محللون لـ«العين الإخبارية»: حياد الإمارات في قمة أوكرانيا يرسي دعائم السلام
متخذة من «الحياد السياسي والدبلوماسي» شعارًا لها، شاركت دولة الإمارات، في قمة سويسرا، المخصصة لحل أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
تلك المشاركة الإماراتية، التي تأتي ضمن دبلوماسيتها الداعمة لكل جهد دولي لحل الأزمة وتعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد، كانت دافعًا لها، لعدم التوقيع على البيان الختامي بهدف استمرار الحياد الإيجابي الذي يمكنها من ممارسة دور الوساطة ولعب دور في الملف الإنساني.
موقف إماراتي ورؤية ثاقبة شاركها فيه، دول عدة؛ أبرزها السعودية والبحرين والهند وجنوب أفريقيا وإندونيسيا والمكسيك، وغيرها من الدول، ما يتيح لدولة الإمارات، بما تملكه من علاقات قوية وصداقة مشتركة مع روسيا وأوكرانيا، دعم جهود فتح قنوات حوار ووساطة لحل الأزمة دبلوماسيا.
فكيف يساهم الامتناع عن التوقيع على البيان الختامي في دعم الأزمة الأوكرانية؟
يقول الكاتب والأكاديمي الإماراتي، الدكتور عبد الخالق عبد الله في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن امتناع دولة الإمارات على التصديق على الإعلان الختامي لـ«مؤتمر السلام» بشأن أوكرانيا، يأتي تأكيدا لموقف الحياد الإيجابي الذي مكنها من الوساطة بين موسكو وكييف لتبادل الأسرى بين الطرفين.
وأوضح الأكاديمي الإماراتي، أن دولة الإمارات مع السلام، ولا تنجر لطرف على حساب آخر في هذه الحرب التي لا تبدو أنها ستنتهي قريبا.
الأمر نفسه أشار إليه المحلل السياسي السعودي الدكتور مبارك آل عاتي، والذي قال في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الامتناع الإماراتي السعودي عن التوقيع على البيان الختامي، انطلق من الدور الدبلوماسي الكبير الذي تقوم به الدولتان والدول المحبة للسلام، لكي تؤكد على حيادها الإيجابي، وعدم الانحياز ضد طرف بعينه.
وأوضح المحلل السياسي السعودي، أن دولتي الإمارات والسعودية توجهان رسالة من خلال عدم التوقيع، مفادها، ضرورة تهيئة الأجواء التي تسمح بإقامة سلام مقبول من طرفي الحرب (روسيا وأوكرانيا).
رسالة كانت مرفوقة بجهود دبلوماسية على الأرض، من شأنها أن تؤدي إلى خلق حالة من التقارب والوئام بين روسيا وأوكرانيا، ما يعني أنه لزاما على البلدين وغيرهما من البلدان التي رفضت التوقيع، البقاء على الحياد، حتى يل موقفها مقبولا من موسكو وكييف على حد سواء، بحسب المحلل السعودي.
لكن لماذا شاركت الإمارات والسعودية في قمة سويسرا؟
يقول أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال، البروفيسور حسن عبدالله الدعجة، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إنه رغم عدم التوقيع على البيان الختامي، إلا أن مشاركة دولتي الإمارات والسعودية في القمة، يؤكد حرصهما على المساهمة في الجهود الرامية لتحقيق السلام العالمي.
وأوضح الدعجة في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن هذه المشاركة تأتي -كذلك- في إطار سياستهما الخارجية التي تسعى لدعم الاستقرار والأمن الدولي عبر المشاركة في المبادرات الدبلوماسية متعددة الأطراف.
واختارت السعودية ودولة الإمارات رفض التوقيع على البيان الختامي للقمة، الذي تضمن إدانة العملية العسكرية الروسية، «في إطار الحرص على الحفاظ على موقف الحياد العربي من النزاع في أوكرانيا، ورفض إدانة أي طرف بشكل مباشر»، بحسب الأكاديمي الأردني.
وساطة ناجحة
موقف يعزز دوريهما كوسيطين محايدين في النزاعات الدولية، ويمنحهما مرونة أكبر في التوسط والحوار الدبلوماسي، بحسب الدعجة الذي قال إن البلدين يسعيان إلى التوازن في التعامل مع القضايا الدولية، مما يعزز من قدرتهما على المساهمة الفعالة في جهود السلام والاستقرار العالميين، مع تجنب الانحياز لطرف على حساب آخر.
الباحث السعودي في الدبلوماسية والعلاقات الدولية المستشار عبدالله الودعاني أرجع بدوره، مشاركة الإمارات والسعودية في ذلك الحدث (قمة السلام) إلى حرصهما على المساهمة في كل ما يخدم قضايا العالم ويحسن الوضع الدولي.
استراتيجية، استدل عليها أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال، بقوله، إنه منذ بداية العام الجاري، رعت دولة الإمارات ثلاث عمليات تبادل للأسرى بين روسيا وأوكرانيا، في أحدثها أفرج عن 100 أسير روسي مقابل 100 أوكراني.
وأوضح أن هذه المبادرات تأتي في إطار سياسة دولة الإمارات الداعمة للحوار والدبلوماسية وخفض التصعيد، ولعب دور فعّال في تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، مع التزامها بالمبادئ الإنسانية وتخفيف التداعيات الناجمة عن النزاعات المسلحة.
ولفت إلى أن دولة الإمارات تسعى إلى لعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، معتمدة على موقفها المتوازن وعلاقاتها الجيدة مع كلا البلدين، في جهود تهدف إلى تهدئة النزاع وتعزيز فرص الحوار والسلام بين الطرفين.
وامتنعت 11 دولة عن التوقيع على بيان قمة سويسرا، وهي: أرمينيا والبحرين والبرازيل والهند وإندونيسيا وليبيا والمكسيك والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتايلاند والإمارات العربية المتحدة.
بدوره، يرى نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني السابق، دكتور جواد العناني، أن مشاركة الإمارات والسعودية والدول العربية في القمة بسويسرا رغبة في السلام وإنهاء الحروب والحفاظ على توقفها قبل تحولها إلى حرب عالمية جديدة.
ويضيف العناني في حديث لــ"العين الإخبارية" أن الدول العربية تدفع لإنهاء الحروب بالطرق السلمية والدبلوماسية وليس بالقتل والتدمير، متابعا أن الرفض العربي على البيان الختامي حرصا على الحيادية وعدم معاداة روسيا الدولة العظمى والتي ترتبط مع الكثير من دولنا بالمصالح الاقتصادية والسياسية.
نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، بين أن دولة الإمارات تحرص دائما على السلام ولذلك كان موقفها محايدا بحيث تستطيع استكمال عمليات الوساطة الإنسانية بين البلدين، لافتا إلى أن دورها الإنساني الكبير في عودة الكثير من أبناء الدولتين لعائلاتهم يجب أن يكلل بالشكر والإشادة.
aXA6IDMuMTUuMTIuOTUg جزيرة ام اند امز