أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط لـ«العين الإخبارية»: الحد من الانبعاثات على رأس أولوياتنا في COP28
السفير ناصر كامل: نثمن دور الإمارات في قيادة العمل المناخي
أكد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السفير ناصر كامل، أنه يتوقع أن تكون قمة المناخ المرتقبة COP28 دورة ناجحة بكل المقاييس.
وقال أكبر مسؤول في المنظمة الحكومية الإقليمية، التي تضم 43 دولة من أوروبا وشمال أفريقيا وغرب آسيا، في حوار مع "العين الإخبارية"، إنه يثمن دور دولة الإمارات العربية المتحدة في قيادة العمل المناخي على الصعيد العالمي في هذه المرحلة الراهنة، التي تشهد كثيراً من التحديات والتحولات غير المسبوقة، من خلال تبني المبادرات الرامية لخفض الانبعاثات الحرارية، وتحسين سبل العيش المستدام لكثير من الشعوب، سواء في المنطقة العربية، أو على مستوى العالم.
واعتبر السفير ناصر كامل أن إمدادات الأمن الغذائي في المنطقة العربية سجلت تراجعات إلى مستويات خطيرة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، أو بسبب الصراعات المسلحة، سواء على صعيد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك الأزمة الراهنة في قطاع غزة، وما نتج عنها من تدمير واسع في مختلف مرافق البنية التحتية والمؤسسية، بالإضافة إلى الضغوط المتزايدة على العديد من الأطراف الدولية الأخرى، خاصةً دول الجوار.
وتطرق أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط للحديث عن "الصفقة الخضراء"، والمشاورات الجارية بين المنظمة والاتحاد الأوروبي لتحقيق استفادة الدول في جنوب البحر المتوسط من المميزات التي توفرها هذه الصفقة، كما أشار إلى إقامة جناح للمتوسط لأول مرة في مؤتمرات أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، والذي كان في الدورة الأخيرة بمؤتمر (COP27) في شرم الشيخ.. وفيما يلي نص الحوار:
كيف يستعد الاتحاد من أجل المتوسط، باعتباره أحد أكبر المنظمات الإقليمية في العالم، للمشاركة في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP28) في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
الاتحاد من أجل المتوسط منظمة حكومية إقليمية تشمل 43 بلداً، من بينها 27 دولة من الاتحاد الأوروبي، و16 دولة من حوض البحر المتوسط، وتمارس المنظمة عملها من خلال 6 مجالات، من بينها مجال التنمية الاقتصادية والتوظيف، ومجال التعليم العالي والبحث العلمي، ومجال المياه والبيئة والاقتصاد الأزرق، ومجال الشؤون الاجتماعية والمدنية، ومجال النقل والتنمية الحضرية، إضافة إلى مجال الطاقة والمناخ، كما يعتمد عمل الاتحاد من أجل المتوسط على مجموعة من الآليات، حيث أن هناك مستويات حكومية، ومستويات تقنية وفنية، فعلى المستوى الحكومي هناك اجتماعات وزارية وقرارات استراتيجية على مستوى المنظمة، من أجل وضع سياسات تجمع البلدان المتوسطية في تكتل واحد، من أجل تحسين معيشة المواطن في المنطقة الأورومتوسطية.
فيما يتعلق باستعدادات الاتحاد من أجل المتوسط للمشاركة في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنني أود الإشارة هنا إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط كان له حضور فعال في دورة العام الماضي في شرم الشيخ بمصر، من خلال تنظيم جناح المتوسط، كما أن المنظمة كانت حاضرة بفاعلية في العديد من مؤتمرات المناخ السابقة، ونتوقع أن يكون دورنا فاعلاً في الدورة المقبلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتجري حاليا مشاورات متقدمة من أجل إرساء برامج وحضور فعال في مؤتمر دبي.
كما أود أن أشير، في هذا الصدد، إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط يثمن دور دولة الإمارات العربية في هذا الصدد، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، حيث أنها تتبنى المبادرات الفاعلة من أجل تخفيض الانبعاثات الحرارية، وكذلك من أجل جعل بيئتنا مستدامة لمواطني بلداننا جميعاً على المستوى العالمي، وليس فقط على مستوى إقليمي معين، وبالتأكيد النماذج الناجحة في دولة الإمارات يمكن عرضها في إطاراتها البيئية، وهذا ما يكون له إضافة نوعية في قمة المناخ المرتقبة، في إطار استمرار البناء على ما تم تحقيقه في المؤتمرات السابقة، خاصةً في الدورة الأخيرة بمصر، وهذا ما يجعل من قمة المناخ المنتظرة في دبي ناجحة بكل المقاييس، ويدفع الاتحاد من أجل المتوسط إلى الحرص على المشاركة الفاعلة في هذه القمة الاستثنائية على صعيد العمل المناخي.
- الممثل الإقليمي للفاو يكشف لـ«العين الإخبارية» أهم ملفات COP28
- تغير المناخ والغذاء.. الجوع أمامنا والاحترار خلفنا (ملف خاص)
استضافت العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط دورات سابقة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ومع ذلك شهد مؤتمر الأطراف الأخير في شرم الشيخ إقامة جناح للمتوسط لأول مرة، كيف تفسر ذلك؟
بالفعل ظهور جناح باسم البحر المتوسط في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ كان لأول مرة في الدورة الأخيرة بشرم الشيخ، ولكن يمكن القول إن تنظيم هذا الجناح جاء نتيجة تراكمات مشاركة الاتحاد من أجل المتوسط في الدورات السابقة، والتي كان للمنظمة ظهور ومشاركة فاعلة فيها، وتوجت هذه النتائج بتنظيم جناح المتوسط لأول مرة في (COP27)، وهذا ما يترتب عليه مسؤولية كبيرة على الاتحاد من أجل المتوسط للمشاركة بقوة في المؤتمر المرتقب (COP28)، خاصةً إذا ما وضعنا في الاعتبار عدد الدول الأعضاء في المنظمة، وكذلك الدور الإقليمي والمتوسطي للمنظمة.
هل يمكن تصنيف منطقة البحر المتوسط على أنها من المناطق التي تعاني مشكلة انعدام الأمن الغذائي، رغم أنها من أكثر المناطق من حيث الإنتاج الزراعي والغذائي في العالم؟
تتميز منطقة البحر المتوسط بأنها تضم مجموعة من البلدان التي تتنوع فيما بينها من حيث مقوماتها الطبيعية، ومن حيث الأقاليم المناخية، وبالتالي فإن قدرة هذه الدول على إنتاج الغذاء يختلف حسب المناطق، وحسب تأثيرات التغيرات المناخية عليها، وبالتالي لا يمكن القول إن المنطقة المتوسطية تواجه مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الوقت الراهن، ولكن في نفس الوقت، فإن المؤتمر رفيع المستوى حول الصناعات الغذائية والأمن الغذائي، الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط مؤخراً في القاهرة، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، تناول مناقشة التداعيات المرتقبة للتغيرات المناخية، من حيث الجفاف وندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، على إنتاج الغذاء في دول المنطقة الأورومتوسطية، بالإضافة إلى مناقشة تأثيرات الحروب والصراعات السياسية على الإنتاج الزراعي وإمدادات الغذاء في المنطقة.
ويضع الاتحاد من أجل المتوسط هدف الحد من الانبعاثات الحرارية على رأس أولوياته، بالإضافة إلى مواجهة التأثيرات الناجمة عن الكوارث البيئية والمناخية، أو نتيجة الصراعات والأزمات السياسية، وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا كانت لها تأثيرات خطيرة على العديد من الدول في أنحاء العالم، ليس فقط على مستوى الدول المتوسطية، وإنما في مناطق أخرى، نتيجة تأثر إمدادات الغذاء، وبالتالي تسبب ذلك في ارتفاع الأسعار مما يضر بالقدرة الشرائية لكثير من الشعوب لتلبية احتياجاتهم من الغذاء، وهذا ما يشكل تهديداً للأمن الغذائي بصورة أو بأخرى، وكذلك نشهد حالياً من ما يجري في إطار الحرب على قطاع غزة، والتأثيرات المباشرة لذلك على معيشة الشعب الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو في غزة.
ما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به الاتحاد من أجل المتوسط لدعم الدول العربية في جنوب البحر المتوسط للاستفادة من المميزات التي قد تتيحها "الصفقة الخضراء" للاتحاد الأوروبي؟
بالتأكيد هناك نقاشات ومشاورات في مرحلة متقدمة، بين الاتحاد من أجل المتوسط والمفوضية الأوروبية حول الفرص التي يمكن إتاحتها من خلال "الصفقة الخضراء"، والتي يلتزم الاتحاد الأوروبي بموجبها بأن يصبح أول تكتل إقليمي يحقق مبدأ الحياد المناخي في العالم بحلول عام 2050، وهذا ما يتطلب استثمارات هائلة، ويُعتبر الاتحاد من أجل المتوسط هو الإطار الأمثل لمناقشة السياسات الأوروبية في إطارها المتوسطي، نظراً لأنه يجمع بين دول شمال وجنوب المتوسط، ويواصل المشاورات مع الاتحاد الأوروبي للاستفادة من المبادرات في إطار مبدأ "رابح رابح"، بما يضمن تحقيق الاستفادة للطرفين.
ويجب التأكيد هنا على أن الاتحاد من أجل المتوسط هو منصة إقليمية تشمل كافة الدول المتوسطية، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، لكن هذا لا ينسينا أن الاتحاد الأوروبي لديه سياسات وإطارات أخرى، مثل سياسة الجوار، والحوار الجنوبي الجنوبي واتفاقية أغادير، واتفاقية (5+5)، هناك مجموعة من الأطر ولكن يبقى الاتحاد من أجل المتوسط الإطار الأكثر شمولية، حيث يجمع بين ضفتي المتوسط، بالإضافة إلى تخصصه النوعي في معالجة مجموعة من الملفات الأخرى، منها القضايا البيئية والاقتصادية والتغيرات المناخية، وأود الإشارة هنا إلى الاجتماع الوزاري، الذي يعقده الاتحاد من أجل المتوسط يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) في برشلونة بإسبانيا، باعتباره فرصة لمناقشة التطورات السياسية في المنطقة وتداعياتها، بالإضافة إلى مناقشة العديد من الملفات الأخرى، من ضمنها ملف الصفقة الخضراء.