسؤول، بما يضمن احترام الخصوصية والأمان وعدم انتهاك حقوق الأفراد أو إساءة الاستخدام، وذلك في إطار تعاونهما المشترك لخدمة المجتمع العالمي، وتعميق شراكتهما الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها في وقت سابق من 2024، وتضم بداخلها مجموعة من بروتوكولات التعاون التي سيتم الإعلان عنها على مدار الأسابيع والأشهر المقبلة.
وتشمل المبادرتان إنشاء مركزين جديدين للذكاء الاصطناعي في إمارة أبوظبي. الأول هو نتاج تعاون مشترك من حيث التأسيس والتمويل بين "G42" و"مايكروسوفت"، وبموافقة مجلس الإمارات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة في أبوظبي، حيث سيعمل المركز على وضع وتطوير ومتابعة تنفيذ أفضل الممارسات والمعايير التي تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وشفافة في منطقة الشرق الأوسط والدول النامية أو تلك التي تعاني من فجوات في البنية التحتية الرقمية والتقنية مقارنة بالدول المتقدمة.
أما المركز الثاني، فهو عبارة عن فرع جديد لمختبر مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي للأعمال الخيرية في إمارة أبوظبي، والذي سيركز على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مشروعاتٍ تعزز من التعاون المحلي والإقليمي لتحقيق الأهداف المجتمعية الرئيسية مثل مواجهة التغيرات المناخية أو مكافحة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وغيرها.
1.5 مليار دولار.. استثمارات مايكروسوفت في G42
في 16 أبريل/نيسان 2024، أعلنت كل من G42، الشركة القابضة الرائدة في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات، ومايكروسوفت عن استثمار استراتيجي قدره 1.5 مليار دولار من مايكروسوفت في G42.
يهدف هذا الاستثمار إلى تعزيز التعاون بين الشركتين لإدخال أحدث تقنيات مايكروسوفت الخاصة بالذكاء الاصطناعي ومبادرات تطوير المهارات إلى دولة الإمارات وبقية دول العالم.
وكجزء من هذه الشراكة الموسعة، سينضم براد سميث، نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس شركة مايكروسوفت، إلى مجلس إدارة G42.
وسيمكن هذا التعاون الموسع المؤسسات من جميع الأحجام في الأسواق الجديدة من استغلال فوائد الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية، مع التأكيد على التزامها بالمعايير العالمية الرائدة للسلامة والأمن.
واستنادًا إلى التعاون طويل الأمد بين الشركتين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، يعمق استثمار مايكروسوفت الالتزام المتبادل بهذه الشراكة الإستراتيجية. ستستخدم G42 منصة Microsoft Azure لتشغيل تطبيقات وخدمات الذكاء الاصطناعي، وستتعاون مع مايكروسوفت لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة للعملاء في القطاع العام العالمي والمؤسسات الكبرى.
بالإضافة إلى ذلك، ستعمل G42 ومايكروسوفت معًا لجلب البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي المتقدم إلى دول الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وأفريقيا، مما يوفر لهذه الدول فرص الوصول العادل للخدمات لمعالجة القضايا الحكومية والتجارية الرئيسية، مع الحفاظ على أعلى معايير الأمان والخصوصية.
"جي 42” و"كوالكوم".. شراكة الاستدلال بحلول الذكاء الاصطناعي
في أبريل/نيسان 2024، أعلنت G42، مجموعة شركات التكنولوجيا الرائدة في دولة الإمارات، عن توقيعها شراكة استراتيجية مع شركة كوالكوم تكنولوجيز، لتقديم حلول كوالكوم للذكاء الاصطناعي السحابي عالية الأداء ومنخفضة الطاقة إلى السوق من خلال منصة Condor AI التابعة لشركة Core42.
وستضيف حلول الاستدلال بالذكاء الاصطناعي من كوالكوم كفاءة رائدة في استخدام الطاقة، وقابلية النقل، والمرونة والأداء مقابل السعر للعملاء الذين يقومون بتشغيل أحمال أعمال مكثّفة للذكاء الاصطناعي من الناحية الحسابية.
وتعتبر Condor AI من Core42 منصّة حوسبة سحابية متطورة تقدم طبقة بنية تحتية مُحسَّنة مع حلول متنوّعة من مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي الرائدين في السوق، وستوفر إضافة مسرعات الذكاء الاصطناعي Qualcomm Cloud AI 100 Ultra أداء استدلال وكفاءة تكلفة لا مثيل لهما.
ومن خلال دمج تنسيقات البيانات المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة مثل الانعدام في التنظيم، والعينات التكهنية واستخدام الشبكة الكاملة المتخصصة لحالات الاستخدام من خلال توظيف مجموعة من تقنيات CS-3 من Cerebras و AI100 Ultra، ويمكن لمنصة Condor AI تقديم زيادة تصل إلى 10 أضعاف في الرموز المميزة لكل دولار.
بريسايت و Wand AI.. شراكة ذكية بين الإنسان والـAI
في يوليو/تموز 2024، أعلنت "بريسايت"، شركة تحليلات البيانات الضخمة المدعمة بالذكاء الاصطناعي التوليدي في المنطقة، عن شراكتها الاستراتيجية مع Wand AI، الشركة المختصة في التعاون الذكي بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، ومقرها الولايات المتحدة.
ويهدف التعاون إلى قيادة عملية نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، على نطاق واسع، وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز للذكاء الاصطناعي.
وعملت فرق Wand AI و"بريسايت" بشكل وثيق خلال عام 2024 لتطوير منصة الذكاء الاصطناعي، التي توفر حل الذكاء الاصطناعي التوليدي الرائد في القطاع، الذي يمكن دمجه بسرعة في موارد المعلومات وسير العمل الحالي لإطلاق مساعد رقمي باستخدام الذكاء الاصطناعي لتأدية مجموعة واسعة من الأدوار الوظيفية في القطاعات الصناعية.
وتستفيد الشراكة الاستراتيجية من مكانة "بريسايت" الرائدة في المنظومة الشاملة لدولة الإمارات وخبرة Wand AI وسمعتها في القطاع كمنصة ذكاء اصطناعي تركز على الشركات لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة للقطاعات المالية والتجزئة والعقارات والبناء والمجال القانوني وغيرها من القطاعات.
دعم إماراتي للبنية الرقمية في أمريكا
في 17 سبتمبر/أيلول 2024 أعلنت شركة "إم جي إكس" وهي شركة إماراتية متخصصة في مجال التكنولوجيا تركّز على تسريع تطوير وتبني الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، عن شراكة مع "بلاك روك" و"جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز" و"مايكروسوفت"، لإطلاق "الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي"، وذلك للاستثمار في مراكز البيانات الجديدة والموسعة، تلبيةً للطلب المتزايد على القدرة الحوسبية الفائقة.
وفقا لوكالة أنباء الإمارات "وام"، ستعمل هذه الشراكة على توفير بنية مفتوحة ونظام حيوي واسع النطاق، يوفر مجالاً واسعاً ومتنوعاً لمجموعة من الشركاء والشركات فيما تعمل شركة "إنفيديا" على دعم الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي مع توظّيف خبرتها في مجال مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ومرافق الذكاء الاصطناعي لصالح منظومة الذكاء الاصطناعي.
كما ستعمل الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بشكل فاعل مع قادة الصناعة، للمساهمة في تعزيز سلاسل إمداد الذكاء الاصطناعي.
وبموجب هذه الشراكة، سيتم العمل على توظيف 30 مليار دولار من رأس المال الخاص من المستثمرين ومالكي الأصول والشركات، على أن يصل هذا إلى 100 مليار دولار من الاستثمار.
وتجمع هذه الشراكة تحت مظلتها كبار المستثمرين العالميين، بغرض التوسع الفعال في مجال مراكز البيانات، وتعزيز قدرات الاستثمار في مجالات توفير الطاقة لمراكز البيانات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي.
وفي يناير/كانون الثاني 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الملياردير الإماراتي حسين سجواني، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "داماك العقارية"، سيستثمر 20 مليار دولار في بناء مراكز بيانات جديدة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، ستشمل عدة ولايات، منها تكساس، أريزونا، أوكلاهوما، لويزيانا، أوهايو، إلينوي، ميشيغان، وإنديانا. وتهدف هذه الاستثمارات إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية في أمريكا، مما يعكس الثقة في مناخ الأعمال الأمريكي خلال ولاية ترامب الثانية.
aXA6IDMuMjIuMTAxLjQ3IA==
جزيرة ام اند امز