الإنجاب في زمن الحرب.. أوكرانيات يخشين الولادة وسط دوي الصواريخ
في ظل حرب دخلت شهرها العاشر، يعاني الأوكرانيون انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، وساعات، دون أي اتصال بالإنترنت، فيما كان الشعور بخوف متواصل حيال الوابل الصاروخي أكثر إيلاما.
إلا أن كاترينا وزوجها أوليغ يستعدان أيضًا لولادة طفليهما التوأم كونها في شهرها الثامن من الحمل، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، التي وافقت على استخدام الاسمين الأولين لها ولزوجها حماية لخصوصيتهما.
ولا تحصل كاترينا على قدر كبير من الراحة قبل يومها الموعود؛ حيث إن صافرات الإنذار بغارات جوية تدوي يوميا، فضلا عن أصوات الانفجارات التي تبدو جميعها مألوفة للغاية. وعلاوة على ذلك، شكلت فترات انقطاع الطاقة المجدولة، حيث تتم مشاركة الكهرباء بين المناطق لتخفيف تأثير الغارات الروسية على البنية التحتية للطاقة الأوكرانية.
وقالت كاترينا لـ"سي إن إن" من منزلها في ضواحي كييف: "عشية العام الجديد، حاولت الحصول على قيلولة. لكنني استيقظت على أصوات التفجيرات، واستمرت طوال الليل. ودوت أصوات صافرات الإنذار معظم الليل، حتى الساعة الرابعة ونصف صباحا".
ويصعب على السكان التمييز بين أصوات الدفاعات الجوية وتأثير الصواريخ الكروز والطائرات المسيرة الروسية. وأضافت كاترينا: "لا أمانع انقطاع الكهرباء. لكننا نقلق حيال الموجة التالية للصواريخ الروسية. هل سنكون نحن (الهدف)؟ وكأنها مخاطرة مستمرة".
ووفق "سي إن إن"، "تعرضت مدينة قريبة -فيشهورود- لضربة قبل شهر، وتعني الطبيعة العشوائية للغارات أن الأحياء السكنية عرضة أيضًا للخطر كما محطات الطاقة وخطوط السكك الحديدية. وتعرضت العشرات من المنشآت الصحية عبر أوكرانيا، بما في ذلك مستشفيات الولادة والأطفال، للاستهداف في بداية الصراع".
وبحسب كاترينا، فعندما لا تدوي أصوات صافرات الإنذار، يكون هناك ضوضاء أخرى جديدة على المنطقة التي تعيش فيها: أصوات مولدات الكهرباء؛ حيث تحاول المنازل والأعمال التجارية التعويض عن حرمانهم من الكهرباء لما يصل إلى 12 ساعة في اليوم. وقالت: "إنها أصوات الأجراس لهذا الكريسماس".
وبالرغم من الخطر والولادة الوشيكة للصبيين التوأم، لا تزال تذهب كاترينا إلى كييف مرتين في الأسبوع لاستخدام أحد مساحات العمل المشتركة التي ظهرت في شتى أنحاء العاصمة الأوكرانية. وأصبحت تلك المساحات احترافية للغاية، مع تجهيزها بالأثاث والتدفئة والإضاءة والإنترنت الذي يمكن الاعتماد عليه، والذي يتم توفيره عبر محطات ستارلينك، المشتراة من الشركة المملوكة لإيلون ماسك.
وتعمل كاترينا في اللوجستيات وتساعد في استيراد الحاويات الكبيرة إلى أوكرانيا. وهي ليست وسيلة لكسب الرزق فحسب، بل أيضًا للمساهمة في جهود الحرب.
وتعتبر كاترينا وأوليغ أوفر حظا من معظم الأوكرانيين حيث لديهم مولد كهرباء صغير بالمنزل، لكنهما يقتصدان في استخدامه. وهناك دائما خطر نفاد الديزل المستخدم في تشغيله، حيث يستهلك لترا من الوقود لكل ساعة ويحتاج للتبريد كل أربع ساعات. وبالتالي يتعين عليهما اختيار الأجهزة التي يريدان تشغيلها: إما الأضواء وإما الغسالة، بحسب قولهما.
ويعتبر الاستعداد عنوان الحياة في كييف في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا. وتمتلك كاترينا وأوليغ دواليب مليئة بالبطاريات، وبنوك الطاقة (باور بنك)، وكشافات. وإذا استمرت الحملة الصاروخية الروسية على البنية التحتية الأوكرانية، كما يتوقع معظم الناس، ستزداد صعوبة التنبؤ بانقطاع الكهرباء، مع زيادة حالات الانقطاع الطارئة.
وبحسب كاترينا، هناك ما يكفي من الطعام في المتاجر، "لكن أحيانا أضطر إلى التسوق باستخدام الكشاف". وتحتفظ وزوجها بإمدادات غذائية تكفي لشهرين بالمنزل، تحسبا لتفاقم الوضع.
وكما الحال مع الكثيرين من كييف، انتقلت كاترينا وأوليغ من العاصمة إلى منطقة أكثر أمانا في غرب أوكرانيا عندما بدأت الحرب في فبراير/شباط الماضي. لكنهما لم يريدا مغادرة البلاد قط.
وقالت كاترينا: "لدي وظيفة هنا، وأوليغ لديه وظيفة هنا ولا يمكنه العمل عن بعد. لدينا عدة أصدقاء هنا، ومنزلنا. بالنسبة لي إنه لكابوس الانتقال إلى مكان آخر".
وتشعر كاترينا أنهما مشاركان في جهود تأمين مستقبل أوكرانيا. وفي الشهور الأولى لحملها، ساعدت المنظمات التطوعية الأوكرانية في جمع المال لشراء الملابس الدافئة والمعدات للجيش الأوكراني.
ولا تخشى كاترينا أن تصبح أما في زمن الحرب، وتريد أن ينشأ طفلاها في "أوكرانيا حرة". ويكمن خوفها الوحيد -بعيدا عن ميلاد طفلين صحيحين- في أنها قد تجد نفسها ترقد بالمشفى وسط موجة أخرى من الهجمات الصاروخية.
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA=
جزيرة ام اند امز