الصين أم الآخر؟.. أوكرانيا حائرة بين سلام الشرق وسلاح الغرب
ما بين سلام الشرق وسلاح الغرب تقف أوكرانيا حائرة في لملمة شظايا الحرب، وتعبيد الطريق نحو غدٍ يغلق فوهات البنادق.
فأوكرانيا كانت شديدة الصمت بشكل غير معهود بشأن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، لروسيا هذا الأسبوع، حتى يوم الثلاثاء، حين كشف رئيسها فولوديمير زيلينسكي عن ما لديه.
وبحسب ما يرد في وسائل إعلام غربية، كان من المقرر إجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الأوكراني ونظيره الصيني، دون وجود تأكيد رسمي لهذه الأنباء.
وعندما سئل، الثلاثاء، عن مكالمة محتملة بين الزعيمين، قال زيلينسكي "لا شيء محدد ( تقرر) ليس لدينا تأكيد حتى الآن".
ويقول محللون إن كييف ربما تضيع وقتها في البحث عن دعم بكين مع استمرار الحرب للعام الثاني على التوالي.
وتتطلع الصين إلى أن تكون وسيط سلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث عرضت التوسط في وقف إطلاق النار في وقت مبكر من الصراع، وأعلنت مؤخرا خطة سلام من 12 نقطة، دعت إلى وقف تصعيد التوترات.
ولطالما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أوكرانيا والغرب يقفان في طريق السلام، ومع ذلك قال إن هناك بنودا في خطة الصين "يمكن اعتبارها أساسا لتسوية سلمية" عندما تكون كييف والغرب جاهزين لذلك، مستدركا "لكننا حتى الآن لا نرى مثل هذا الاستعداد من جانبهم".
والثلاثاء، صرح الرئيس الأوكراني بأن كييف "دعت" الصين للمشاركة في صيغة سلام ابتكرتها أوكرانيا لإنهاء الحرب، لكنها لا تزال تنتظر الرد.
وقال في مؤتمر صحفي :"عرضنا على الصين أن تصبح شريكا في تنفيذ صيغة السلام. مررنا صيغتنا عبر جميع القنوات. ندعوك (في إشارة للرئيس الصيني) للحوار".
وعما إذا تلقت أوكرانيا ردا على دعوتها هذه، أجاب "نتلقى بعض الإشارات ، لكن لا توجد تفاصيل محددة حتى الآن".
وأمس الأول الأربعاء، ذكر الكرملين أن "صيغة السلام" الأوكرانية لم يناقشها شي وبوتين.
الصين أم الغرب؟
ويرى محللون أن أوكرانيا سيكون من الأفضل لها التركيز على حلفائها الغربيين الحاليين بدلا من محاولة كسب الصين المتحالفة بشكل علني مع روسيا على المستوى الأيديولوجي والاقتصادي والعسكري.
وفي هذا الصدد، قال أولكسندر موسيينكو ، الخبير العسكري ورئيس مركز الدراسات العسكرية والقانونية في كييف ، لشبكة "سي إن بي سي" : "بعد زيارة الرئيس الصيني لموسكو ، لسنا بحاجة للتحدث معه الآن".
موسيينكو ، لا يجد من وجهة نظره "أية أهمية لكييف وللرئيس زيلينسكي في أن تكون هناك محادثات مع شي جين بينغ والصين على الإطلاق في الوقت الحالي ، لأنه يمكننا أن نرى ذلك بعد زيارة شي لموسكو.. لقد اختارت الصين جانبا هو الجانب الروسي".
ناهيك عن أن الخبير العسكري " ليس واثقا من أن خطط الصين وخطة السلام المكونة من 12 نقطة جيدة لأوكرانيا" على حد تعبيره.
في المقابل، يقول مراقبون إنه من المؤكد أن تكون كييف قد تابعت المحادثات في موسكو عن كثب بحثا عن أية إشارات تخترق جدار الحرب.
وتدعو خطة السلام الصينية المكونة من 12 نقطة إلى وقف الأعمال العدائية واستئناف محادثات السلام، دون الحديث عن أية تفاصيل لتطبيق هذه الخطة
على هذا النحو، يقول محللون إن كييف محاصرة في الزاوية، حيث يبدو أن روسيا مستعدة لمناقشة اتفاق السلام الصيني مع العلم أن أوكرانيا لن تقبل أبدا أي شيء أقل من الاستعادة الكاملة لوحدة أراضيها.
وفي هذا الصدد، لفت إيان بريمر ، مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا إلى أن "بوتين أخبر الصينيين أنه على استعداد لقبول مناقشة وقف إطلاق النار الذي تدعو له الصين مع علمه التام بأن أوكرانيا تعارضه".
وقال: "لا يوجد شيء في هذا بالنسبة للأوكرانيين ، الذين ليس لديهم مصلحة في قبول وقف إطلاق النار عندما يتم السيطرة على ما يقرب من 13٪ من أراضيهم وهم يخططون لشن هجوم مضاد كبير في الأسابيع المقبلة ويتوقعون أن يكون ناجحا إلى حد ما على الأقل، خاصة الآن بعد أن تم حل مشكلة الذخيرة على المدى القريب إلى حد كبير من قبل الولايات المتحدة وحلفائها".
من زاوية أخرى، وبالنظر إلى مكانة الصين لدى روسيا ، يمكن لبكين نظريا- من وجهة نظر مراقبين- أن تساعد أوكرانيا في انتزاع التنازلات من موسكو.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الصين مستعدة لممارسة هذا النفوذ للتوسط في صفقة سلام تغلق فوهات السلاح.
هجوم الربيع يقترب والعتاد يتباطأ
وفيما يقترب موعد هجوم الربيع المرتقب في مايو/أيار المقبل، يسير تدفق الذخائر والأسلحة الغربية إلى أوكرانيا "أبطأ" من ذي قبل، رغم الحوافز الأوروبية والأمريكية، والتعهدات التي أمطرت بها تلك الدول كييف.
ذلك "البطء" الناجم عن مخاوف من انتهاء المخزون الاستراتيجي لتلك الدول من الأسلحة، حاول الاتحاد الأوروبي القفز عليه بإقرار حوافز من شأنها تسريع وتيرة عملية تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، التي كثفت مؤخرا من مطالبها.
وفي هذا السياق، حث وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا ألمانيا على الإسراع بتقديم إمدادات الذخيرة والبدء في تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات مقاتلة غربية.
بطء في الإمداد العسكري، قد تترجمه تصريحات رئيس الحكومة الهولندية مارك روته لـ"العين الإخبارية"، حول الدعم الغربي لأوكرانيا.
وقال روته "المهمة لا تبدو سهلة بالنسبة لنا لتوفير ذخيرة وعتاد ومساعدات مختلفة للأوكرانيين في حيز زمني قصير".