تحذيرات من تكرار سيناريو 45.. 3 مراحل لإنهاء حرب أوكرانيا بالمفاوضات
فيما تستمر حرب أوكرانيا في قرع طبولها، كانت مفاوضات السلام بعيدة التفكير عن طرفي الأزمة، اللذين ليس لديهما أي تأكيد على ما ستؤول إليه الأمور مستقبلا.
فانتصار عسكري أم استسلام غير مشروط؟ تساؤل طرح نفسه على طاولة الحرب في أوكرانيا، إلا أن الإجابة عنه تستدعي الكثير من الوقت الذي لم يحن أوانه بعد.
إلا أنه رغم ذلك، فإنه على الولايات المتحدة باعتبارها وكيلا لأوكرانيا التفكير في إجابته بدءا من الآن، لأن "الفشل في القيام بذلك سيحكم على واشنطن باتباع نهج متسرع وغير مدروس لإنهاء الحرب، وهو خطأ ارتكبته الولايات المتحدة في كل صراع خطير تورطت فيه منذ عام 1945"، بحسب صحيفة "فورين أفيرز".
3 مراحل
وتقول الصحيفة الأمريكية إنه سيتم إنهاء الحرب على ثلاث مراحل: الاستعدادات المسبقة، والمفاوضات التمهيدية، والمفاوضات نفسها، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى تتضمن حل الخلافات الداخلية في الرأي وفتح الاتصالات بين الأطراف لتحديد الأولويات والاستراتيجية.
وبينما تتضمن المرحلة الثانية تمهيد الطريق للمفاوضات الرسمية، بما في ذلك تحديد مكان وزمانها ومع من ستشارك، شملت الثالثة المحادثات المباشرة التي يربطها معظم الناس بالدبلوماسية.
وتتضمن كل مرحلة من مراحل صنع السلام اختيارات، فلا توجد عملية تمثل نموذجا للآخرين، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن القرارات تؤدي إلى مفترق طرق يفتح بعض الاحتمالات ويغلق الأخرى، مشيرة إلى أن الظروف السياسية، والنفوذ والحقائق العسكرية المتغيرة كلها تؤثر على الاستعدادات.
فرغم أن طرفي الحرب يتعاون حاليا في مجالات محدودة للغاية: شحن الحبوب، وتبادل الأسرى، وبشكل غير رسمي مواءمة الإجراءات لتجنب وقوع كارثة في محطات الطاقة النووية، لكن في الوقت الحالي لا تزال أهداف كل جانب تتجاوز بكثير ما يبدو أن الطرف الآخر مستعد للتنازل عنه: بالنسبة لروسيا تأمل في السيطرة على كل أوكرانيا، فيما أوكرانيا تسعى لإعادة كل أراضيها.
إلا أن الاستعدادات المسبقة لا تتطلب أن يتفق الطرفان بشكل كامل على القضايا الجوهرية، فبحسب مسؤولين أمريكيين فإنه في سياق أي مفاوضات، فإن ما يصل إلى 60% مما يجب حله ينطوي على خلافات بين الإدارة وفريق التفاوض الخاص بها.
ويمكن أن يكون حل الخلافات الداخلية بطيئا وصعبا، لكن بدء هذه العملية يشير إلى أن المفاوضات قد تصبح ممكنة حتى عندما تبدو الخلافات بين الأطراف مستعصية.
وفيما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية حاليا على المراحل الأولى من الإعداد المسبق، إلا أنه لا يزال يتعين عليها حل الخلافات حول دور وسرعة وتأثير الأعمال العسكرية، بحسب "فورين أفيرز" التي قالت إنه لم يتضح بعد متى سيكون التقدم نحو المرحلة التالية من صنع السلام.
نحو الدبلوماسية
مع تبني واشنطن والأطراف الأخرى ذات الصلة مواقف موحدة أكثر، يمكن أن تحظى المفاوضات المسبقة الهادفة إلى إشراك روسيا وأوكرانيا في محادثات مباشرة بمزيد من الاهتمام، وستتمثل المهمة في إقناع كلا الجانبين بأن الدبلوماسية يمكن أن تدعم مصالحهما وتقدمها.
وتقول الصحيفة الأمريكية إنه يجب أن يؤكد المسؤولون الأمريكيون لنظرائهم الروس والأوكرانيين (وللآخرين الذين قد يكونون قادرين على التأثير عليهم) أن النتيجة العسكرية الإيجابية ستكون مضيعة للوقت ومكلفة وغير مؤكدة، وأن الدبلوماسية قد تكون طريقا أكيدا للحصول على ما يريدون.
وتتمثل إحدى الطرق العملية للقيام بذلك في إجراء ما يسمى بمحادثات التقارب، والتي تجلب الطرفين إلى نفس المدينة وتسمح لوسطاء من الأطراف الثالثة بالتنقل ذهابا وإيابا بينهم، وتبادل المعلومات حول المواقف، وإعداد الأفكار، والعمل على تعزيزها، في مهمة يمكن للأمين العام للأمم المتحدة المساعدة في تسهيلها من خلال تعيين ممثل خاص لتشجيع الأطراف ورعايتهم نحو مفاوضات مباشرة بمساعدة الصين والهند وتركيا والولايات المتحدة ودول أخرى قد تكون قادرة على تسهيل التوصل إلى اتفاق.
الجزء الصعب
وبمجرد أن يتفق الطرفان على عملية للمفاوضات المباشرة، يبدأ الجزء الصعب، فالسلام بين روسيا وأوكرانيا يجب أن يكون الهدف الرئيسي لمثل هذه المحادثات، لكن الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين سيرغبون أيضا في ضمان أن يجعل أي ترتيب سلام في المنطقة أكثر أمنا ويساعد في استقرار العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا، لا سيما في المجال النووي.
وسيكون الاتفاق الأصعب على العلاقات الأمنية: هل يجب أن تنضم أوكرانيا إلى الناتو أم يتم الضغط عليها للانضمام إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي لدول الاتحاد السوفياتي السابق؟ وهل ستتخذ هذا القرار بعد استفتاء يجسد آراء مواطنيها بشكل عادل وفترة انتظار؟
إلا أن الأكثر صعوبة من بين الجميع ستكون المسائل الإقليمية، بحسب "فورين أفيرز"، التي قالت إنه لم يحرز أي من الطرفين تقدما كافيا في ساحة المعركة لتحقيق جميع مطالبه الإقليمية: كل من أوكرانيا لموسكو وحدود أوكرانيا عند استقلال كييف في عام 1991.
صفقة عادلة ودائمة
وعلى الرغم من أن ملامح أي صفقة سيتم تحديدها إلى حد كبير من خلال النفوذ، والمعاملة بالمثل، ومهارة التفاوض، والمقايضة، إلا أن هناك بعض المبادئ الأساسية التي يمكن أن تساعد في تسهيل التوصل إلى اتفاق عادل ودائم، فيجب السماح لكلا الطرفين بدعوة عدد محدود من الدول والمنظمات الدولية للمساعدة في التفاوض والتحقق والمراقبة وحفظ السلام.
كما يجب تطبيق مبدأ "لا يتم الاتفاق على أي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء" ما لم يتفق الطرفان على تنفيذ بعض الإجراءات في وقت مبكر.
ويجب إبرام جميع الاتفاقات على طاولة المفاوضات، مكتوبة، وموقعة من قبل الأطراف، ومضمونة بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومسجلة بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
وشددت "فورين أفيرز" على ضرورة أن تكون التدابير المتفق عليها متبادلة، مثل التعريفات التجارية المشتركة، أو على الأقل تتضمن التبادل غير المتكافئ للامتيازات، مثل الفوائد التجارية المختلفة، مؤكدة أنه على المجتمع الدولي الالتزام بتمويل إعادة إعمار أوكرانيا وإعادة تأهيل المتضررين من الحرب، ومنح أوكرانيا الحق في التقدم للانضمام إلى أي منظمة أو هيئة دولية على قدم المساواة مع الأعضاء الآخرين، ما لم توافق صراحة على تقييد هذا الحق في اتفاق السلام.
aXA6IDMuMTM1LjE5My4xOTMg جزيرة ام اند امز