أوكرانيا والفساد.. معركة بنكهة الدراما
رجات ارتدادية لا تزال أوكرانيا تواجهها أعقبت زلزال فساد في فضيحة طالت الدائرة المقربة من الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإنه على طريقة مسلسلات البث المباشر، اتبعت وكالات مكافحة الفساد في أوكرانيا نهجاً سينمائياً للكشف عن فضيحة الفساد التي تورط فيها حلفاء زيلينسكي.
فنشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مليئة بالتشويق، والانفجارات، والمؤامرات تحت عنوان جذاب هو "عملية ميداس".
ولم يكن الأمر مجرد خيال لحبكة درامية لكن مقاطع الفيديو حقيقية نشرتها هيئات مكافحة الفساد في أوكرانيا على مدار يومين للكشف عن أكبر فضيحة في البلاد منذ الحرب، والتي تضمنت اختلاس حلفاء زيلينسكي مبلغ 100 مليون دولار من عملاق الطاقة النووية المملوك للدولة.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فإن المواد الترويجية الأولى لـ«المسلسل» ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي في تمام الساعة 10:10 صباحًا من يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وحينها، نشرت هيئات مكافحة الفساد صورًا لأكوام من الأوراق النقدية من فئة 100 دولار وأكياس من الأوراق النقدية الأوكرانية، مع هاشتاغ #ميداس باللغة الإنجليزية وعبارة "التفاصيل لاحقًا".
وكل بضع ساعات، كانت الهيئات تنشر مقاطع فيديو جديدة مع شخصيات جديدة بأسماء مثل تشي جيفارا، وروكيت، والأستاذ، وبعد نهاية مثيرة في أحد مقاطع الفيديو، طُلب من المشاهدين متابعة الحلقة التالية.
وفي نهاية أحد الفيديوهات، قال أوليكساندر أباكوموف، كبير المحققين في المكتب الوطني لمكافحة الفساد "سنكشف عن دورهم في الجزء القادم".
وذكر في ختام فيديو آخر "المزيد عنه.. في الجزء القادم"، وختم الجزء الخامس والأخير قائلا "يتبع"، وبعد أكثر من أسبوع، لا يزال المشاهدون في حالة انتظار.
15 شهرا
الأكيد أن هذه ليست الطريقة المعتادة للإعلان عن التحقيقات، لكن هيئات مكافحة الفساد جعلت الأوكرانيين ملتصقين بهواتفهم لمتابعة التحقيق الذي بدأ قبل 15 شهرًا.
كما بدا أن هذه الطريقة هي وسيلة المحققين لحشد الدعم ومنع أي رد فعل انتقامي من أجهزة إنفاذ القانون الموالية للرئيس بعدما داهم ضباط من وكالة الاستخبارات الداخلية الأوكرانية منازل محققين في يوليو/تموز الماضي وسجنوا اثنين منهم.
وفي الوقت نفسه، بدت الدراما في مقاطع الفيديو مناسبة لبلد يحكمه ممثل سابق وهو زيلينسكي ومنتج أفلام سابق هو أندريه يرماك الذي يدير حاليا مكتب الرئاسة والمعروف بنفوذه الكبير.
خلافات
وقال فولوديمير كودريتسكي، الرئيس السابق لشركة توزيع كهرباء مملوكة للدولة "إنه أشبه بمسلسل على نتفليكس، أليس كذلك؟".
ولكودريتسكي خلافاته الدرامية الخاصة مع إدارة زيلينسكي، والتي بلغت ذروتها باعتقاله بتهم غسيل أموال يقول البعض إنها ملفقة ويرتدي الرجل الآن سوارًا حول كاحله.
وهذه الفضائح قوضت قيادة البلاد في الوقت الذي يواصل فيه الجنود الأوكرانيون حربهم وفي الوقت الذي يعاني فيه الأوكرانيون بالرعب بسبب انقطاع الكهرباء الناجم عن المسيرات والصواريخ الروسية.
في حين أن الأموال المختلسة كان من المفترض إنفاقها على ملاجئ لحماية منشآت الطاقة النووية.
أما زيلينسكي، الذي لعب دوره الأبرز في فيلم ساخر عن الفساد بعنوان "خادم الشعب"، فقد نأى بنفسه عن الفضيحة، وقال إنه يجب محاسبة أي شخص متورط.
ويقول المحققون إنهم جمعوا أكثر من 1000 ساعة من تسجيلات التنصت، والتي تظهر أجزاء مثيرة منها في مقاطع الفيديو التي يستخدم فيها كل شخص اسمًا مستعارًا.
فمثلا تيمور مينديتش الشريك السابق لزيلينسكي، فيُعرف باسم "كارلسون"، وهي شخصية كرتونية كانت تعيش على سطح منزل، وهو ما فسره الأوكرانيون بأن مينديتش كان بمثابة غطاء حماية لمخطط الفساد.
أما أوليكسي تشيرنيشوف، نائب رئيس الوزراء السابق وصديق زيلينسكي، فكان يُعرف باسم "تشي جيفارا" وزوجته، سفيتلانا تشيرنيشوفا باسم "الأستاذ"، ووزير الطاقة السابق هيرمان هالوشينكو، يُعرف أحيانًا باسم "البروفيسور".
وتشيرنيشوف، الذي صدر أمر باحتجازه احتياطيًا، قال إنه بريء، وإن التسجيلات المنشورة مجتزأة خارج سياقها ولم توجه اتهامات رسمية لزوجته في حين فر مينديتش من البلاد.
متابعة واسعة
من بين المذكورين في التسجيلات موظفون من رتب أدنى بأسماء مستعارة مثل "روكيت" و"تينور" و"شوغرمان"، و"جورجي"، وتساءل الصحفي بوهدان ميروشنيكوف على تيليغرام "هل أطلق أطفالهم هذه الأسماء؟".
وحظيت مقاطع فيديو الوكالات بمتابعة واسعة، لكنها أغضبت بعض مؤيدي الحكومة الذين أعادوا نشر المقطع الأول على أكثر من 20 قناة على «تليغرام» مؤيدة لزيلينسكي، مع كتابة الرسالة نفسها التي تقول إن الروس يجهزون لمنح المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا "جوائز حكومية".
ومع ذلك، استمرت الدراما على الإنترنت، مع إشارات إلى مواسم سابقة، مثل الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو الذي تورط صديقه المقرب وشريكه التجاري في عملية اختلاس دفاعية.
من جانبها، كتبت الصحفية بولينا ليتفينوفا على فيسبوك "مع تحقيقات هيئات مكافحة الفساد لدينا، يعد اشتراك نتفليكس مضيعة للمال.. يا إلهي، يا لها من فوضى!".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز