معركة أفدييفكا.. باخموت جديدة بأوكرانيا؟
"أفدييفكا" مدينة أوكرانية بقلب المعارك تتقدم أخبارها ببطء، لكنها تتجه لتشكيل حالة أشبه بـ"باخموت" التي شغلت معركتها العالم أشهرا طويلة.
إذ أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد الماضي، أن جيشه يتقدّم حاليا على الجبهة في أوكرانيا، بما في ذلك في محيط مدينة أفدييفكا (شرق) المستهدفة بهجوم واسع النطاق تشنّه قوات موسكو منذ أيام سعيا لتطويقها.
وقال بوتين، في مقابلة مع التلفزيون الروسي، إن "قواتنا تحسّن مواقعها في كل هذه المساحة تقريبا، وهي مساحة كبيرة إلى حد ما".
وأوضح أنها تشمل "مناطق كوبيانسك وزابوريجيا وأفدييفكا"، مشيدا باستراتيجية "الدفاع النشط" التي ينفذها جيشه.
لماذا أفدييفكا؟
وتأتي تصريحات بوتين خصوصا تلك المرتبطة بالوضع في محيط أفدييفكا، في وقت أعلن فيه الجيش الروسي تحقيق تقدّم في المنطقة في ظل تصميمه على السيطرة على هذه البلدة الواقعة على بعد أقل من 15 كلم شمال دونيتسك الخاضعة لسيطرة موسكو، ضمن المنطقة التي تحمل الاسم ذاته، وأعلن بوتين ضمّها قبل أكثر من عام.
وتشكل سيطرة روسيا على أفدييفكا المبنية حول معمل كبير لفحم الكوك -إن حدثت- انتصارا رمزيا أكثر من كونه استراتيجيا، علما بأن المدينة تمثّل معقلا للمقاومة الأوكرانية للهجمات الروسية منذ عام 2014.
وسبق لـ"أفدييفكا" السقوط لمدة وجيزة في أيدي انفصاليين موالين لروسيا قادتهم وسلحتهم موسكو، في يوليو/تموز 2014، قبل أن يستعديها الأوكرانيون.
وتحددت مذاك الخطوط الأمامية في هذه المنطقة وتعرّضت للقصف مرارا حتى قبل الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022. وبالتالي فإن هذه المنطقة على وجه الخصوص محصّنة بشكل جيد.
وخلال الأسابيع الأخيرة نجحت القوات الروسية في السيطرة على مواقع شمال وجنوب المدينة، فيما تهيمن على الشرق، محكمة قبضتها عليها بشكل تدريجي على أمل دفع الجيش الأوكراني في نهاية المطاف إلى التراجع ليبتعد عن عاصمة المنطقة دونيتسك التي تشهد قصفا أوكرانيا بوتيرة يومية تقريبا.
في المقابل، قلل الجيش الأوكراني في وقت سابق من أهمية جميع التأكيدات الروسية، مشددا على أن جنوده "تصدوا" لهجمات موسكو في منطقة أفدييفكا. وقال "يحاول العدو مرة تلو أخرى خرق دفاعاتنا لكنه يفشل".
الوضع على الأرض
وتعليقا على الوضع على الأرض حول أفدييفكا، قال الخبير العسكري إميل كاستيلمي، في سلسلة تغريدات على منصة "إكس" (تويتر سابقا) تابعتها "العين الإخبارية": "على الرغم من انخفاض شدة الهجوم الروسي في الأيام الأخيرة، إلا أن موسكو عانت من خسائر كبيرة في المعدات وحققت تقدما محدودا للغاية، في المقابل لا تزال أوكرانيا في وضع يحتمل أن يكون خطيرا".
وتابع: "الوضع العام في أفدييفكا واضح، يحاول الروس تطويق المدينة، ومن أجل القيام بذلك سيتعين على الروس التقدم عبر حقول وقرى متعددة".
وأضاف: "وبعد أسبوع من القتال لا يزال أمام أوكرانيا فجوة تتراوح بين 7 و8 كيلومترات تفصلها عن الكماشات الروسية".
ومضى قائلا: "وبما أن الخطوط الأمامية حول المدينة ظلت ثابتة إلى حد كبير منذ ما يقرب من عام الآن، فقد كان لدى الأوكرانيين الوقت للاستعداد"، مضيفا التضاريس صعبة، ولا توجد اتجاهات مفاجئة كثيرة للتقدم. ومن المحتمل أن الروس لاحظوا ذلك أيضًا خلال الأسبوع الماضي".
ظل باخموت
ووفق المصدر ذاته، تحمل المدينة أهمية استراتيجية محدودة للغاية، وإذا استولى الروس عليها فلن يكون لديهم أي خيارات جيدة لمواصلة الهجوم في مناطق أخرى، لأن المناطق الواقعة خلف أفدييفكا لا تتيح إجراء المزيد من العمليات بشكل مباشر.
قبل أن يعود الخبير العسكري ويقول "يبدو أن الأهداف الروسية ذات طبيعة سياسية أكثر".
هنا تتشابه قصة أفدييفكا وقصة باخموت، إذ إن المدنيتين لا يتمتعان بأهمية استراتيجية كبيرة، لكن مسار الحرب ورغبة كل طرف في تحقيق انتصارات على الأرض تحلحل الجمود الحالي، منح المدينتين أهمية سياسية كبيرة.
ويأتي الهجوم الروسي على أفدييفكا بعد أربعة شهور على بدء هجوم مضاد أوكراني يواجه صعوبات عديدة في الشرق والجنوب، إذ لم يستعد الجيش الأوكراني سوى عدة قرى في هذه المرحلة رغم الدعم العسكري الغربي.
باخموت، التي كانت تضم 70 ألف نسمة قبل الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022، سيطرت عليها القوات الروسية، في مايو/أيار الماضي، بعد إحدى أطول المعارك وأعنفها في هذه الحرب.
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA= جزيرة ام اند امز