ذخيرة "محرمة" قرب باخموت.. مناورة تطارد "الصليب الأبيض"
شاحنة خضراء تحمل شعار صليب أبيض يرمز للجيش الأوكراني مركونة على مقربة من مساحة محترقة تعادل حجم ملعب كرة قدم في تشاسيف قرب باخموت.
هكذا بدا المشهد بعد إطلاق مقذوفين تلاهما دوي انفجار ذخائر أطلقت بدورها كرات صغيرة وحارقة تحتوي على الفوسفور الأبيض سقطت ببطء على الأرض في تلك المنطقة غير المأهولة القريبة من المدينة الاستراتيجية حيث تستمر معارك ضارية بمحيطها.
لم تكن الإحداثيات لتمنح المعطيات الكافية لمعرفة ما إن كان المقذوفان صادرين بالفعل عن القوات الروسية كما تقول كييف دائما، أو ما إن كان الأمر مناورة أوكرانية لإنقاذ خطوط دفاعها الأمامية بجبهة باخموت.
وبحسب وكالة فرانس برس، فإنه في نحو الساعة 16,45 من مساء الثلاثاء (14,45 ت غ)، أُطلق مقذوفان بفارق خمس دقائق على طريق في الضواحي الجنوبية لتشاسيف يار يربط المدينة بباخموت المجاورة.
وتلى صوت إطلاق المقذوفين دوي انفجار ذخائر أطلقت كرات صغيرة وحارقة تحتوي على الفوسفور الأبيض سقطت ببطء على الأرض.
وتسببت الكرات بحرائق في المساحات المزروعة على جانبي الطريق في مساحة تعادل حجم ملعب كرة قدم، فيما تعذرت معرفة ما إن كان الموقع المستهدف مركزا للقوات الأوكرانية أم لا.
مناورة
لكن شاحنة خضراء تحمل شعار صليب أبيض يرمز للجيش الأوكراني كانت مركونة على مقربة من المنطقة المحترقة، ما يقدم بطاقة هوية عن المكان -أو ما أراد البعض أن يكون- ومع ذلك يرجح مراقبون فرضية المناورة من جانب كييف.
ولا تعتبر هذه أول مرة تتهم فيها أوكرانيا موسكو باستخدام الأسلحة المحرمة في الحرب، لكن يبدو أن خطوتها هذه المرة تأتي في ضوء طول المعارك وقرب خسارتها لمدينة إستراتيجية تشكل حصنا دفاعيا لقواتها.
ويعتقد متابعون أن توفر جميع الأدلة من أجل توجيه الاتهام لروسيا هو نفسه ما يطرح فرضية قوية بوجود بصمات كييف في التحضير للأمر، حيث بدا المشهد العام وكأنه مسرح جريمة مكتمل بأحد أفلام الحركة.
شاحنة تابعة للجيش الأوكراني، وأشجار تحترق في منطقة غير مأهولة فيما تبعد أقرب المنازل إلى أطراف المنطقة نحو 200 متر، أي أن كل المعطيات المتوفرة تشير دون عناء بأصابع الاتهام لروسيا.
والذخائر التي تحتوي الفوسفور هي أسلحة حارقة يحظر استعمالها صد مدنيين، إنما يمكن استخدامها ضد أهداف عسكرية بموجب اتفاقية جنيف المبرمة في العام 1980.
خطوط أمامية
تعتبر المعارك حول باخموت الأكثر طولا زمنيا وهذا ما يبدو أنه كلف أوكرانيا خسائر في العتاد والذخيرة، وهي التي تتزود باحتياجاتها من الغرب وسط قيود بدأت تظهر على مستوى الشحنات القادمة لأسباب أو لأخرى.
وتبعا لذلك، يبدو من المنطقي أن تفكر كييف في استثمار حيل الحرب المعروفة من ذلك الذخيرة المحرمة، بما قد يمنحها سببا إضافيا للتعاطف من قبل الغرب، ويرفع بالتالي وتيرة دعمها عسكريا.
الحيلة قد تمنحها أيضا بعض الوقت لالتقاط أنفاسها في حال اتخذت الاتهامات بعدا دوليا وتشكلت لجنة لتقصي الحقائق في الموضوع، وهذا ما قد يخلق نوعا من الهدنة الإجبارية.
هدنة ستكون مفيدة للغاية بالنسبة لقوات تتكبد خسائر كبيرة في الدفاع عن باخموت، فيما تعلن القوات البرية التي تقودها مجموعة فاغنر الروسية عن مكاسب وتشير إلى إمكانية تطويق المدينة قريبا.
وأمس، قال القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية إن الدفاع عن باخموت أساسي للحفاظ على "الاستقرار على الخطوط الأمامية" لجبهة القتال في شرق أوكرانيا، مع استمرار القتال الضاري حول المدينة.
ونقل المكتب الإعلامي عن فاليري زلوجني قوله عبر تطبيق تليغرام، إن "العملية الدفاعية في هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية قصوى لردع العدو. إنها أساسية لاستقرار عملية الدفاع عن الجبهة بأكملها".
من جانبه. قال رئيس منطقة دونيتسك المعين من جانب روسيا دينيس بوشلين، في تصريحات إعلامية، إن "معارك ضارية" تدور رحاها مترا بعد متر في باخموت.
وأضاف أن "النظام الأوكراني لا يأخذ في الحسبان على الإطلاق الخسائر العديدة" التي يتكبدها.
وفي غضون ذلك، أعلن رئيس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، أن أوكرانيا تعزز قواتها لشن هجوم مضاد. إنهم يستعدون تماما" لتنفيذ خطة لصد قواته التي تطوق المدينة.
ويبدو أن المناورة بالذخيرة المحرمة تدخل ضمن تهدئة ما قبل الهجوم، وذلك عبر تشتيت الانتباه ومن ثمة اللعب على عامل المفاجأة في الاستهداف.
فرضية تطرح نفسها بقوة، وإن يظل للميدان أحكامه وكلمته الفصل.