أوغندا تفتح المعابر مع «M23».. تطبيع أم شرعنة للتمرد بشرق الكونغو؟

قرار مثير اتخذته أوغندا بإعادة فتح معابر حدودية مع مناطق يسيطر عليها مقاتلو حركة M23 شرقي الكونغو الديمقراطية، أثار جدلا واسعا.
خبراء في الشؤون الأفريقية اعتبروا أن قرار أوغندا، لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات الجيوسياسية الإقليمية، واحتمالات إعادة تشكيل خارطة النفوذ في منطقة البحيرات الكبرى، خصوصاً وسط صمت مريب من كينشاسا، وتقدم عسكري رمزي للحركة المصنفة كـ"حركة تمرد مسلح".
هذه الخطوة، التي بدت للوهلة الأولى شأناً اقتصاديًا يخص المجتمعات الحدودية، تحمل في طياتها إشارات سياسية مقلقة، وفق ما يراه مراقبون، أبرزها أن كمبالا اختارت التطبيع المباشر مع الأمر الواقع الذي فرضته الحركة المسلحة، متجاوزة بذلك التنسيق التقليدي مع السلطات الشرعية في الكونغو الديمقراطية.
هل تشرعن أوغندا التمرد في شرق الكونغو؟
الباحث الفرنسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، جون بيير بات قال لـ"العين الإخبارية" إن "إعادة فتح المعابر الحدودية تعني من الناحية العملية القبول الضمني بإدارة M23 لتلك المناطق، لا سيما في ظل غياب أي شرط مسبق أو إشراف حكومي كونغولي مباشر".
وأضاف:" حين تعيد دولة ذات سيادة فتح معبر حدودي مع كيان مسلح غير معترف به، فهي ترسل إشارة واضحة بأنها تتعامل معه كفاعل أمر واقع، وهذا يفتح الباب أمام شرعنة غير مباشرة."
أما الباحثة الفرنسي صوفي دوفيلييه، المتخصصة في الحركات المسلحة في منطقة البحيرات الكبرى، فقالت لـ"العين الإخبارية" إن خطوة أوغندا تعبّر عن نفاد صبرها من بطء كينشاسا وضعف سيطرتها الأمنية على شرقي البلاد.
وأضافت أن:" هذه الخطوة ليست فقط اقتصادية، بل هي تعبير عن فشل النموذج الأمني الكونغولي في استعادة زمام الأمور في الشمال الشرقي، ما يجعل بعض الدول المجاورة تبحث عن شراكات بديلة على الأرض."
وأعلنت أوغندا، إعادة فتح معبري بوناغانا وإيشاشا الحدوديين مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، الواقعين في إقليم شمال كيفو شمال شرق مدينة غوما. وكانت هذه المعابر قد سقطت في قبضة حركة M23 المسلحة في عامي 2022 و2024 على التوالي.
الخطوة، التي جاءت بمبادرة من كمبالا، تعتبر انتصارًا سياسيًا وعسكريًا للحركة المسلحة التي تسعى منذ سنوات لتثبيت نفوذها على الأرض، بينما التزمت كينشاسا الصمت ولم يصدر عها أي تعليق رسمي حتى اللحظة، بحسب إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية.
المناطق تحت السيطرة والتمويل غير المشروع
وتوجد المعابر من الجانب الكونغولي داخل مناطق يسيطر عليها مسلحو M23، وهو ما دفع السلطات في كينشاسا خلال السنوات الثلاث الماضية إلى منع الأنشطة الاقتصادية عبر هذه النقاط الحدودية، على خلفية اتهامات بأن الحركة المسلحة تستخدم الإيرادات الناتجة عن حركة العبور لتمويل عملياتها العسكرية.
وأكد تقرير مجموعة خبراء الأمم المتحدة حول شرق الكونغو الصادر عام 2022، هذه المزاعم، مشيرًا إلى أن M23 كانت تفرض ضرائب على المارة في معبر بوناغانا، وحققت من ذلك نحو 27 ألف دولار شهريًا فقط من رسوم المشاة.
انتصار معنوي للحركة المسلحة
لكن في المقابل، قدّمت أوغندا هذه الخطوة على أنها قرار اقتصادي بحت يخدم سكان المناطق الحدودية. وخلال حفل إعادة الافتتاح الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة، دافع المتحدث باسم الجيش الأوغندي عن القرار قائلاً: "إغلاق هذه المعابر كان قرارًا إجراميًا وغير منتج، لأنه شلّ حركة التجارة الحيوية بين سكان جانبي الحدود من الكونغو وأوغندا".
ويبدو أن هذه الخطوة تُفسَّر على أنها مكسب استراتيجي لـM23، التي تسعى إلى إضفاء شرعية على إدارتها بحكم الأمر الواقع في مناطق سيطرتها، وبناء علاقات مباشرة مع الدول المجاورة. وتشير معلومات حصلت عليها إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية إلى أن قادة الحركة المسلحة كانوا يناقشون هذا الملف منذ أشهر مع مسؤولين أوغنديين.
صمت كينشاسا يثير التساؤلات
ورغم انزعاج السلطات في كينشاسا من هذه التطورات، لم تُصدر الحكومة الكونغولية حتى الآن أي رد فعل رسمي، ما أثار تساؤلات في الأوساط السياسية والدبلوماسية.
ويعرب بعض المسؤولين عن دهشتهم من الموقف الأوغندي، خاصة بعد توقيع مذكرة تفاهم معدّلة يوم 20 يونيو/حزيران الماضي بين قائدي الأركان في البلدين لمواصلة عمليات "شوجا" المشتركة ضد جماعة ADF المسلحة.