دعم أوكرانيا.. من التراجع الأمريكي للعبء الأوروبي
طوال عقد من الزمان لم تشغل قضية توسع الاتحاد الأوروبي حيزا كبيرا لدى زعماء القارة العجوز الذين ركزوا على مشكلات التكتل وسعوا لتجنب مغادرة أعضاء آخرين بعد بريطانيا.
لكن الحرب في أوكرانيا دفعت الاتحاد لفتح محادثات للانضمام للتكتل وذلك في الوقت الذي يتراجع فيه الدعم الأمريكي لكييف مما يلقي بمزيد من الأعباء على أوروبا.
وقالت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إن تراجع الدعم الأمريكي لم يكن نابعا فقط من تحول تركيز السياسة الخارجية الأمريكية نحو الشرق الأوسط.
وأشارت المجلة إلى أنه من قبل الحرب في غزة كان هناك انقسام في واشنطن بشأن تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.
ومع إغلاق الباب أمام عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، على الأقل طالما استمرت الحرب، سيتعين على الاتحاد الأوروبي تحمل المزيد من عبء مستقبل أوكرانيا.
وقريبا، سيكون التحدي أمام الاتحاد الأوروبي هو إيجاد القدر الكافي من المال والدعم العسكري لمساندة كييف في حربها مع روسيا، والتي قد تنتهي إلى صراع مجمد على حدود التكتل.
وعلى المدى الطويل، سيكون على أوروبا إعادة التفكير بشكل كامل حتى تتمكن من استيعاب العديد من البلدان الواقعة على حدودها الشرقية والتي تواجه مهمة شاقة لتلبية متطلبات العضوية الأوروبية.
وطوال هذه العملية، يتعين على سكان الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 448 مليون نسمة أن يظلوا مقتنعين بأن مستقبل التكتل ليس في باريس أو وارسو فحسب، بل أيضاً في كييف.
اعتبر كاي أولاف لانغ من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية أنه "كلما كانت عملية التوسع ملموسة أكثر، كلما أصبحت أكثر تعقيدا".
وقال لانغ "سيستمر التضامن مع أوكرانيا والاعتبارات الجيوسياسية في لعب دور، ولكن مع تزايد وضوح آثار التوسع على عمل الاتحاد الأوروبي، فإن الشكوك ستصبح أقوى".
وهناك آمال كبيرة في دول غرب البلقان في أن ينظر الاتحاد أخيرا في طلبات العضوية التي تقدمت بها قبل عقد.
وقال إنجيلوش مورينا من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "إن زعماء دول الاتحاد الأوروبي التي أبدت في الماضي قدراً ضئيلاً من الحماس للتوسع، مثل فرنسا والدنمرك وهولندا، غيروا لهجتهم بالكامل".
واعترف منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن أوكرانيا أصبحت "مرشحا جديدا وأنها تدفع بطابور المرشحين السابقين".
ومن الناحية الجيوسياسية، لم تعد المنطقة الرمادية من الدول العازلة بين الاتحاد وروسيا خيارًا بعد حرب أوكرانيا.
وقالت سويلا جانينا، سفيرة ألبانيا لدى الاتحاد الأوروبي، "إذا لم تحرز عملية التوسعة تقدماً، فإنها ستترك المجال للآخرين لملء الفراغ الذي خلقه الأوروبيون".
ولكن التوجه الجديد نحو التوسع يشكل أيضاً مخاطر بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يتعين عليه إصلاح عمليات صنع القرار الداخلية لاستيعاب الأعضاء الجدد.
كما أن العبء الذي تتحمله أوكرانيا أصبح مشكلة أوروبية على نحو متزايد ووعدت بروكسل بدعم كييف "طالما استغرق الأمر" لكن استمرار الحرب يطرح سؤالا إلى أي مدى ستستغرقها فعلياً؟
وقد تؤدي الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل إلى تحمل أوروبا حصة أكبر بكثير من العبء خاصة إذا فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ويعد تحمل تكاليف الدعم المالي والعسكري مهمة شاقة بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي يكافح بالفعل من أجل الاتفاق على مساعداته لكييف.
aXA6IDMuMTIuMzYuNDUg جزيرة ام اند امز