صواريخ بولندا.. هل كانت ذريعة لنشر صورايخ باترويت على الحدود؟

أثار سقوط صاروخ بقرية بولندية على بعد بضعة أميال من أوكرانيا الأسبوع الماضي مخاوف من أن روسيا قد هاجمت دولة عضوة بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ما يهدد باندلاع حرب عالمية.
قبل أن يتبين أنه ربما كان صاروخ دفاع جوي أوكراني انحرف عن مساره وسقط في بولندا بالخطأ.
ومع ذلك، تم التركيز على مدى خطورة الوضع هذا الأسبوع عندما أعلنت بولندا أنها قبلت عرضا ألمانيا بشأن منظومات الدفاع الجوي "باترويت" وستنشرها "قرب الحدود" مع أوكرانيا، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقدمت بولندا، كما الولايات المتحدة، دعما ثابتا لأوكرانيا منذ شنت روسيا الحرب على البلاد في فبراير/شباط، حيث زودتها بأسلحة ودعما دبلوماسيا لا يفتر، لكنها لا ترغب في خوض حرب مع موسكو.
ومع ذلك، وبالرغم من أن الصواريخ الجديدة من ألمانيا لن تكون جاهزة للعمل تماما لسنوات، وأنه ربما بحلول ذلك الوقت تكون الحرب في أوكرانيا قد انتهت، تشير خطط بولندا لنشرها قرب منطقة الصراع بالقلق المتزايد بشأن تعرض أمنها للخطر، وأن الحرب القريبة من أبوابها قد تنتشر، سواء بالخطأ أو عن قصد.
ويثير وضع صواريخ باترويت الاعتراضية الأمريكية الصنع، والتي من المفترض أن يدخل بعضها حيز العمل على الأقل جزئيا بحلول أغسطس/آب المقبل، قرب أوكرانيا؛ مجموعة من الأسئلة الصعبة المترسخة في حرص الناتو على مساعدة أوكرانيا بينما يظل بعيدا عن منطقة الصراع.
وقال رئيس مجموعة "ستراتيجي أند فيوتشر" للأبحاث في وارسو والمتخصصة في القضايا الأمنية، جاسيك بارتوسياك: "ماذا سيحدث إذا أظهرت أنظمة الرادار لدينا صواريخ قادمة ويجب اعتراضها داخل أوكرانيا؟".
وأوضح أن هذا السيناريو لا يرجح أن يجر الناتو إلى اشتباكات مباشرة مع روسيا، ولكن سيدفعه إلى "منطقة رمادية" مجهولة، مشيرًا إلى أن الطائرات الحربية الروسية لم تعد تغامر بالدخول إلى مناطق غرب أوكرانيا بجوار بولندا، لذا لا يوجد خطر حقيقي لتعرضها لضربة عرضية بصاروخ أطلق من الأراضي البولندية.
وأشار إلى أن صواريخ باترويت "PAC-3" التي عرضتها ألمانيا يبلغ مداها حوالي 20 ميلا فقط، مما يعني أنها لن تصل إلى مناطق من أوكرانيا حيث توجد القوات الجوية أو البرية الروسية الآن.
لكن، بحسب بارتوسياك، ما زال هناك احتمال لـ"صواريخ باترويت تعمل بالمجال الجوي الأوكراني"، وهذا سيقوض نهج الناتو بعدم التدخل في الحرب، والتزامها القوي تجاه دعم أوكرانيا بالأسلحة، في حين تتجنب بأي ثمن أي تدخل داخل البلد والذي قد تستخدمه موسكو كذريعة للتصعيد.
وبالنسبة لروسيا، التي شجبت على مدار سنوات نشر الصواريخ الأمريكية في بولندا -ويقول البنتاجون إنها جزء من برنامج للدفاع ضد الصواريخ الباليستية التي تطلقها دول مثل إيران- لم تدل بأي تعليق رسمي بشأن إرسال منظومات باترويت إلى بولندا.
وسخر المدونون العسكريون الروسيون من فاعلية منظومات باترويت للدفاع الجوي، لكنهم اتهموا الناتو باستخدام الحادثة الأخيرة في شرق بولندا كحجة لنشر الصواريخ قرب أوكرانيا للمساعدة في إسقاط الذخيرة الروسية.
وقالت متحدثة باسم الناتو، اوانا لونجيسكو، إن الحلف "رحب" بعرض ألمانيا لمساعدة بولندا بصواريخ جديدة، لكنه أكد أن مهمتهم الدفاع عن أراضي الحلف. وأضافت: "ردا على الحرب الروسية على أوكرانيا، نعمل على تعزيز دفاعاتنا في الشرق".
وأرسلت ألمانيا بالفعل صواريخ باترويت إلى سلوفاكيا، والتي تحد أوكرانيا أيضًا، كما وضع الجيش الأمريكي في أبريل/نيسان بطاريات باترويت الخاصة به في مطار رزيسزو البولندي، وهو مركز عبور رئيسي قرب الحدود الأوكرانية للأسلحة الغربية التي تتدفق على أوكرانيا.
لكن لم تشارك أي من منظومات الدفاع الجوي تلك في الاشتباكات مع روسيا داخل أوكرانيا. وتعتمد جزئيا فكرة ما إذا كانت تلك الصواريخ الإضافية التي قدمتها ألمانيا لبولندا سيتم إطلاقها داخل أوكرانيا على من يتحكم بها: القوات البولندية أم الألمانية.
ولم ترد وزارة الدفاع في وارسو على الأسئلة بشأن من سيتولى مسؤولية تلك الصواريخ. وبموجب الإجراءات المعتادة داخل حلف الناتو تترك المسؤولية للدولة التي تقدم منظومات الدفاع الجوي، وليس الدولة المضيفة. وعلى سبيل المثال، أنظمة باترويت التي وضعت في أبريل/نيسان بمطار رزيسزو تشغلها القوات الأمريكية.
وقال الخبير الأمني بجامعة لودز في وسط بولندا، روبرت كزولدا، إن الألمان على الأرجح سيتولون مسؤولية التحكم بالصواريخ الجديدة، على الأقل في البداية، لأن "جيشنا ليس مدربا على كيفية استخدام (منظومات) باترويت".
ويوم الإثنين، قال الكولونيل ونيل ميشال مارسينياك، الذي يشرف على الدفاع الجوي بوزارة الدفاع البولندية، لوكالة الصحافة البولندية الوطنية، إن أول بطارية من صواريخ باترويت التي قدمتها ألمانيا وصلت في بولندا ويتم تجربتها، مشيرًا إلى الحاجة لسنوات من التدريب، وأن المنظومات لن تصل إلى الجاهزية القتالية الكاملة حتى 2024 أو 2025.
وأوضح الكولونيل مارسينياك إن المهمة الأساسية لصواريخ باترويت من ألمانيا ستكون "حماية المراكز السكنية، والبنية التحتية الحيوية، والمجموعات العسكرية". ولم يرد على سؤال بشأن ما إذا كان ذلك يعني إطلاقها بسماء أوكرانيا.
وأشار إلى أن منظومات باترويت التي تشغلها القوات الأمريكية في رزيسزو لم تغط قرية برشفوداو التي ضربها الصاروخ الطائش الأسبوع الماضي.
وقال كزولدا: "نريد فوز أوكرانيا، لكن أولويتنا الحفاظ على سلامة الحدود البولندية وأراضي الناتو الأخرى. يسعدنا مساعدتهم وتزويدهم بالأسلحة، لكن لا نقاش عن مشاركة مباشرة. لا يريد أحد ذلك".
واتضح ذلك من رد بولندا السريع الأسبوع الماضي على ادعاءات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن روسيا هاجمت أرضا بولندية ووجود حاجة لرد صارم من الناتو. وقال الرئيس البولندي إن الانفجار كان على الأرجح "حادثا مؤسفا" وليس "هجوما متعمدا".
وتابع: "أفهم وجهة نظر أوكرانيا، لكن لديهم أهدافهم الخاصة ومصالحهم. يريد زيلينسكي مشاركة الناتو، ونحن نريد البقاء بعيدا".
وفيما يتعلق بما إذا كانت صواريخ باترويت التي ستقدمها ألمانيا ستضيف للقدرات العسكرية البولندية، قال إنها "خطوة رمزية وسياسية في الأساس لإظهار التزام ألمانيا بأمن بولندا" ولتهدئة العلاقات المتوترة غالبا بين وارسو وبرلين.
وكثيرا ما وقع صدام بين الحزب القومي الحاكم في بولندا، "القانون والعدالة" والحكومة الألمانية، في الغالب بسبب نزاعات يرجع تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية.
aXA6IDE4Ljk3LjE0LjkxIA== جزيرة ام اند امز