أزمة تجنيد في أوكرانيا وسط تقدم ميداني للقوات الروسية
تجد أوكرانيا نفسها أمام أزمة تجنيد غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب مع روسيا، مع تراجع حاد في رغبة المواطنين بالالتحاق بالقوات المسلحة وارتفاع لافت في حالات الفرار من الخدمة، في وقت يتقدم فيه الجيش الروسي تدريجيًا على عدة جبهات شرقية وجنوبية.
في حالات الفرار من الخدمة، في وقت يتقدم فيه الجيش الروسي تدريجيًا على عدة جبهات شرقية وجنوبية.
فخلال الأسابيع الأولى من العملية العسكرية الروسية، شهدت مراكز التجنيد طوابير من المتطوعين المستعدين للدفاع عن بلادهم. لكن تلك الحماسة ما لبثت أن تآكلت مع ارتفاع أعداد القتلى والمصابين واستنزاف المقاتلين نفسيًا، ما ترك كييف أمام نقص حاد في القوى البشرية على خطوط المواجهة.
وفي مقابلة مع صحيفة التايمز البريطانية، كشف رومان كوستينكو، أمين لجنة الأمن والدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني، عن معطيات خطيرة قائلاً: "80 % من المجندين يفرّون الآن من مراكز التدريب، وقد يساوي عدد الهاربين قريبًا حجم الجيش نفسه".
وأضاف أن السلطات لا تبذل الجهد الكافي لإعادتهم أو توفير ظروف تقلل من معدلات الفرار.
وتعكس بيانات مكتب المدعي العام حجم المعضلة؛ إذ سُجل منذ عام 2022 أكثر من 280 ألف حالة فرار أو تغيب غير مشروع، في زيادة سنوية تتجاوز مجموع ما رُصد خلال السنوات السابقة.
وسُجِّل الشهر الماضي وحده أكثر من 21 ألف حالة، وهو أعلى رقم منذ بدء الحرب.

غير أن مسؤولين حكوميين أشاروا إلى أن جزءًا من هذه الملفات قد لا يعكس حالات فرار فعلية، بل يتضمن اتهامات متعددة لجنودٍ بعينهم أو إدراج مفقودين ضمن الأرقام، أما العقوبات، فتصل إلى 12 عامًا على الفرار و10 أعوام على التغيب، لكن أقل من 5 % فقط من القضايا تصل إلى المحاكم.
تراجع التجنيد… وتوتر اجتماعي متصاعد
ويواجه قادة كييف انتقادات حادة من معارضيهم الذين يرون أن الحكومة فشلت في صياغة سياسة فعالة لجذب المجندين الجدد، خصوصًا بعد توسع حملات التجنيد القسري في الشوارع، وما أثارته من توتر اجتماعي واسع.
وبموجب الأحكام العرفية المستمرة منذ بدء الحرب، يُلزم أي شخص يُستدعى للخدمة بالبقاء في الجيش حتى نهاية الحرب، سواء انضم طوعًا أو أُجبر على ذلك.
وتسببت تعديلات أقرتها الحكومة قبل أشهر في تفاقم الأزمة، بعد السماح للشباب دون 23 عامًا بمغادرة البلاد لمنع تهريب القاصرين، لكن القرار أدى عمليًا إلى موجة خروج كبيرة؛ إذ غادر ما يقرب من 100 ألف شاب خلال 3 أشهر فقط، معظمهم عبر بولندا إلى ألمانيا، وفق بيانات موقع "بوليتيكو".
قلق أوروبي… وتوتّر مع برلين ووارسو
تدفق الشباب الأوكراني إلى أوروبا أثار مخاوف متزايدة في برلين، التي تخشى من تأثير هذه الهجرة على المزاج السياسي الداخلي وتعزيز فرص حزب «البديل من أجل ألمانيا» من تيار أقصى اليمين.
وفي بولندا، دعا وزير الخارجية رادوسلاف سيكورسكي إلى وقف تقديم الإعانات المالية للرجال الأوكرانيين في سنّ الخدمة العسكرية، لدفعهم إلى العودة والمشاركة في الدفاع عن بلادهم. ويأتي ذلك في ظل تزايد الجرائم بدافع الكراهية ضد الأوكرانيين، بعد فترة تعاطف واسعة معهم في بداية الحرب.
تقدّم روسي مستمر… وضغوط خانقة على زيلينسكي
ميدانيًا، تواصل القوات الروسية تحقيق مكاسب محدودة ولكن ثابتة. فقد أوشكت على السيطرة على مدينة بوكروفسك الاستراتيجية في دونيتسك، مع استمرار التوغل في خاركيف وزابوريجيا. وأسفرت ضربات جوية روسية ليل الأحد عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، وسط تكثيف الهجمات على منشآت الطاقة مع اقتراب الشتاء.
وفي الداخل، يواجه الرئيس فولوديمير زيلينسكي ضغوطًا إضافية بسبب فضيحة فساد آخذة في الاتساع. لكنه سعى إلى تعزيز دعم الحلفاء، فعقد اجتماعًا في باريس مع الرئيس إيمانويل ماكرون، أُعلن خلاله عن اتفاق لتزويد أوكرانيا بما يصل إلى 100 مقاتلة فرنسية من طراز رافال إضافة إلى طائرات مسيّرة ومعدات عسكرية أخرى.
لكن تسليم المقاتلات لن يتم قبل سنوات طويلة قد تصل إلى عقد كامل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز