"مكالمات الموت".. كيف أنهت الهواتف حياة عشرات الجنود من روسيا وأوكرانيا؟
في وقت مبكر من حرب أوكرانيا أجرى بعض المقاتلين الروس الذين كانوا يحاصرون العاصمة كييف مكالمات بهواتفهم الخلوية، ورفعوا مقاطع فيديو على منصة "تيك توك"، مما كشف مواقعهم للمتنصتين الأوكرانيين.
واستخدم الأوكرانيون إشارات هواتفهم المحمولة لإطلاق الصواريخ على مواقعهم لأغراض مدمرة، بحسب رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.
والآن، بعد حوالي العام وبالرغم من حظر استخدام الهواتف المحمولة الشخصية لا يزال الجنود الروس في منطقة الحرب يستخدمونها لمهاتفة زوجاتهم، وصديقاتهم، وآبائهم، وبعضهم البعض، ولا يزالون يعرضون أنفسهم للهجمات الأوكرانية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وبعد ضربة أسفرت عن مقتل العشرات -وربما المئات- من الجنود الروس هذا الأسبوع، أحد أعنف الهجمات منذ بداية الحرب، أقر الجيش الروسي بالمشكلة، مستخدما إياها لتفسير الخسائر الفادحة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية خلال بيان: "من الواضح بالفعل أن السبب الرئيسي فيما حدث تضمن الاستخدام الكبير بما يتعارض مع الحظر للهواتف الشخصية في نطاق أسلحة العدو"، مشيرا إلى أن بيانات الهواتف الخلوية سمحت لأوكرانيا "بتحديد إحداثيات مواقع عناصر الخدمة العسكرية لتوجيه ضربة صاروخية".
وقال مسؤول أوكراني ومجموعة من المدونين الروس الموالين للحرب إن عوامل أخرى ساهمت في الضربة، وإن الوزارة كانت تحاول إبعاد اللوم عن القادة العسكريين بإلقائه على الجنود.
وأشاروا إلى أن القادة الروس وضعوا عددا كبيرا من القوات معا بدلا من تفريقهم، حيث تمركزوا قرب الذخيرة التي انفجرت في الهجوم، وفشلوا في إخفاء تحركاتهم بصورة كافية.
لكن، بحسب "نيويورك تايمز"، أصاب استخدام الهواتف الشخصية كلا من أوكرانيا وروسيا على وجه التحديد طوال فترة الحرب، مما ترك الجنود مهددين من قطعة تكنولوجيا، بالرغم من أنها عادية وواسعة الانتشار بالحياة اليومية، ولكن يمكنها أن تشكل خطرا وجوديا في الحرب الحديثة.
وقال المسؤولون الأوكرانيون إن القوات المدعومة روسيا استخدمت بيانات الهواتف المحمولة لاستهداف الجنود الأوكرانيين منذ عام 2014 على الأقل، عندما بدأ الانفصاليون الموالون للكرملين قتال القوات الأوكرانية شرق البلاد.
وأظهر الانفصاليون بعضا من أحد أشكال الحرب الإلكترونية لموسكو، بحسب المسؤولين الأوكرانيين، وبدأ الجنود الأوكرانيون يؤمنون بأنهم يتعرضون للاستهداف بسبب استخدام الجنود -غالبا في مجموعات- هواتفهم على مقربة من بعضهم البعض.
وبعد ذلك بحوالي العقد، شحذت كل من روسيا وأوكرانيا مهاراتهما في استخدام إشارات الهواتف الخلوية واللاسلكية كأداة استهداف فعالة. وفي حين تتبع بعض الوحدات الروسية والأوكرانية قواعد صارمة وتتأكد من عدم وجود الهواتف الخلوية قرب مواقع الخطوط الأمامية، تظهر المنشورات عبر الشبكات الاجتماعية من ساحة المعركة أن الهواتف الخلوية شائعة بين الجنود من كلا الجانبين، وأن جهود إبعادها غير متكافئة في أحسن الأحوال.
ولم يتضح حجم الخسائر الأوكرانية الناجمة عن ذلك، لكن يبدو أنها أقل جسامة من الخسائر الروسية.
وتظهر الحوارات التي أجرتها الصحيفة الأمريكية مع الجنود الروس والمكالمات الهاتفية المسجلة التي اعترضتها سلطات إنفاذ القانون الأوكرانية طوال الحرب وحصلت عليها "نيويورك تايمز" أن القادة الروس حاولوا، مرارا، إبعاد الهواتف عن ساحة المعركة.
وقبل الحرب مباشرة، طلب من الجنود الروس المتمركزين في بيلاروسيا التخلي عن هواتفهم، بحسب ما قاله جنديان خلال مقابلات، وفي المكالمات التي تم اعتراضها يمكن سماع جنود روس يقولون إن القادة صادروا هواتفهم في فبراير/شباط.
لكن كما هو الحال في كثير من الأحيان، وجد الجنود سبلا للتحايل على القواعد، وفي عدة مكالمات تم اعتراضها يمكن سماع الجنود الروس يشكون من أنهم لم يثقوا بقادتهم أو شعروا بأنهم تخلوا عنهم، قائلين إنهم لا يبالون بالقواعد، وفق الصحيفة.
وأدلى بعض الجنود الروس بتصريحات أظهرت أنهم كانوا مدركين لاحتمال أن تكون الاستخبارات الأوكرانية تستمع إلى مكالماتهم، وأنه يجب عليهم اختيار كلماتهم بعناية، لتجنب كشف مواقعهم، لكن لم يبد أن الجنود يعلمون أن بيانات الهواتف الخلوية وحدها يمكنها كشف مواقعهم.
وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون حاليون وسابقون إن بعض الجنرالات الروس تحدثوا عبر هواتف وأجهزة لاسلكية غير آمنة، مما مكن الأوكرانيين من تحديد موقع وقتل ما لا يقل عن جنرال واحد وطاقمه عبر اعتراض مكالمة.
لكن بحسب محللين، غير الجنرالات تكتيكاتهم بعد تلك الضربات، ويبدو أن القادة رفيعي المستوى يستخدمون اتصالات مؤمنة أكثر من الجنود العاديين، بحسب ما أظهره تحليل لسجل المكالمات، وفق نيويورك تايمز.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuNTIg جزيرة ام اند امز