يحتفل العالم اليوم الخميس للمرة الأولى باليوم العالمي للأخوّة الإنسانية.
وذلك تتويجاً لمبادرة إماراتية مشتركة بالتعاون مع الأشقاء في جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، تم اعتمادها بالإجماع من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر الماضي، وذلك استلهاماً من وثيقة الأخوّة الإنسانية التي تم توقيعها في أبوظبي في الرابع من فبراير 2019، والتي تتضمن العديد من القيم الإيجابية التي تعزز من نهج الأخوّة الإنسانية على الصعيد العالمي.
الإمارات اليوم تقود العالم نحو تعزيز نهج الأخوّة الإنسانية، ليكون أحد مبادئ العلاقات المستقرة بين الدول والشعوب، سواء من خلال جهودها في بناء أسس الحوار والتعايش بين الحضارات والثقافات والأديان والشعوب المختلفة على قاعدة التسامح والانفتاح بعيداً عن نزعات الصدام والتطرف والتعصب والعنف، أو من خلال مبادراتها البناءة لمواجهة الفكر المتطرف والتصدي لخطاب الكراهية، أو من خلال مبادراتها الإنسانية والخيرية التي تستهدف تخفيف معاناة الشعوب والمجتمعات الناجمة عن الكوارث والأزمات والأوبئة العابرة للحدود.
تدرك دولة الإمارات أن العالم اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إعلاء قيم الأخوّة الإنسانية، باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلم الدوليين من ناحية، واستعادة روح التضامن الدولي من ناحية ثانية، خاصة في ظل سيطرة روح الأنانية والمادية على العلاقات بين الدول، على النحو الذي أظهرته بوضوح جائحة "كوفيد-19" في ظل مساعي الدول الغنية إلى الاستئثار بالنسبة الأكبر من لقاحات كورونا على حساب الدول النامية والفقيرة، وذلك في انتهاك واضح لأبسط معاني الأخوّة الإنسانية، والمتمثلة في العدالة والمساواة في الحصول على الرعاية الصحية دون أي تمييز، وخاصة في أوقات الأوبئة والأمراض المتفشية.
حينما يقال إن الإمارات هي عاصمة العالم للأخوّة الإنسانية، فإن هذا لم يأت من فراغ، وإنما نتاج واقع معاش وممارسات تعزز من قيم التسامح والتعايش بين البشر، سواء في الداخل أو في الخارج، فالإمارات من ناحية تأتي في صدارة الدول التي يتمتع فيها الجميع بممارسة الشعائر الدينية وحرية العبادة لمختلف الأديان والجنسيات والطوائف، وهذا ما يجسده مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية"، في جزيرة السعديات بأبوظبي، والذي سيتم افتتاحه في العام المقبل 2022، والذي يضم ثلاثة بيوت للعبادة «الكنيس اليهودي والكنيسة المسيحية والجامع الإسلامي»، تحت سقف صرح واحد، وذلك في تأكيد واضح على إيمان الإمارات الراسخ بقيمة التسامح الديني، والتعايش بين أتباع الديانات والعقائد والثقافات المختلفة، والتي تؤكد جميعها على التآخي بين البشر. الإمارات من ناحية ثانية تعد مظلة لتعايش أكثر من مئتي جنسية تعيش على أراضيها في تناغم تام بغض النظر عن الاختلافات الثقافية والدينية والعرقية فيما بينها، وذلك في تجسيد واضح لقناعاتها التي تؤمن بها بأنها مجتمع متجانس ومنفتح يتيح للجميع العيش بحرية والتمتع بنمط حياة آمنة مستقرة على الصعد كافة. كما أنها من ناحية ثالثة تمتلك منظومة تشريعية وقانونية تتصدى لمختلف مظاهر التمييز أياً كانت طبيعتها، سواء كانت عرقية، أو دينية، أو ثقافية.
إضافة إلى ما سبق، فإن الإمارات تأتي في مقدمة الدول الداعمة للتوزيع العادل للقاحات كورونا على جميع شعوب العالم، والعمل على جعلها منفعة عالمية مشتركة في مواجهة جائحة عالمية تهدد الجميع بلا تمييز، من منطلق إيمانها بأن ذلك يعزز من الأخوّة الإنسانية على الصعيد العالمي، ولأجل هذا فقد أطلقت في شهر نوفمبر الماضي مبادرة «ائتلاف الأمل»، التي تستهدف دعم للجهود العالمية في توزيع لقاحات كوفيد-19، من خلال تقديم حلول متكاملة لتلبية متطلبات عملية نقل اللقاح، وتوفير البنية التحتية الرقمية للمساهمة بشكل فاعل في توفير اللقاح في جميع أنحاء العالم، وغيرها العديد من المبادرات والمواقف الحضارية التي استطاعت من خلالها الإمارات أن ترسخ صورتها باعتبارها عاصمة العالم للأخوّة الإنسانية.
«اليوم العالمي للأخوّة الإنسانية» ليس فقط يوماً للتذكير بأن البشرية في حاجة ماسة إلى إعلاء ثقافة التسامح والتعايش والانتصار لقيم التعددية والاحترام المتبادل وقبول الآخر واحترام تنوع الأديان والمعتقدات، باعتبارها مرتكزات تحقيق الأخوّة الإنسانية، وإنما أيضاً، وربما الأهم ترجمة هذه القيم الإيجابية في العلاقات بين الدول والشعوب من أجل إنهاء الصراعات والحروب المدمرة التي تشهدها العديد من المناطق حول العالم، وتخلف وراءها ملايين الضحايا من مشردين ولاجئين ونازحين، هذا هو الاختبار الحقيقي الذي ينبغي للعالم أجمع، بدوله ومنظماته وشعوبه، أن ينجح فيه، حتى ينتصر لإنسانيته في مواجهة المتاجرين بآلام ومعاناة الشعوب.. الأخوّة الإنسانية هي طوق النجاه لاستعادة إرادة التعاون وروح التضامن والتكافل بين دول العالم لمواجهة الأزمات والتحديات كافة، وإعادة الأمل والتفاؤل لشعوب العالم التي تتطلع إلى مرحلة أكثر أمناً وسلاماً وازدهاراً.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة