هل منا من ينكر أن السعودية اليوم لديها "مشروع" وتقود به تحالفات عربية وإسلامية
هل منا من ينكر أن المملكة العربية السعودية اليوم لديها "مشروع" وتقود به تحالفات عربية وإسلامية -بغض النظر عن رأينا بالمشروع- إلا أن الواقع يؤكد أن هناك مشروعاً؟
تتصدر اليوم المملكة العربية السعودية مجموعة تحالفات وتعلن مشروعها لمكافحة الإرهاب وقطع الأذرع الإيرانية المحتلة في المنطقة العربية، والتي تشكل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة بكل الطرق الدبلوماسية وحتى العسكرية وعبر إعادة الالتحام العربي مع مناطق امتد لها النفوذ الإيراني.
هذا المشروع نادى به الشارع العربي كثيراً ولام الأنظمة العربية على نكوصها وعدم تحركها وبرر لجوءه لقيادات وأنظمة غير عربية بأنه مضطر؛ إذ لا بديل لمشروع عربي يغنيه عن اللجوء للخارج.
لم يستسغ القوميون والبعثيون القيادة "الخليجية" للتحالفات العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص، فتلك التيارات لديها مشكلة مع الجنوب العربي، الأدهى أن منهم خليجيي الأصل لكنهم تلاميذ لقيادات فكرية شمالية تربوا على أن الجنوب رجعي
وحين تصدت دولة عربية بمشروع عربي قومي يصد احتلالاً واستعماراً أجنبياً وتساعده أنظمة إمبريالية غربية بدنا نسمع أصواتاً تعترض على مواجهة إيران في اليمن؟ وأصواتاً تعترض على الدور السعودي لتحفيز الحكومة اللبنانية لمواجهة تغول إيران في لبنان، ونسمع المعترضين عن الدخول للعراق بثقل سياسي أو لسوريا لمنع تمدد إيران، كما سمعنا عن عرب اعترضوا دخول السعودية مع درع الجزيرة للبحرين لمواجهة المليشيات العميلة لإيران.
ألم يطالبوا بمشروع عربي لمواجهة التغول الإيراني؟ وحين وجد هذا المشروع لماذا اعترضوا عليه؟ هل لأنه سعودي!!
تلاوين متعددة في الشارع العربي بعضها ذو صبغة مذهبية وبعضها ذو صبغة قومية جميعها لم تتهيأ لهذا المتغير المفاجئ الكبير، فهذا التحرك لم يعهد في هذه المنطقة التي ما تحركت جيوشها بعيداً عن الوصاية الأمريكية منذ عقود، لهذا لا تزال تلك التيارات في خندقها تصطف خلف زعمائها التاريخيين غير العرب، بالرغم أن هؤلاء الزعماء التاريخيين لم يقدموا للشعوب العربية على مر التاريخ جزءاً من ألف مما قدمت السعودية، إلا أن تلك التيارات مستعدة ومهيأة لتقبل أي زعامة وصدارة إلا أن تكون خليجية وسعودية، فهي تيارات تأدلجت على مدى عقود زمنية على أن قيادة هذه الأمة العربية لا بد أن تكون غير عربية، فإن قبل على مضض بالقيادة العربية فإنها لا بد أن تكون في معقل من أطلق شرارة القومية أو البعثية أي من عرب الشمال، إنما من المستحيل أن يتحرك -من وجهة نظرها- من هذه الأرض الجنوبية قيادات تقود الشعوب العربية.
لم يستسغ القوميون والبعثيون القيادة "الخليجية" للتحالفات العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص، فتلك التيارات لديه مشكلة مع الجنوب العربي، الأدهى أن منهم خليجيي الأصل لكنهم تلاميذ لقيادات فكرية شمالية تربوا على أن الجنوب رجعي "عدا عدن فذاك جزء استثنائي تمرد على الرجعية ويدين بالولاء للمرجعيات اليسارية" أما بقية دول الخليج فتلك دول رجعية متخلفة بالنسبة لهم لا تحسن السياسة تحكمها أسر فرضت من خلال الحماية الاستعمارية الإمبريالية الذي يجب أن يحارب ويطرد من منطقتنا!!
هذا التيار باقٍ في كهوف ظفار يقاتل حتى الآن لم يدرك أن من يحارب التدخل الغربي في المنطقة ومن ينافح عن استقلالها ومن يقدم الشهيد تلو الآخر مقابل سيادتها وكرامتها وعزتها هم هذه الشعوب الخليجية متضافرة مع تلك الأسر الحاكمة.
هذا التيار اليساري العربي لا يريد أن ينزع عباءته اليسارية يستصعب أن يضع يده في يد الأسر والأنظمة، رغم أن الأسر قبلته ومدت له يدها ووقفت هي في صفه وحملت هي شعاراته وتتصدى هي لأشكال الاستعمار والاحتلال الجديد، إلا أن ذلك التغير الدراماتيكي عصي على فهمه وإدراكه، والعربي الخليجي منهم أو من عرب الشمال جميعهم لم يتقبلوا بعد أن تقود دول الخليج بأنظمتها وأسرها الحاكمة معركة العزة والكرامة والسيادة والاستقلال العربي القومي، فتلك مهمة هي حصر لأساتذتهم من عرب الشمال.
نفهم سبب رفض التيارات التي تربت على يد مرشد أعلى ومرشد عام للقيادة السعودية، نفهم عقليته التي تصفق للخطب العصماء لزعماء يتصدرون المشهد الإسلامي والعربي ويملؤون الفضاء بالصراخ، ويتقدمون المسيرات فرحين بالتصريحات "السوفية" مثل "سوف نتصدى له" "سوف نمنعه" و"سوف لن نقبل" وسوف وسوف.
فهذان التياران مغيبان تماماً عن الوعي رغم أنهما ملتحفان بدين ذي قيم ومبادئ تدعو للعدل وللإنصاف، إنما دون أن يرف لهم جفن يتجاهلون الحقائق والأدلة والبراهين التي تنصف السعودية، هذا يدعو لأنقرة وخليفتها بالنصر، وذاك يعلي من شأن طهران ووليها، مرتكزين في تزكيتهما لخلفائهما على "المواقف الصوتية" التي قدمها الخليفة العثماني والولي الصفوي من مساعدات للدول العربية تحتاج إلى تيلسكوب هالي كي تراها!!
ففي لبنان لا يصل حجم ما قدمته إيران لحزب الله إلى 200 مليون دولار خلال السنوات العشر الأخيرة مقابل 70 مليار دولار قدمتها السعودية، وللفلسطينيين لم تقدم تركيا سوى 369 مليون دولار خلال السنوات العشر مقابل عشرات المليارات التي قدمتها السعودية.
نفهم أسباب غياب العقل لتيارين رضعا التبعية والانحياز إما لخلافة عثمانية أو لصفوية إنما ما مشكلة من طالب بقيادة عربية وصاح أين الأنظمة العربية؟ أين ذهب عقله؟
نقلا عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة