«القاتل الآلي».. المسيرات تهدد مستقبل الأمن العالمي

تعد المسيرات وهي أسلحة ذاتية التشغيل رخيصة، وقابلة للتطوير الخطر القادم الذي يجب أن يحفز إعادة النظر عالميًا في الأمن.
بنقرة واحدة على الشاشة، انطلقت طائرة "غوغول-إم" ذات الأجنحة الثابتة، من مكانٍ مجهول وقطعت مسافة 200 كيلومتر داخل روسيا قبل أن تُطلق طائرتين هجوميتين مُعلقتين بجناحيها أصغر حجما لتعثر تلقائيا على هدف قبل أن تحدد مسارها لتدميره دون توجيه من أحد، حيث اقتصر التدخل البشري على تعليم المسيرة نوع الهدف المراد تدميره والمنطقة العامة التي يجب البحث فيها.
وبلغت تكلفة المسيرة القابلة لإعادة الاستخدام 10 آلاف دولار حيث نفذت مهمة كانت تتطلب في السابق أنظمة صاروخية بتكلفة تتراوح بين 3 و5 ملايين دولار وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، التي أشارت إلى عملية "شبكة العنكبوت" المذهلة التي نفذتها أوكرانيا بواسطة 117 مسيرة لتدمير قاذفات روسية كمثال آخر للقدرات الهائلة للمسيرات.
وفي ظل سباق روسيا وأوكرانيا، تقوم الولايات المتحدة والصين بتطوير الأنظمة غير المأهولة الأكثر تطورا في العالم.
ومن المقرر أن يُسلّم برنامج وزارة الدفاع الأمريكية المعروف باسم "ريبليكاتور 1" عدة آلاف من أنظمة التحكم الذاتي متعددة النطاقات بحلول أغسطس/آب 2025.
وأفادت التقارير بأن المهمة الأولى لحاملات المسيرات الصينية "جيو تيان" وشيكة ويقال إنها قادرة على حمل ما يصل إلى 100 مسيرة.
ومع استمرار السباق بين روسيا وأوكرانيا لتطوير المسيرات، قالت كاترينا ستيبانينكو، نائبة قائد الفريق الروسي والمحللة في معهد دراسات الحرب، إن الأمر سيستغرق وقتًا حتى يتمكن كلا الجانبين من الارتقاء بمستوى الاستقلالية.
وأضافت أنه "لا يزال جانب التفكير المستقل مفقودًا بشكل كبير.. التفكير المستقل الذي يسمح للمسيرة، بمفردها، بتحديد هدف والتعلم من تلك التجربة.. وهنا لا تزال القوات الروسية والأوكرانية تحاول العمل مع التكنولوجيا ومواصلة الابتكار".
وتشمل الاعتبارات المتعلقة بتطوير التفكير المستقل للمسيرة تجنب النيران الصديقة أي تجنب أن تهاجم الأنظمة غير المأهولة صانعيها.
ويثير تطوير المسيرات قلقا متزايدا حول العالم وفي اجتماع استشاري للأمم المتحدة استمر يومين في نيويورك حول الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل في مايو/أيار الماضي، قال وزير خارجية سيراليون، موسى كابا، "إن انتشار أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل يُجبر المجتمع الدولي على مواجهة معضلة أخلاقية وقانونية جوهرية. هل يُسمح للخوارزميات أن تقرر من يعيش ومن يموت؟".
وعلى مدار 8 سنوات، يجتمع الدبلوماسيون العاملون تحت رعاية اتفاقية الأمم المتحدة بشأن أسلحة معينة في جنيف لمناقشة الأمر بهدوء والتوصل إلى قرار بالإجماع حول كيفية تكيف القانون الدولي مع تزايد الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل.
وتشمل الأسئلة المطروحة للنقاش مستوى التدخل البشري الذي يجب الإصرار عليه، ومن يجب محاسبته عندما يرتكب روبوت "جريمة فظيعة".
لقد كانت هذه الممارسة عقيمة إلى حد كبير فلم يتم التوصل لاتفاق بعد على تعريف للسلاح الفتاك ذاتي التشغيل، ناهيك عما يجب حظره وما يجب تنظيمه.
وأعربت نحو 120 دولة عن دعمها لمعاهدة جديدة مشابهة لمعاهدة حظر الألغام المضادة للأفراد لعام 1997 التي حظرت استخدامها وإنتاجها ونقلها وتخزينها.
ويقول ألكسندر كمنت، مدير إدارة نزع السلاح وتحديد الأسلحة ومنع الانتشار بوزارة الخارجية النمساوية "إن دمج الاستقلالية في أنظمة الأسلحة يسير بوتيرة سريعة للغاية.. معظم ما نراه في أوكرانيا لا يزال غير مستقل تمامًا، ولكنه في طريقه إلى ذلك".
وأضاف: "ترغب الغالبية العظمى في رؤية مفاوضات بشأن صك ملزم قانونًا في أقرب وقت ممكن.. الغالبية العظمى، مثلنا، ستكون سعيدة للغاية إذا انتقل فريق الخبراء في جنيف من المناقشات إلى المفاوضات على وجه السرعة."
وإذا تم التخلي عن محاولات التوصل إلى توافق في الآراء، فمن الممكن أن يتم اعتماد المعاهدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية بسيطة من أصوات الدول الأعضاء.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن دعمه، قائلاً إن الأسلحة ذاتية التشغيل تُعدّ "قضيةً حاسمةً في عصرنا"، وأنه ينبغي إبرام صكٍّ ملزم قانونًا بحلول 2026.
وأضاف أن التهديد الذي تُشكّله أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل الفتاكة، وهي آلات "تتمتع بالقدرة والسلطة التقديرية على إزهاق أرواح البشر دون سيطرة بشرية، أمرٌ غير مقبول سياسيًا، وبغيض أخلاقيًا، ويجب حظره بموجب القانون الدولي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز