«تشاسيف يار» الأوكرانية.. «جزيرة الأحزان» تفتح طريق روسيا إلى دونباس
يتهيّأ الجندي الأوكراني أنتون لمناوبة جديدة دفاعا عن تشاسيف يار، البلدة التي تكتسي أهمية استراتيجية للقوات المتنافسة على دونباس.
فبعدما بقيت الجبهة شبه مجمّدة لنحو عام، تضغط القوات الروسية على الجيش الأوكراني الذي يعاني من نقص في العديد والعتاد مع تأخر وصول المساعدات الغربية.
فالقوات الروسية المصمّمة على تعزيز ما حقّقته مؤخرا من مكاسب ميدانية، تسعى للسيطرة على مرتفعات تشاسيف يار، وهي المدينة الملقبة بـ"جزيرة الأحزان"، والسيطرة عليها يفتح طريق الجيش الروسي إلى دونباس.
وتقع البلدة على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من باخموت التي وقعت في مايو/أيار الماضي في قبضة روسيا بعد معارك عنيفة استمرت أشهرا.
ويقول أنتون البالغ 40 عاما، "إذا استولى الروس على تشاسيف يار فسيُفتح الباب إلى مدن أخرى.. لذا فمن الأهمية بمكان وقف تقدّمهم هنا".
ووفق الجندي الأوكراني، فإن مرتفعات تشاسيف يار ستمنحهم موطئ قدم قويا، وستمكّنهم من استهداف مدن تقع على ارتفاعات أدنى، في المقام الأول كراماتورسك ومن ثم على الأرجح سلوفيانسك.
وتحمل المدينتان قيمة كبيرة بالنسبة لموسكو، إذ قبل عقد سيطر انفصاليون موالون للروس لفترة وجيزة على المدينتين في بداية الاشتباكات مع كييف.
هنا يقول أنتون، إن روسيا تستخدم انطلاقا من هذا المبدأ "كثيرا من العديد والعتاد، كما أن هناك طيرانا مستمرا وقصفا مدفعيا". ويتابع الجندي المنضم للواء الهجومي الخامس، إن وحدته "صامدة" حتى الآن.
"أعنف المعارك"
والجمعة، قال مدوّنون عسكريون أوكرانيون وروس، إن القوات الروسية وصلت إلى ضواحي البلدة. لكن قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي قال السبت، إن "تشاسيف يار ما زالت تحت سيطرتنا، كل محاولات العدو لاقتحامها باءت بالفشل".
وأوضح أن البلدة تشهد واحدة من "أعنف المعارك"، إذ تحاول القوات الروسية "كسر" الدفاعات الأوكرانية.
ولم يشأ رئيس السلطات المحلية في تشاسيف يار سيرغي تشاوس، التعليق على المسائل العسكرية، لكنّه قال في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إن الأوضاع باتت أكثر خطورة في الأسبوعين الأخيرين.
وأورد تشاوس "في السابق كان الهدوء يخيم للحظات في المدينة، لا هدوء حاليا... إطلاق النار متواصل".
وفي الوقت الحالي، من الصعوبة بمكان توفير رعاية طبية طارئة للجنود في حال إصابتهم في تشاسيف يار، وقد يصبح الوصول إلى نقطة مستقرة يمكن فيها توفير العلاج الأساسي قبل الإجلاء، أمرا مستحيلا.
وقال مسعف في منشأة تم نقلها لخارج البلدة، في تصريح لـ"فرانس برس"، إن فرق الإجلاء لم تعد تتوجّه إلى تشاسيف يار، لأن الأمر بغاية الخطورة.
وقالت المسعفة ناديا البالغة 24 عاما: "في حال تم إجلاؤهم (الجنود المصابون)، فإن ذلك يتم بالسيارة". وأوضحت أنها شاهدت جنودا مصابين يمشون لساعات، "لأن لا خيار آخر للخروج من تلك المواقع".
لدى عودته من مناوبة قرب المدينة، قال سيرغي البالغ 25 عاما إن الوضع في تشاسيف يار "بات أكثر صعوبة بكثير".
استراتيجية جديدة
لكن اللافت هو استخدام الروس للمسيرات بشكل أكثر كثافة، إذ يقول الجندي سيرجي "حاليا يتم تشغيل كثير من المسيرات"، مشيرا إلى مسيرات من طرازي "مافيك" و"فيرست بيرسن فيو" تعمل "ليلا ونهارا".
وقال رفيقه ييغور، إن هذه المسيرات أكثر دقة، ما يجعلها أكثر إثارة للرعب من المدفعية.
وأوضح الجندي البالغ من العمر 27 عاما، أن "المسيّرة تستمر بالتحليق إلى أن تقضي عليك أو تسقط على مقربة منك لتصيبك بجروح بانتظار وصول مسيّرة أخرى".
وأضاف "الأولى تؤدي إلى شلك، والثانية تسقط لتقضي عليك".
ولفت ييغور إلى أن القوات الروسية تستخدم مواردها على نحو أكثر عقلانية، مما كانت تفعل في المعارك في بداية العملية العسكرية في العام 2022.
ويوافقه الرأي بوغدان وهو جندي يبلغ 21 عاما، إذ يقول "إنهم يتعلمون، لقد تعلموا، ليسوا أغبياء.. الجيش ليس نفسه مقارنة بالعام 2022".
لكن بعض الاستراتيجيات لا تزال على حالها، وفق جنود، إذ يذكّر الدمار اللاحق بتشاسيف يار بمعارك روسية سابقة سوّت مدنا أرضا.
ويقول سيرغي "يدمرون كل شيء، ومن ثم يجلسون لوحدهم بين الأنقاض".
قبل أن يلتقط تشاوس طرف الخيط ويقول "لم يسلم مبنى واحد من" الأضرار، قبل أن يضيف "المدينة التي كان عدد سكانها يبلغ 13 ألفا قبل الحرب لم يبق فيها سوى 770 شخصا".
وبالنسبة للجندي سيرغي، من شأن سيطرة روسيا على تشاسيف يار أن تعرّض سكان المناطق الأقل ارتفاعا لمزيد من القصف.
وأضاف "هناك أناس وأطفال. وما دامت (تشاسيف يار) صامدة، فإنهم سيستمرون في العيش هناك".
والأربعاء الماضي، لاحظ معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث عسكري في واشنطن يراقب الصراع، أن روسيا بدأت في إرسال المزيد من الدبابات ومركبات المشاة القتالية للمشاركة في هجماتها على طول الخطوط الأمامية.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز