لغز عالمي.. ماذا نعرف عن تفجيرات نورد ستريم؟
لا يزال سؤال من يقف وراء التفجيرات التي أتلفت خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم ببحر البلطيق لغزا دوليا كبيرا ذا تداعيات عالمية.
وقالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، إن الإجابة على هذا السؤال لها تداعيات واسعة النطاق على أمن الطاقة الأوروبي لكنها أيضا يمكن أن تهدد الوحدة الغربية بشأن دعم أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الحرب الروسية أو قد تحطم المحاولات الروسية والصينية لإلقاء اللوم على الغرب.
ومع ذلك، وبعد مرور حوالي ستة أشهر على التخريب خطوط الأنابيب الممتدة من روسيا إلى ألمانيا، لا يوجد تفسير مقبول. وهناك سلسلة من التقارير غير المؤكدة التي تتهم بشكل متباين روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا تملأ الفراغ المعلوماتي مع استمرار التحقيقات في الانفجارات.
وفي السطور التالية، نلقي نظرة على خطوط الأنابيب والمعروف عن التفجيرات:
نورد ستريم
تعتبر خطوط الأنابيب، التي تعرف بنورد ستريم 1 ونورد ستريم 2، تملك شركة الطاقة "غازبروم" الروسية حصة أغلبية فيها، وتستخدم لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا تحت بحر البلطيق إلى محطتهم في ألمانيا.
وتم استكمال خط الأنابيب نورد ستريم 1 وبدأ تشغيله عام 2011، ولم يتم الانتهاء من نورد ستريم 2 حتى خريف 2021 لكنه لم يدخل حيز التشغيل مطلقا بسبب بدء الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ويتجاوز كلا الخطين المسارات الحالية التي تمر عبر أوكرانيا، مما يعني أن كييف لن تخسر الدخل فحسب من رسوم العبور بل وأيضًا غير قادرة على الاستخدام المباشر للغاز الذي ينقلانه.
والشاغل الأكبر بالنسبة للغرب، أن خطوط الأنابيب اعتبرت بمثابة خطوة من جانب روسيا للحصول على مزيد من السيطرة، إن لم تكن شبه كاملة، على إمدادات الطاقة الأوروبية.
ويخشى كثيرون في الغرب من أن روسيا ستستخدم الطاقة كسلاح سياسي ضد الدول الأوروبية، كما فعلت في الماضي مع الدول السوفياتية السابقة.
وبالرغم من تلك المخاوف واعتراضات إدارات باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، مضت الحكومة الألمانية في عهد المستشارة السابقة أنغيلا ميركل قدما في مشروع نورد ستريم 2.
وتنازلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن العقوبات ضد الكيانات الألمانية المشاركة في نورد ستريم 2 بعد تأمين تعهد من ألمانيا بأنها ستسمح بتدفق الغاز إلى أوكرانيا، وستعمل على إغلاق خط الأنابيب حال حاولت روسيا استغلاله لفرض تنازلات سياسية.
وبعد الحرب الروسية في 24 فبراير/شباط 2022 في أوكرانيا، سحبت ألمانيا التصريح لنورد ستريم 2، والذي لم يبدأ تشغيله بعد.
ماذا حدث للخطوط؟
أولا، أوقف شركة "غازبروم" تدفق الغاز عبر نورد ستريم 1 في 2 سبتمبر/أيلول 2022، مستشهدة بمشاكل متعلقة بالعقوبات الأوروبية المفروضة ضد روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وبعدها بثلاثة أسابيع، تعرض كل من نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 لتفجيرات جعلتهما غير صالحين للعمل وتسبب في تسريبات كبيرة للغاز.
وقال البعض إن التفجيرات تسببت في أسوأ إطلاق للميثان في التاريخ، بالرغم من أن المدى الكامل للضرر البيئي الناجم عن ذلك يظل غير واضح.
وأضفى عمق خطوط الأنابيب وتعقيد استخدام متفجرات تحت الماء مصداقية لفكرة أن دولة فقط تتمتع بالخبرة للتعامل مع مثل هذه العملية يمكن أن تكون المسؤولة عنه، لكن لم يتبن أحد المسؤولية عنه.
وفي التداعيات المباشرة للتفجيرات، رجح مسؤولون أمريكيون أن روسيا ربما كانت الملامة في حين اتهمت موسكو وواشنطن ولندن بالوقوف وراء الأمر.
ولم تتوصل التحقيقات التي أجرتها الدول الأوروبية، ومن بينها الدنمارك، التي تمر خطوط الأنابيب عبر مياهها، وألمانيا إلى نتائج قاطعة بعد.
وبعد شهور من التطورات المحدودة في التحقيقات، نشر الصحفي الاستقصائي الأمريكي سيمور هيرش تقرير مطولا في فبراير/شباط الماضي، يدعي فيه أن بايدن أمر بالتخريب، الذي قال هيرش إن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية نفذته بمساعدة نرويجية.
لكن ذاك التقرير، الذي استند على مصدر واحد مجهول، نفاه البيت الأبيض والاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية، ولم تتمكن مؤسسات إخبارية أخرى من إثباته، لكن قفزت روسيا، وبعدها الصين، على تقرير هيرش، قائلة إنه يمثل الأساس لتحقيق جديد ونزيه تجريه الأمم المتحدة.
ويوم الثلاثاء، نشرت كل من صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" الأمريكية ووسائل الإعلام الألمانية قصصا تستشهد بما قاله مسؤولون أمريكيون وآخرون عن وجود أدلة تفيد بأن كييف أو أوكرانيين على الأقل، ربما يكونون مسؤولين عن الأمر، لكن نفت الحكومة الأوكرانية ضلوعها فيه.
ما التداعيات للمتورطين؟
تداعيات البت بأن أوكرانيا تقف وراء التفجيرين ليست واضحة تماما. ومن غير المرجح أن تسفر عن خسارة فورية للدعم الغربي لأوكرانيا في الحرب مع روسيا، لكنها قد تضعف الحماس لمساعدات في المستقبل حال تبين أن أوكرانيا أو عملاءها نفذوا مثل هذه العملية في المياه الأوروبية.
كما أن البت بأن الولايات المتحدة أو أحد الوكلاء كان مسؤولا عن التفجيرات سيعطي روسيا والصين نفوذا إضافيا لملاحقة الولايات المتحدة وحلفائها كمنافقين في مطالبهم باحترام سيادة القانون والسيادة وسلامة الأراضي.
أما إذا تبين أن روسيا هي من تقف وراء التفجيرات فسيعطي ذلك ثقلا للادعاءات الغربية بأن روسيا تنتهك بشكل سافر القانون الدولي ومستعدة لاستغلال الطاقة كسلاح ضد أوكرانيا.
ولا يوجد مؤشر على متى تنتهي التحقيقات الأوروبية – ويبدو الأمر مستبعدا، بالنظر إلى العداء وانعدام الثقة التي تحيط بالصراع في أوكرانيا، أو أن نتائجها ستكون مقبولة عالميا.
aXA6IDE4LjExOC4wLjQ4IA== جزيرة ام اند امز