"هيمارس" في أوكرانيا.. هل تنقلب موازين المعركة؟
على طريق جانبية عصية على التعقّب، يحفّه حقل لزهور عباد الشمس، يتحرك جنود أوكرانيون رفقة سلاح ثقيل قبل أن يتوقفوا بين الأشجار.
كانت الطريق مختارة بعناية فهي وإن كانت خارج مجال التعقب باعتبارها غير محددة جغرافيا في الخريطة، إلا أن الطائرات المسيرة الروسية يمكن أن تلتقط الحركة المريبة في أي وقت، لذلك بدا أن فروع الأشجار المتشابكة قادرة على توفير الحماية اللازمة.
كانت تلك منظومة "إم 142" الصاروخي المدفعية عالية الحركة، أو ما يعرف بـ"هيمارس"، والتي تعتبر أحد أربعة أنظمة تسلمتها أوكرانيا الشهر الماضي من الولايات المتحدة كجزء من حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 700 مليون دولار، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
أما الجنود العاملون على راجمة الصواريخ فزينوها بالفعل من الداخل بمعطر جو وحبات مسبحة، ومن الخارج، كانت هناك ثلاث جماجم سوداء صغيرة مطبوعة عليها، واحدة لكل هدف حققته بنجاح.
وبعد الإحباط العام بسبب تأخر الغرب في نقل الأسلحة الثقيلة التي وعدوا بها كييف، لاسيما أنظمة الصواريخ متعددة الإطلاق مثل "هيمارس"، سرعان ما بدأ الأوكرانيون في استخدام العتاد الجديد بعد أشهر من بدء العملية العسكرية الروسية.
وقال المسؤول عن النظام، واسمه الحركي "كوزيا"، ورفاقه، إن الأهداف حتى الآن ركزت على مواقع القيادة الروسية والمستودعات التي يتواجد بها الضباط والأسلحة.
فارق
وأكد المسؤولون الأوكرانيون أن العتاد الغربي الجديد يحدث فارقا بالفعل في ساحة المعركة، وهي شهادة على أهمية مواصلة المساعدات الأمنية والتكلفة المؤلمة لعمليات التسليم البطيئة مع توسيع القوات الروسية ببطء لسيطرتها على منطقة دونباس شرق أوكرانيا.
وأفادت تقارير بأن القصف المدفعي من مدافع "هاوتزر" بمدينة أوديسا الساحلية أجبرت القوات الروسية على الانسحاب، الخميس، من جزيرة الثعبان ذات الأهمية الاستراتيجية في البحر الأسود.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن "هيمارس" تعتبر النظام الأكثر تقدما الذي قدمته الولايات المتحدة، وتتمتع بأطول مدى من بين الأسلحة البرية الأوكرانية، بحوالي 50 ميلًا، مما يمكن قواتها من ضرب أهداف عسكرية روسية بدون تعريض المدنيين للخطر.
ومنذ حوالي شهرين، تطلب أوكرانيا الأسلحة قبل الموافقة على عملية النقل، وذلك بعدما أكدت لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أنها لن تستخدمها لشن هجمات عبر الحدود إلى روسيا.
ووعدت إدارة بايدن بأن ترسل إلى أوكرانيا أربعة منظومات إضافية من "هيمارس" كجزء من حزمة مساعدات إضافية بقيمة 450 مليون دولار أعلنت عنها الأسبوع الماضي.
وقال مدفعي بفريق مكون من أربعة أشخاص، يتمثل دوره في إدخال إحداثيات الهدف، وشارة تعريفه "موروز": "ما استخدمناه من قبل كان أكثر مدعاة للقلق".
وفيما قال الجنود إن أنظمة "هيمارس" تساعد على "مزيد من راحة البال"، أوضح موروز أن "معداتهم القديمة قصرت إطلاقهم للنار عبر الحقول والغابات لتجنب احتمال إصابة المدنيين".
لكن الآن "ليس لدي شك بشأن ما سنصيبه. أعلم أن الصاروخ سيصيب هدفه لأن الأقمار الصناعية تحركه"، بحسب "موروز".
وانتظرت الوحدة بفارغ الصبر وصول أنظمة "هيمارس" لمدة شهر، ليتمتعوا أخيرا بتجربة مباشرة بموقع سري مع مدربين أمريكيين لحوالي أسبوعين.
وقال كوزيا إنه سيكون من الجيد وجود 50 من أنظمة "هيمارس" حتى تتمكن أوكرانيا من نشر أربعة بكل اتجاه على الجبهة الشاسعة التي تمتد على حدودها الشرقية بالكامل تقريبا مع روسيا.