"أبواق" حرب أوكرانيا.. "موزارت" ينهي عزفه على أوتار "فاغنر" (فيديو)
لم يكن في خلد محبي الموسيقى الكلاسيكية يوما أن يتحول موزارت وريشارد فاغنر، عباقرة الموسيقى، إلى أبواق حرب وآلات تعبئة.
لكن هذا الأمر المحال تحول إلى واقع مأساوي في أوكرانيا، إذ تنشط مجموعة فاغنر التي سميت على اسم الموسيقار الألماني، بقوة في صفوف الجيش الروسي، وتواجهها مجموعة "موزارت" الداعمة لكييف.
ورغم نشاط المجموعتين لأشهر طويلة في أنشطة مضادة بساحة القتال، يبدو أن موسيقى "فاغنر" كانت أطول من تلك الخاصة بـ"موزارت"، بعد أن بدت الأخيرة في طريقها للانهيار، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
مشهد النهاية
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز": "قامت مجموعة موزارت بتدريب الجنود الأوكرانيين وإجلاء سكان الخطوط الأمامية حتى نفاد الأموال"، مضيفة "يلقي انهيار المجموعة الضوء على الضغوط التي تواجهها مثل هذه الجماعات".
ونشرت الصحيفة مشهدا صعبا جرت وقائعه في كييف، حين وقف أندرو ميلبورن، كولونيل سابق في مشاة البحرية الأمريكية وزعيم مجموعة موزارت، في غرفة اجتماعات باردة في الطابق الثاني من مبنى سكني في كييف على وشك توصيل بعض الأخبار السيئة لمجموعة من رجاله.
وقال ميلبورن لرجاله "يا رفاق.. أنا محطم"، قبل أن يضيف "ماتت مجموعة موزارت"، لكن نيويورك تايمز لم تكشف متى حدث هذا المشهد، في تقريرها المنشور مطلع فبراير/شباط الجاري.
ووفق الصحيفة، نظر الرجال المتجمعون في الغرفة الباردة لقائدهم بوجوه غير مصدقة، وسأله أحدهم وهو يسير نحو الباب: "ماذا أفعل بخوذتي؟".
سبب الانهيار
وانهارت مجموعة موزارت، وهي واحدة من أبرز المنظمات العسكرية الأمريكية الخاصة في أوكرانيا، تحت سحابة من الاتهامات التي تتراوح من المخالفات المالية إلى سوء التقدير الناجم عن إدمان للكحول، بحسب نيويورك تايمز.
وقال أحد مدربي "موزارت" المخضرمين، الذي تحدث دون الكشف عن هويته بسبب مخاوف من استهدافه: "عليك أن تدير هذه المجموعات مثل الأعمال التجارية.. لم نفعل ذلك".
وازدهرت مجموعة موزارت في البداية، حيث دربت القوات الأوكرانية مع انطلاق الحرب، وأنقذت المدنيين من الخطوط الأمامية للقتال، وجمعت أكثر من مليون دولار من التبرعات لتمويل أنشطتها بالكامل، ولكن بعد ذلك بدأ المال ينفد.
وبعد شهور من الكفاح من أجل الحفاظ على تماسك المجموعة، تعرضت "موزارت" للانشقاقات والصراعات الداخلية، واقتحام مقر مكتبها ودعوى قضائية رفعها المدير المالي للشركة أندرو باين، طالبًا فيها الإطاحة بميلبورن، بعد اتهام الأخير بمخالفات مالية وإبداء تعليقات سيئة تحت تأثير الكحول.
وميلبورن.. قادته مسيرته المهنية للمشاركة في الحروب الأمريكية خلال العقود الثلاثة الماضية، من الصومال إلى العراق، ما منحه خبرة قتالية كبيرة واتصالات واسعة.
ما هي "موزارت" الأمريكية؟
وعند تدشين ميلبورن عمل "موزارت" في أوكرانيا، أكد أن التشابه مع فاغنر الروسية يقف فقط عند حد حمل أسماء موسيقيين كبار في تاريخ الفن الكلاسيكي.
بل إن أندي باين ضابط الاحتياط السابق في مشاة البحرية الأمريكية، قال لـ"فرانس برس"، إن تسمية المجموعة موزارت هي بمثابة "رد ساخر" على فاغنر.
وأنشأ ميلبورن "موزارت" بعد انطلاق الحرب في أوكرانيا واعتمد على التبرعات، ووفّر التدريب العسكري وشارك في عملية إخراج المدنيين من الصفوف الأمامية للقتال.
في المقابل، ووفق فرانس برس، لا يُعرف سوى القليل عن المجموعة العسكرية "فاغنر" التي يُعتقد أنها مرتبطة بالأوليغارشي الروسي يفغيني بريغوجين المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين.
ورغم اتجاه "موزارت" للانهيار، تواصل "فاغنر" عملها في ميادين القتال في أوكرانيا، وفي مناطق مختلفة حول العالم، خاصة في القارة الأفريقية، ما يعني أن مقطوعتها أطول عمرا من تلك الأمريكية.