سياسة بايدن تجاه أوكرانيا.. زحف نحو «الكارثة»
مع تعثر التوصل لاتفاق سلام ينهي الأزمة الأوكرانية، ووسط استمرار نزيف كييف على الجبهات، وافقت أمريكا على استخدام أسلحتها في ضرب أهداف روسية.
القرار الذي جاء بعد أشهر من طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علناً فكرة انضمام قوات الناتو إلى القتال في أوكرانيا، حذرت منه صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، قائلة إنه سيزيد من خطر التصعيد دون مساعدة القدرات الأوكرانية بشكل هادف.
وكان الجنرال تشارلز براون جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أقر بحتمية إرسال مدربين عسكريين في نهاية المطاف لتسريع عملية إعداد القوات الأوكرانية حديثة التجنيد للخطوط الأمامية.
تصريحات الجنرال الأمريكي وحديث ماكرون يدفعان بالحرب إلى منطقة مجهولة، ما يخلق فرصا لتصعيد كبير، في حين لا يساهم إلا قليلا في قدرة أوكرانيا على تغيير الحقائق في ساحة المعركة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
هل يتكرر سيناريو 1920؟
تقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن تصريح بايدن باستخدام المعدات الأمريكية لضرب أهداف في روسيا بالقرب من خاركيف يكشف السياسة الأمريكية التي تعود إلى بداية الحرب الباردة، فبينما تم استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية لمهاجمة القوات السوفياتية والروسية، لم يُسمح لها مطلقًا بضرب أهداف علنية داخل روسيا (باستثناء التدخل الأمريكي في الحرب الأهلية الروسية من عام 1918 إلى عام 1920).
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن أوكرانيا أثبتت بالفعل نواياها لاستخدام ذخائرها بعيدة المدى لضرب أهداف تتعلق بوضع الدفاع النووي الروسي، مثل القاذفات الاستراتيجية النووية في قاعدة إنجلز الجوية في وقت سابق من الحرب ورادار الإنذار المبكر للدفاع النووي قبل بضعة أسابيع فقط، مما يخلق خطراً هائلاً يتمثل في أن تنظر موسكو إلى هذا التغيير في السياسة باعتباره المرحلة الأولى من التوسع الخطير للصراع، بهدف انهيار الدولة الروسية وخلع فلاديمير بوتين.
وأشارت إلى أن احتمال وجود مدربين تابعين للتحالف على الأرض يخلق وضعاً مختلفاً عالي المخاطر ومنخفض الكفاءة، مؤكدة أن المدربين الأمريكيين والفرنسيين وغيرهم سيكونون عرضة لضربات متعمدة أو عرضية من حملة الصواريخ والطائرات دون طيار الروسية على مستوى البلاد التي تستهدف البنية التحتية والأهداف العسكرية الأوكرانية بانتظام، ناهيك عن الخطر المباشر من المدفعية والدبابات والمشاة على أوكرانيا.
وإذا قُتل هؤلاء المدربون في غارة جوية، فقد تختار الدولة الضحية إثبات أن الهجوم يشكل سبباً لتفعيل المادة الخامسة من اتفاقية الدفاع المشترك لمنظمة حلف شمال الأطلسي.
وفي حين يمكن للدول الحليفة أن تختار رفض هذا الادعاء، إلا أن ذلك من شأنه أن يخلق أزمة داخل التحالف. وقد يؤدي ذلك إما إلى تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب وإما إلى صدع كبير في علاقة واشنطن مع الدول الحليفة.
ورغم ذلك، فإن المخاطر التي تنطوي على تلك الخطوة لا تتوقف عند هذا الحد، فنشر المدربين والمستشارين، الذين غالبًا ما يتم اختيارهم من قوات العمليات الخاصة، قرب الخطوط الأمامية سيطمس الخطوط الفاصلة بين التدريب والمشاركة القتالية المباشرة.
وضع خطير
وفي أوكرانيا، لن يكون المدربون الأمريكيون مجرد مراقبين سلبيين، فهم يشاركون بنشاط في قيادة وتوجيه القوات المحلية، ومن المحتمل أن يجدوا أنفسهم وسط سيناريوهات قتالية.
وتشير السابقة التاريخية لمهمة المشورة والمساعدة الأمريكية في فيتنام إلى أن إدارة بايدن سوف تسير نحو سيناريو آخر، إذ تساهم مهمة تلك المدربين في الزحف نحو حرب شاملة، ما يعني أن التمييز بين تقديم المشورة والمساعدة والتدريب سيكون غير واضح.
وتسمح قواعد الاشتباك للمدربين والمستشارين بالمشاركة القتالية في حال تعرضهم للهجوم. وهذا الموقف الدفاعي، رغم كونه ضروريا للحماية الذاتية، يزيد من احتمال انخراط الجنود الأمريكيين في قتال مباشر مع القوات الروسية، بحسب «ذا ناشيونال إنترست».
عواقب بعيدة المدى
وحذرت من أن احتمال الاشتباك المباشر مع القوات الروسية، سواء كان مقصوداً أو عرضياً، يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى، فـ«تصعيد الصراع لن يعرّض حياة الأفراد الأمريكيين للخطر فحسب، وإنما سيخاطر أيضًا بجر الولايات المتحدة إلى مواجهة أوسع مع روسيا».
وتخلق التحولات في سياسة الرئيس بايدن وضعًا ستجد فيه الإدارة صعوبة كبيرة في السيطرة على التصعيد في الأزمات. ووعد الرئيس بايدن الشعب الأمريكي بأنه لن يرسل قوات إلى الأرض في أوكرانيا، لكن من المؤسف أن سياساته الحالية تعمل على إبطاء الولايات المتحدة نحو انتهاك تلك الوعود.
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4xMzkg جزيرة ام اند امز