حظر بريطانيا لـ"حماس".. حصار لأيديولوجية الحركة وقادتها
يفرض قرار بريطانيا فرض حظر كامل على حركة "حماس" الفلسطينية، والتلويح بسجن مؤيديها، تحديات جديدة على الحركة.
ويأتي حظر الجناح السياسي لحركة حماس في بريطانيا، بعد نحو 20 عاما من حظر لندن الجناح العسكري للحركة.
ويقود "حماس"، مكتب سياسي يضم 18 من قادة الحركة من الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، ينتخبه مجلس شورى هو بمثابة برلمان التنظيم.
ولا تقيم دول أوروبا اتصالات مع "حماس" بجناحيها السياسي والعسكري، فيما تقيم دول مثل روسيا والنرويج وسويسرا وجنوب أفريقا اتصالات مع الجناح السياسي للحركة.
لكن الجديد في القرار الذي أعلنته وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، الجمعة، هو وقف التمييز ما بين الجناحين السياسي والعسكري لحركة "حماس"، وحظر نشاطاتها السياسية في الأراضي البريطانية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن العديد من الدول الغربية أقامت على مدى سنوات اتصالات بمستويات مختلفة مع الجناح السياسي للحركة بعد المقاطعة الشاملة لجناحها العسكري.
ولكن إسرائيل نشطت طوال السنوات الماضية في إقناع الدول بأنه لا يوجد فرق ما بين الجناحين السياسي والعسكري، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الجمعة، قائلا إن الفارق الوحيد ما بين الجناحين هو "ارتداء البدل".
ومنذ تأسيس حركة "حماس" في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، مثلت بريطانيا مركزا نشطا لحركة "حماس" نظرا للوجود المكثف لجماعة الإخوان في الأراضي البريطانية.
ونظم مؤيدون لحركة "حماس" مؤتمرات كبرى في بريطانيا، وأطلقوا منشورات بما فيها مجلة "فلسطين المسلمة" التي كانت تعبر عن مواقف الحركة وتوزع حول العالم.
وفي هذا الصدد، قال خبير أمني فلسطيني لـ"العين الإخبارية": "القرار بحظر حماس، يفرض تحديا كبيرا وجديدا على الحركة، فبريطانيا تعتبر عاصمة المهجر للكثير من العرب والمسلمين منذ عقود طويلة، وبلا شك وجدت حماس منذ تأسيسها، من بريطانيا منصة خصبة لنشر أفكارها".
وأضاف الخبير الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع: "العديد من قادة حركة حماس في الخارج كانوا في بريطانيا واستخدموا، بطريقة أو بأخرى، القوانين هناك لنشر أفكار الحركة سواء من خلال المؤتمرات أو المنشورات وعلى رأسها فلسطين المسلمة".
وتابع: "لا تقيم بريطانيا اتصالات رسميا مع حركة حماس، ولكن ما قد يقلق الحركة فعلا من قرار الحظر، هو التلويح بالسجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات على من يبدي تأييده العلني لحركة حماس".
ووفق الخبير الفلسطيني، فإن "بريطانيا شهدت في السنوات الأخيرة دعما غير مسبوق للقضية الفلسطينية على المستوى الجماهيري والبرلماني، وهو ما فرض على الحكومة إعلان مواقف مساندة للفلسطينيين بما فيها رفض الاستيطان وإخلاء المنازل الفلسطينية والاضطهاد ضد الفلسطينيين".
واستدرك "قد تجد حماس طرقا للالتفاف على القرار البريطاني ولكنه بلا شك يفرض عليها تحديات كبيرة، سواء من ناحية تقييد جمع تبرعات مالية أو تقييد أنشطة الترويج لفكرها بين المواطنين العرب والمسلمين في بريطانيا وهم كثر".
وأضاف الخبير الفلسطيني "صحيح أن بريطانيا لا تقيم اتصالات لا مع الجناح السياسي ولا العسكري لحركة حماس، ولكن الحركة ستواجه صعوبات شديدة في تنظيم أي نشاط سياسي أو إعلامي في بريطانيا كحركة".
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية باتيل أعلنت عبر بيان تلقته "العين الإخبارية"، قرار الحكومة البريطانية، حظر حماس بالكامل بما في ذلك جناحها السياسي، والذي سيدخل حيز التنفيذ في السادس والعشرين من الشهر الجاري.
وقالت: "تمتلك حماس قدرة إرهابية كبيرة، بما في ذلك الوصول إلى أسلحة واسعة ومتطورة بالإضافة إلى مرافق تدريب الإرهابيين، وقد شاركت منذ فترة طويلة في أعمال عنف إرهابية كبيرة".
وتابعت "تم حظر الجناح العسكري لحركة حماس من قبل المملكة المتحدة في مارس/آذار 2001. في ذلك الوقت كان تقييم الحكومة أن هناك تمييزًا بين الجناحين السياسي والعسكري للحركة".
ومضت قائلة: "يتم تقييم هذا التمييز الآن على أنه مصطنع، حيث تشارك حماس كمنظمة في ارتكاب أعمال الإرهاب والمشاركة فيها والتحضير لها وتشجيعها".
وأضافت: "إن حظر المنظمات في المملكة المتحدة يجعل من الصعب على المتطرفين العمل. وبالإضافة إلى تجريم العضوية والدعم، فإنه يدعم إزالة المحتوى عبر الإنترنت".
حماس تندد
ونددت حركة "حماس" بالقرار الصادر عن بريطانيا، معتبرة أنها "تناصر المعتدين على حساب الضحايا".
وقالت في بيان إن "مقاومة الاحتلال، وبكل الوسائل المتاحة، بما فيها المقاومة المسلحة، حق مكفول للشعوب تحت الاحتلال في القانون الدولي، فالاحتلال هو الإرهاب".
وأضافت: "بهذه المناسبة ندعو كل قوى شعبنا وفصائله الحية والمناصرين لقضية شعبنا العادلة في بريطانيا خاصة وأوروبا عامة، إلى إدانة هذا القرار واعتباره استمرارا للعدوان على شعبنا وحقوقه الثابتة".
إسرائيل: انتصار
فيما رأى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد القرار البريطاني انتصارا له شخصيا ولوزارته.
وقال لابيد في بيان تلقته "العين الإخبارية": "قرار المملكة المتحدة المرتقب هو إنجاز آخر لسياسة وزارة الخارجية ووزير الخارجية لابيد في دبلوماسية بناء الجسور، وهو نتيجة جهود مشتركة مع رئيس الوزراء بينيت ووزير الدفاع بيني جانتس والأجهزة الأمنية".
وكشف لابيد النقاب أن القرار "يأتي بعد الحوار والعمل الدبلوماسي حول هذه القضية، وهو جزء من تعزيز العلاقات مع المملكة المتحدة".
وتابع: "هذا قرار مهم يمنح قوات الأمن البريطانية أدوات إضافية لمنع استمرار تقوية منظمة حماس الإرهابية، بما في ذلك في بريطانيا نفسها".
وأضاف: "لا يوجد جزء شرعي لمنظمة إرهابية، وأي محاولة للتمييز بين أجزاء منظمة إرهابية هي محاولة مصطنعة".
البعثة الفلسطينية: خطوة رجعية
بدورها، أدانت البعثة الفلسطينية لدى المملكة المتحدة، وهي بمثابة سفارة فلسطينية، القرار ووصفته "بأنه خطوة رجعية ستجعل صنع السلام أكثر صعوبة ويقلل من دور المملكة المتحدة".
وقالت في بيان تلقته "العين الإخبارية": "أظهر القرار أن المملكة المتحدة كانت مهتمة بتبني سياسة إسرائيلية صفرية أكثر من اهتمامها بمسؤوليتها التاريخية وعلاقتها بفلسطين، أو في تعزيز الجهود للتوصل إلى سلام عادل ودائم".
وأضافت: "بهذه الخطوة، أدت الحكومة البريطانية إلى تعقيد جهود الوحدة الفلسطينية وقوضت الديمقراطية الفلسطينية".
وحث الدكتور حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية في المملكة المتحدة، حكومة بريطانيا على "إعادة النظر في قرارها واعتماد نهج أكثر عدالة إذا كان لها أن تلعب دورًا إيجابيًا في جهود صنع السلام".
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA=
جزيرة ام اند امز