أوكرانيا تضرب «الوتر الحساس» لروسيا
بينما يتصدر التوغل الأوكراني المفاجئ في كورسك الروسية عناوين الأخبار، تواصل كييف ضرب "الوتر الحساس" لموسكو.
في بروليتارسك، وهي مدينة تقع في منطقة روستوف الروسية، كانت صهاريج ضخمة تحترق بشكل لا يمكن السيطرة عليه لمدة أربعة أيام بعد أن اصطدمت طائرات بدون طيار أوكرانية بأكثر من 70 خزانا ممتلئا بالديزل والبنزين.
ووفقا لبعض التقديرات، التي تحدثت عنها مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية"، يمكن أن تحرق النيران ما يصل إلى 200 مليون دولار من الوقود الروسي.
وبين عشية وضحاها يوم الثلاثاء، شنت أوكرانيا واحدة من أكبر هجماتها حتى الآن على موسكو، وعلى الرغم من إسقاط معظم تلك الطائرات بدون طيار والصواريخ، إلا أن كييف بدت وكأنها أشعلت حريقا آخر في مصفاة تعرضت للقصف كثيرا في نوفوشاختينسك بمدينة روستوف.
وتقول أوكرانيا إنها هاجمت منذ بداية العام الجاري، بنجاح، أكثر من 30 منشأة نفطية روسية، بعضها في العمق.
وتشير أحدث التقديرات إلى أن حوالي 17 في المائة من قدرة تكرير النفط الروسية تضررت إلى حد ما بسبب الضربات، بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في "فورين بوليسي".
ولكن على نطاق أوسع، تواصل روسيا تصدير كميات هائلة من النفط وحتى كمية لا بأس بها من الغاز الطبيعي، مما يضمن استمرار عائدات النفط في تغذية جبهات الحرب الخاصة بها.
معركة الطاقة
وترى "فورين بوليسي" أن الهجمات الصغيرة التي تشنها أوكرانيا على البنية التحتية النفطية الروسية، هي جزء من أحدث معركة طاقة متبادلة في حرب الطاقة الأطول أمدا والأقل عنفا التي خاضتها الدولتان لسنوات، وخاصة بشأن إمدادات الغاز الطبيعي وأسعاره.
من بعض النواحي، تعد معركة الطاقة مكملا للقتال في ساحة المعركة. فقدرة كييف على إلحاق الضرر (حتى لفترات قصيرة من الزمن) بمصافي التكرير ومستودعات الوقود الروسية تهدف جزئيا إلى تقويض الخدمات اللوجستية للجيش الروسي، الذي لا يزال يحتل مساحات كبيرة من جنوب وشرق أوكرانيا.
وتشير المجلة الأمريكية إلى أن تفجير المنشآت الباهظة الثمن في عمق روسيا يشكل أيضا نعمة نفسية لأوكرانيا، التي كانت في حالة تراجع إلى حد كبير منذ أوائل عام 2022.
وفي الوقت نفسه، يهدف التدمير المنهجي لشبكة الطاقة الكهربائية الأوكرانية من قبل روسيا إلى تقويض الروح المعنوية المدنية والقدرة على الصمود قبل الشتاء. وفق المصدر.
وكان البيت الأبيض قد حذر كييف في البداية من ضرب المنشآت النفطية الروسية، خوفا من الانتقام الروسي بالإضافة إلى ارتفاع غير مريح في أسعار النفط والبنزين قبل الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
لكن أوكرانيا واصلت المضي قدما على الرغم من ذلك، كما فعلت مع توغل كورسك الذي بدأ في السادس من الشهر الجاري.
هل ستؤثر الهجمات على الاقتصاد الروسي؟
بيْد أن السؤال المثير هو: هل تُحدث كل الانفجارات الهائلة في المصافي ومستودعات الوقود فرقا كبيرا في اقتصاد روسيا القائم على النفط؟.
للإجابة على هذا السؤال، يقول سيرجي فاكولينكو، الخبير في مجال الطاقة في مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا "نعم، هناك بعض الأضرار الاقتصادية والفائدة الصافية من حيث التكلفة. ولكن الضرر الذي لحق قصير الأمد وسهل الإصلاح نسبيا".
لكن هل سيخلّف ذلك تأثيرات جذرية على عائدات النفط الروسية؟ ربما لا. يجيب فاكولينكو الذي أوضح أن الطائرات بدون طيار لا تستطيع أن تفعل ما لم تتمكن العقوبات من تحقيقه".
في بعض الحالات، كما يقول فاكولينكو، قد لا تكون المنشآت النفطية التي تستهدفها أوكرانيا، والتي تم اختيارها لأنها ضمن نطاق سهل للطائرات بدون طيار، هي العلامات الحرجة التي تتخيلها كييف.
ولفت إلى أنه تم بناء العديد من المصافي القديمة في غرب روسيا للاستفادة من ثغرات الجمارك التصديرية التي جعلت من تصدير المنتجات النفطية المكررة بالكاد، حتى تلك ذات الجودة المنخفضة للغاية، أكثر فائدة من تصدير النفط الخام العادي.
ويضيف فاكولينكو، الذي كان في السابق مسؤولا تنفيذيا للنفط في شركات روسية ودولية، "قد لا تكون هناك فوائد لضرب هذه المصافي كما يعتقد الأوكرانيون".
في بداية هذا العام، بمجرد أن حصلت أوكرانيا على طائرات بدون طيار وصواريخ محلية الصنع يمكنها أن تضرب عميقا في روسيا، بدأت في ضرب منشآت النفط بشكل منهجي.
وردا على ذلك، كثفت موسكو حملتها ضد شبكة الطاقة الأوكرانية، حيث تم تفجير أكثر من نصف قدرة توليد الكهرباء في أوكرانيا أو إتلافها، وهي مشكلة ضخمة مع اقتراب فصل الشتاء، بحسب فورين بوليسي.