سوناك وتحديد موعد انتخابات بريطانيا.. لماذا الآن؟
ما السر في توقيت إعلان رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك موعد الانتخابات العامة في بريطانيا؟ ولماذا ضغط على الزناد الآن تحديدا؟
ففي خطوة أذهلت الكثيرين، أعلن سوناك، مساء الأربعاء، إجراء انتخابات عامة في 4 يوليو/تموز المقبل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه حاليا يتعلق بالأسباب التي دفعت زعيم حزب المحافظين إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع الآن؟
ويبدو أن المعادلة كانت بسيطة بالنسبة لسوناك الذي كان يتصارع مع فريقه حول القرار، فعندما تتلقى نفس القدر من الأخبار السيئة على مدار أشهر فسترضى بأي قدر من الحظ السعيد، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
لماذا؟
في تقرير لها، أشارت الصحيفة إلى ما اعتبرته لمحات النور في نهاية النفق الاقتصادي إضافة إلى التمرير الذي طال انتظاره لخطة ترحيل المهاجرين إلى رواندا، وهي الإشارات التي ربما جعلت سوناك يشعر أنه إذا انتظر أكثر من ذلك للدعوة إلى الانتخابات فإن الأمور قد تسوء أكثر.
ومع ذلك، جاء الإعلان بمثابة صدمة للجميع في المملكة المتحدة حيث كان الافتراض أن سوناك سيظل في منصبه حتى الخريف، وقد تكون استراتيجية رئيس الوزراء محفوفة بالمخاطر في ظل تراجع حزب المحافظين الحاكم في استطلاعات الرأي عن حزب العمال المعارض بفارق 20 نقطة.
لكن عنصر المفاجأة قد يكون إحدى المزايا الرئيسية المتبقية لحكومة سوناك الذي قرر المقامرة استنادا للنظرية التي تقول إن التوقعات لن تكون أفضل من هذا الصيف لمواجهة الناخبين.
ماذا يقول التاريخ؟
باستثناء فترة وجيزة في أوائل القرن عندما كانت الحكومة ائتلافية، كان لرؤساء الوزراء دائما سلطة اختيار توقيت الانتخابات العامة طالما أن التاريخ يقع في غضون خمس سنوات من آخر انتخابات، وهو ما يعني أن سوناك كان أمامه فرصة حتى يناير/كانون الثاني 2025.
وكان سوناك قد أشار في مطلع العام الجاري إلى أن "افتراضه العملي" هو أن الانتخابات المقبلة ستجرى في النصف الثاني من العام، مما جعل أغلب المحللين يتوقعون إجراء الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني المقبلين.
فلماذا اختار رئيس الوزراء شهر يوليو/تموز؟
كان سوناك دائمًا ما يأمل في حدوث شيء ما لإنقاذه من الهزيمة الانتخابية التي تنبأت بها استطلاعات الرأي طوال فترة وجوده في منصبه.
وقد يُنظر إلى قرار سوناك باعتباره عملا جريئا غير متوقع إلا أن التعمق في نفسيته يكشف أن القرار هو علامة على الواقعية التي يتسم بها دائما وبالتالي فلا جدوى من تعليق الآمال على الخيال أو انتظار حصان سياسي ينقذه.
فبدلاً من الاعتماد على الغريزة، يفضل سوناك الجداول والبيانات، وفي صباح يوم إعلانه عن الانتخابات، أعلن مكتب الإحصاءات الوطنية أن التضخم قد وصل أخيرا إلى هدف 2%، مع إشادة المسؤولين بالنمو.
هذا الإحصاء يعني أن المحافظين يمكنهم الآن خوض الانتخابات وهم يشيرون إلى استقرار أسعار المواد الغذائية وفواتير الطاقة، مع شعور الناخبين أخيرا بتأثير التخفيضين اللذين أجراهما وزير المالية جيريمي هانت على التأمين الوطني.
ومع تنفيذ مخططه لترحيل المهاجرين إلى رواندا أخيراً، فإن إجراء الانتخابات الآن يجنبه الإحراج الناجم عن زيادة محتملة في عبور القوارب الصغيرة في وقت لاحق من الصيف.
تركة ثقيلة
ويبدو أن سوناك لم يحب الحياة في «10 داونينغ ستريت» حيث وصل مقر إقامة رئيس الوزراء البريطاني للقيام بمهمة شبه مستحيلة، فتولى منصبه بعد أكثر من عقد من حكم المحافظين وبعدما أدت سياسات رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس إلى تدمير الاقتصاد.
وبسبب صدمات الرهن العقاري المرتفعة وضغوط تكاليف المعيشة خلال فترة تراس القصيرة في السلطة، أصبح الناخبون مترددين في منح سوناك فرصة، على الرغم من كل ادعاءاته بإعادة الاستقرار والكفاءة.
ومع استمرار الإحباط السياسي وبعدما زادت ثروته الشخصية وزوجته بمقدار 120 مليون جنيه استرليني لتصل إلى 651 مليون جنيه استرليني، فإنه إذا كان سوناك سيخسر، فلماذا لا يخسر الآن ويتجه نحو مستقبل أكثر إشراقًا مع رفاقه في وادي السيليكون؟ ومن يدري، ربما تكون استطلاعات الرأي خاطئة.