بعد الحرب.. «فخاخ موت» تهدد الأوكرانيين في «السيناريو الأفضل»

حتى لو توقفت الحرب في أوكرانيا الآن بفعل جهود تحقيق السلام، فإن خطرا محدقا سيظل يلاحق المواطنين لسنوات طويلة.

وأصبحت أوكرانيا اليوم واحدة من أكثر دول العالم تلوثًا بالألغام والمتفجرات، إذ تشير التقديرات إلى أن ربع أراضيها باتت مغطاة بمخلفات الحرب.

وفي مدينة شوستكا شمال شرقي البلاد، الواقعة على بعد أقل من 50 كيلومترًا من الحدود مع روسيا، يعيش السكان تحت تهديد مزدوج؛ فمن ناحية يتعرضون للقصف المستمر.

ومن ناحية أخرى، يواجهون خطر الألغام غير المنفجرة التي تنتشر في الطرق والغابات والحقول، وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.

ونقلت الصحيفة عن يليزافيتا كيسيليوفا (21 عامًا)، والمتخصصة في المتفجرات في مدينة شوستكا، قولها: "المسيرات الروسية تسقط ألغامًا الآن.. حتى لو لم تنفجر فورًا، يبقى احتمال انفجارها لاحقًا قائمًا".

وتتكرر هذه القصص المأساوية في جميع أنحاء أوكرانيا. فمثلا في جنوب البلاد وتحديدا في مدينة خيرسون، فقدت ليودميلا كريفوروتكو اثنين من أبنائها عندما اصطدمت سيارتهم بلغم زرعه الجيش الروسي المنسحب عام 2022.

وقالت لـ"الغارديان": "مات ابني وابنتي على الفور.. وأنقذنا أصغر أولادي لكنه لا يزال يعاني من إصابته".

وفي قرية نوفوغيريغيريفكا، اضطر المزارعون الأوكرانيون إلى إزالة المتفجرات من حقولهم قبل البدء في زراعة محاصيلهم.

ومنذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، جرى تسجيل نحو 1000 إصابة و359 حالة وفاة بسبب الألغام، بينهم 18 طفلًا.

ويقدر خبراء الأمم المتحدة وجود أكثر من مليون لغم منتشر في أوكرانيا إضافة إلى أعداد هائلة من القذائف غير المنفجرة والصواريخ والقنابل اليدوية التي خلفتها القوات الروسية.

ومؤخرا، انسحبت أوكرانيا من "اتفاقية أوتاوا" لحظر الألغام، وبررت ذلك بتهديدات روسيا.

وقال المسؤول عن عمليات نزع الألغام في كييف، أندري دانِك، "إزالة الألغام أولوية إنسانية، لكن في مواجهة تهديد غير متكافئ، نحن مضطرون للحفاظ على قدرات دفاعية كافية".

وفي الوقت نفسه، قد تلعب التوعية الشعبية دورا مهما في مكافحة هذا الخطر، إذ تنظم بعض المؤسسات مثل منظمة الصليب الأحمر الأوكراني حملات لتعليم السكان كيفية التعامل مع المتفجرات.

ومع ذلك، يظل تغيير السلوكيات أمرا شديد الصعوبة، خاصة بين الأطفال والمراهقين.

وقالت يليزافيتا كيسيليوفا المتخصصة في المتفجرات: "الناس يعتادون الحرب، طالما لم يتعرضوا لإصابة مباشرة.. لكن الأطفال والمراهقين يغامرون، وهذا يجعلهم الأكثر عرضة للخطر."