القمة العالمية للتسامح: الإمارات نموذج في ترسيخ حقوق المواطنة
المشاركون في الجلسة الحوارية أكدوا ضرورة التصدي للسلوكيات المرفوضة، كالكراهية وازدراء الأديان والتعصب الديني والعرقي.
أكد المشاركون في الجلسة الحوارية الثانية للقمة العالمية للتسامح التي انطلقت، الخميس، في دبي، أن دولة الإمارات تشكل نموذجا في ترسيخ حقوق المواطنة وحرية الفكر واحترام الآخر.
وثمّن المشاركون في الجلسة التي تناولت دور الحكومات في تشجيع التسامح والتعايش السلمي والتنوع، وأدارها الدكتور أكيما أوميزاوا قنصل عام اليابان بدبي، جهود الإمارات في دعم التسامح والحوار بين الثقافات والأديان والحضارات، في إطار من التعددية الفكرية والثقافية.
وقالت عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة الإماراتية للسعادة وجودة الحياة: إن تنظيم القمة العالمية للتسامح يأتي في إطار جهود الدولة لتعزيز فهم مشترك عالمي لمفهوم التسامح كقيمة ترتبط بازدهار المجتمعات ونموها الاقتصادي وتطور حياتها.
ولفتت إلى أن التسامح قيمة متجذرة في الدين الإسلامي، وفي القيم العربية، وفي موقع الإمارات الجغرافي، الذي مكّنها من الارتباط بعلاقات تعاون مشترك قائمة على الاحترام والمودة، معتبرة أن دولة الإمارات عالم في دولة؛ بسبب احتضانها أكثر من 200 جنسية تعيش بتناغم واحترام، وتحظى بأسلوب حياة متنوع.
وأكدت أن إنشاء وزارة للتسامح في دولة الإمارات جاء ليؤكد قيمة التسامح والحفاظ عليها، وتقريب وجهات النظر، إضافة إلى تحصين الشباب من الأفكار المتطرفة التي تحض على الكراهية.
وأوضحت عهود الرومي في ردها على دور الحكومات، أن عملية نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر تتشارك فيها الحكومات أو المجتمع، ومن هنا كان إنشاء وزارة للتسامح ومعهد دولي للتسامح وسياسات حكومية أخرى.
وتطرقت إلى محور التعليم باعتباره أساسيا لإدخال قيمة التسامح في المناهج والأنشطة التي تحض على احترام التنوع والتعددية، إلى جانب تنمية المعرفة، وتبصير العقول بالقراءة الواعية، قائلة: "نحن في الإمارات أمام حدث عالمي هو إكسبو 2020، حيث يلتقي على أرض الدولة ممثلون عن أكثر من 180 دولة، لتتشارك العقول والأفكار"، منوهة إلى أن مثل هذه المبادرات هي ترجمة عملية فعلية لسبل غرس التسامح في النفوس.
من جانبه، وجّه عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وزير الخارجية المصري الأسبق، شكره لحكومة الإمارات على اهتمامها ومبادراتها في دفع مفهوم التسامح والاحتفاء به، بدعوة مفكرين وأكاديميين وعلماء دين وممارسين وسياسيين ودبلوماسيين للمشاركة في المناقشة.
وتطرق إلى مفهوم التسامح الإيجابي والتسامح السلبي، وتحدث حول دور الحكومة، وأشار إلى أنه يجب أن يتركز في التعليم من المدرسة والمنهج والمعلم، وينبغي أن يتم إعداد وتأهيل هذه العناصر بشكل مناسب لننجح في زرع الأفكار الإيجابية في أذهان النشء.
ولفت إلى أهمية التركيز على دور الأمهات وإعدادهن بشكل مناسب من خلال الارتقاء بمستواهن التعليمي والتربوي، ليأخذن بيد أبنائهن، مؤكدا ضرورة تجذير المبادئ والقيم الإنسانية القائمة على الاحترام والمحبة والتسامح في أذهان الطلبة.
كما ذكر فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار بين الأديان والثقافات في النمسا، أن التسامح عنوان عريض لطريق طويل يجب أن يسلكه الجميع.
وطالب بن معمر بضرورة تشجيع وتعزيز التسامح والتآخي، وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق التعليم والدين والثقافة، مقترحا تقديم برامج لمعالجة المشكلات، منوها بضرورة التفرقة بين التسامح والحرية، وأن علينا الوعي بأن التسامح ليس حرية مطلقة.
وأشار إلى أنه يجب معرفة كيفية تجديد دور الحكومات، وأن إدارة التنوع علم بحد ذاته وصولًا للتسامح واحترام التعددية تحت مظلة المواطنة المشتركة، وأقترح أن تقدم الحكومات تسهيلات وتشجع على طرح المبادرات؛ لتساعد على تعزيز التسامح الذي أدواته المواطنة الشاملة واحترام التعددية وقبول الآخر.
كما شدد على أن التكنولوجيا تلعب دورًا مهمًا في نشر قيمتي التسامح والتعايش، وكذلك وجود منصات حوارية تسهم في خدمة المشروع العالمي للتسامح.
من ناحيته، أشار البروفيسور سالفاتور مارتينينز مؤسس ورئيس مركز الفاتيكان الدولي للأسرة، إلى أن للإمارات دور السبق والريادة في استضافة هذه القمة، بمشاركة علماء وباحثين ومفكرين ومثقفين من مختلف الأديان والثقافات والدول، وأن الحدث يمثل امتدادًا لجهود الإمارات العالمية في تحقيق أمن وسعادة البشرية.
وأفاد مارتينينز بأن مواضيع القمة تأتي إيمانا بأن التنوع الحضاري والثقافي والديني والفكري ينبغي أن يكون رافدًا للتعاون والتحالف، بدلًا من الفرقة والخلافات وتوجيه الثروات والطاقات لبناء المجتمعات والنهوض بالحضارة الإنسانية العالمية جامعة.
وأضاف: "إننا نؤمن بعالم متسامح باختلافاته، وإن هذه الخلافات يجب أن توحدنا لا أن تقصينا، مشددًا على أن العالم اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التعايش وإيجاد لغة مشتركة بعيدًا عن العنف والتطرف، موضحا أن الحرية الدينية هي المبدأ الرئيسي للتعايش الإنساني والخروج عن هذه الفكرة يهدد السلام بين الأمم؛ لأن التسامح يحمي جوهر القانون ويحفظ السلام".
ولفت إلى أنه من الضروري استثمار دور العبادة مثل المدارس والجامعات ومواقع التواصل؛ لتحويلها إلى منصات لتعزز قيم التسامح والتشارك والتآلف، وأن محور التعليم هو الأساس باعتبار المدارس والجامعات أكثر القنوات تأثيرا على وعي وثقافة الأفراد والمجتمعات، وعليها مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية.
وشدد المشاركون في الجلسة خلال مداخلاتهم على ضرورة التصدي للسلوكيات المرفوضة، من بينها: الكراهية وازدراء الأديان والتعصب الديني والعرقي من خلال التوعية، والتركيز على دور المؤسسات التعليمية والمنابر الدينية لترسيخ قيم الوسطية والتسامح، وتجديد الخطاب الديني المعتدل، إضافة إلى تآزر الجهود الحكومية والمجتمعية لبناء مجتمعات تكرس الحقوق والحريات وتؤمن بالعدالة الاجتماعية.
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز